الإعلام تايم- الديار

أين هم "العرب" في لقاء موسكو؟ أين هم في لقاء قازخستان؟ لا عرب...

"أتراك وإيرانيون يتفاوضون حول سورية". المايسترو الروسي يتقن إدارة الأوركسترا. يعرف جيداً، أين هي نقاط القوة، ونقاط الضعف، لدى كل اللاعبين على المسرح السوري. لكل منهم هواجسه الأخرى، والقاتلة...

لا بد أن يكون قد تناهى الى آذان العرب (الآذان الساهرة والآذان النائمة) ما قاله رجب طيب اردوغان في العرب أمام فلاديمير بوتين.

 

من زمان نعرف رأي سلاطين بني عثمان بنا، لكن الكلمات التي استخدمها السلطان النيو عثماني والنيو سلجوقي (ما دمنا نضطلع على أفضل وجه بدور النيوانكشارية) أثارت ذهول الرئيس الروسي...

لا بأس أن يكون قدري غورسل قد استعاد الأسطورة التركية التي تتحدث عن ذئبين راح كل واحد منهما يأكل الآخر حتى زالا من الوجود. انتهى بالقول أن "الذئب يأكل نفسه" في إشارة الى اردوغان. أما جيفري غولدبرغ فقد احتار في أمره "حيناً بقبعة الذئب وحيناً بقبعة الثعلب".

 

هكذا لم ير وزير خارجيته مولود شاويش أوغلو على المسرح السوري "حزب الله"، يطلب وقف دعمه وعدم مده بالسلاح. أهي رسالة الى العزيزة اسرائيل التي تلقت وعداً (ولعله اسوأ من وعد بلفور) بأن يكون لها دور فاعل في إعادة رسم الخارطة السورية أم هي رسالة الى بعض الأشقاء العرب الذين أغدقوا المليارات بـ"أننا لا نفاوض على رأس جبهة النصرة" الا مقابل رأس "حزب الله"؟

 

لا ريب أن معركة حلب كشفت الحساسية الجيوستراتيجية للدور الروسي في سورية. ليس سراً أن الكرملين أبلغ من يعنيهم الامر بأن بلاده جاهزة لأقصى الخيارات (العسكرية) اذا ما حاولت أي من الدول مؤازرة الفصائل التي تحتل حلب...

 

أرودغان الذي كشف عن أنيابه حين دعا الى إعادة النظر في مقررات مؤتمر لوزان (1923) أي إعادة الموصل وحلب (وحتى الاسكندرية وحتى صفاقس) الى السلطنة، كان قد تعهد لقادة المعارضة بأن الدبابات التركية على مسافة ساعة واحدة من ساحة السبيل في الشهباء. لا بل أن هناك في القاهرة من يتهم الرئيس التركي بأنه كان ضالعاً ومنذ نهايات عام 2010، في إعداد السيناريو الخاص بتفجير سورية، وقد كان واثقاً من أن أسابيع قليلة، وربما ساعات قليلة، تفصل بين بدء الانفجار وإزاحة "النظام"...

 

في القاهرة أيضاً يتهمونه بأنه هو من يحرض المملكة العربية السعودية ضد مصر، وحتى في المسألة الأكثر حساسية بالنسبة الى الأمن الاستراتيجي المصري، أي نهر النيل، لتتساءل الأوساط العليا في القاهرة عن خلفيات تطوير العلاقات بين الرياض وأديس ابابا، والى حد إيفاد وزير الى هناك للبحث في استجرار الكهرباء، وربما ما هو أبعد..

 

لسنا من القائلين بأنه كان هناك نظام عربي أو منظومة عربية لكي تنهار. كونسورتيوم قبلي وتتلاعب به الرياح وتتلاعب به الأصابع. ما يكتب الآن في بعض الصحف المصرية عن السعودية يكاد لا يصدق. زميل خليجي قال لنا أن السلطات في القاهرة تعتقل صحافياً و تضعه في زنزانة أن هاجم ضابط شرطة. هذه السلطات لا تحرك ساكناً حيث تشن بعض الصحف "حملات مجنونة" على كبار، كبار، المسؤولين في المملكة الزميل الخليجي لا يستبعد أبداً أن يعلن وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، في أي لحظة قطع العلاقات مع مصر، وأن كان يشير الى وساطة تقوم بها احدى دول مجلس التعاون، من أجل وضع حد لتدهور العلاقات.

 

مولود شاويش أوغلو لم يكشف كل أوراقه في لقاء موسكو. بين هذه الأوراق إقامة حكم ذاتي في بعض المناطق السورية (غير الكردية) وفي مقدمها ادلب، قنابل عثمانية على الخارطة السورية لتفجيرها في الوقت المناسب بالريموت كونترول التركي.

 

اردوغان (الذئب الذي يأكل نفسه) متى يدرك أن معركة حلب هذ الخطوة الكبرى نحو سورية لا نحو تركيا التي يجهد السلطان لتكون على قياسه حتى حين يكون عارياً...