الإعلام تايم -الأخبار
تسعى أنقرة إلى إظهار حرصها على إنجاح المبادرات السياسية الساعية إلى إنهاء الحرب في سورية، على الرغم من تنسيقها وإشرافها المستمر على نشاط غرف عمليات الجماعات المسلحة، التي تعدّ لهجوم يستهدف عزل مدينة حلب، بالتوازي مع تحضيرات مباحثات أستانة. في المقابل، يعكس التنسيق العسكري والسياسي السوري ــ الإيراني المتزايد، استعداداً لجميع الاحتمالات في الميدان وعلى طاولة المباحثات. قبل أسبوعين على بدء المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة المسلّحة في العاصمة الكازاخية أستانة، كنتيجة لاتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وتركيا، تُنبئ جبهات الشمال الغربي السوري بتجدد المعارك بين الجيش السوري وفصائل "جيش الفتح" على جبهات ريف حلب، وسط معلومات عن نيّة تلك المجموعات الهجوم على طريق خناصر، التي تعدّ الشريان الحيوي للمدينة.
ومن غير المنطقي أن تكون الفصائل المسلّحة المحسوبة أو المقرّبة من تركيا، كـ"حركة أحرار الشام" و"حركة نور الدين الزنكي" وحتى "الحزب الإسلامي التركستاني" و"جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، التي تُعدّ نفسها لشنّ هجمات ضد الجيش على أكثر من محور، في وارد القيام بعمليات عسكرية كبيرة، من دون تنسيق مع الاستخبارات التركية، على الرغم من المواقف العلنية التي يطلقها المسؤولون الأتراك حول ضرورة الانخراط في الحلّ السياسي، والسعي لإنجاح مفاوضات أستانة.
وتشير المعلومات المتوافرة لدى الجيش السوري وحلفائه إلى نيّة المسلحين ومَن خلفهم تكرار الهجوم على مشروع الـ1070 شقّة وجمعية الزهراء في غرب مدينة حلب. غير أن الهجوم على غرب حلب لا يعدو كونه عملية تعمية على التحضيرات التي يقوم بها "الحزب الإسلامي التركستاني" في منطقتي الحصّ وتل الضمان، المشرفتين على طريق خناصر ــ حماة، للقيام بهجوم يقطع طريق حلب ويعزلها عن محافظات الوسط والعاصمة دمشق. ورصد اجتماع ظهر أول من أمس بين ضباط أتراك وممثّلين عن فصائل "جيش الفتح" في منطقة دارة عزّة في ريف حلب، بهدف الإعداد للهجومين، وسط تأكيدات تركية للمسلّحين بقرب الحصول على أسلحة جديدة ونوعيّة، تنفيذاً لوعودٍ سابقة تعود إلى ما قبل معركة حلب الأخيرة. وفي الوقت نفسه، نقل قائد "جيش العزّة"، الرائد المنشقّ جميل الصالح، تأكيدات تركية أخرى.
إلى مسلحي جبل الزاوية في ريف إدلب بقرب تسليم أسلحة جديدة، بغية إعادة فتح جبهات في ريف حماه الشمالي.
وليس خافياً أن تحرّكات الجماعات المسلّحة تحظى بتشجيعٍ قطري وسعودي كبيرين، في ظلّ غياب الدول الخليجية الداعمة للإرهاب عن مفاوضات الحلول وعن وقف إطلاق النار، الذي عقدته روسيا مع تركيا، بمعزلٍ عن شركائها الخليجيين. وتحمل المناورات التركية "المكشوفة" في الميدان، بما يناقض السعي لحلّ سياسي، الكثير من علامات الاستفهام. فإذا كان المطلوب من الضغط العسكري على الجيش الحصول على تنازلات في محادثات أستانة، فإن خطط قطع طريق خناصر أو الهجوم على جنوب غرب حلب تنذر بانهيار كامل للهدنة، بما لا يخدم المحاولات التركية للظهور كراعٍ للحلّ السياسي، بل على العكس، تثبّت الظهور التركي كشريك في الحرب، وسط انغماس عسكري في الشمال السوري والأحداث الأمنية الخطيرة التي يعيشها الداخل التركي، على وقع الضغوط الأميركية.
|
||||||||
|