وجهات نظر

فخّخوا أطفالكم!

خليل حرب


الإعلام تايم-السفير

"ما شاء الله... ما شاء الله" .. يردد الرجل المريض وهو يرسل طفلتيه الى الموت كعمل من أعمال "الجهاد"، وهو قابع في مخبأ ما.

 

غصة انتابت كثيرين بالأمس وهم يتابعون أهوال المشهد، ويختنقون بالتساؤلات والحيرة والذهول. لماذا لا يخرج هو لملاقاة "الكفار" كما يقول، لا نعرف. لماذا لا يغادر جبنه الى غزو عقر دار هؤلاء في دمشق، لا نعرف.

 

نعلم، مما شاهدنا من مجموعة فيديوهات مصورة، أنه حانق على "الكفار والروافض... والباصات الخضراء". ونعلم أيضاً أنه لا يشبهنا. لكن الطفلتين، فاطمة واسلام، تشبهان بناتنا. أما الخوف البادي على وجهيهما، فهو الشهادة على الانحدار الأكبر لهذا العالم الذي سمح لمثل هذا المجرم بأن يمجّد عهره بهذا الشكل.

 

هل منحتها الخيار لحياة أفضل لتنتظر منها جواباً آخر... جواب طفلة عادية ساذجة وبسيطة... حلم بالفراشات والألوان والأغنيات؟ ثم تتذرع بخالقك لتلقّنها فن الغزو وأنت ومن هم أمثالك تقبع في جحرك! أي خلق أو دين أو شرف، يجيز لك أن تسأل طفلة في السابعة من عمرها: "بدّك تسلّمي حالك يقتلوكي ويغتصبوكي الكفّار"!! من أي مدرسة خرجت أنت؟ من أي قمامة فكرية جعلتك قاتلاً سفاحاً يستلذ بأشلاء ابنته!

 

"الباصات الخضراء" جعلتك يائسا؟ ذريعة بلهاء لتدفع بفاطمة الى حتفها. ماذا سنقول عنك وأمثالك وهم لا يدخلون التاريخ سوى بشناعة ما يرتكبون؟ أنت تجسيد لكل ما لا تقبله ثورة ولا حراك ولا مطالب تغيير. أنت نقيضنا، أنت نقيض الحياة، أنت قابيل الأول، أو أكثر جرماً منه.

 

ما من حراك يفترض أنه "ثوري" أساء لنفسه أكثر مما فعلته الفصائل المسلحة في سورية" بنفسها. لم تعد الشواهد قليلة. لست بحاجة الى شركات الدعاية والترويج لتدمير "سمعة"، أفضل مما فعلته هذه "الثورة" بنفسها. جريمة تفجير مخفر الميدان في دمشق، لم تكن الأولى وربما لن تكون الأخيرة في مسار انحداري منذ ستة أعوام، من مطالب اكتست بنظر كثيرين في البدايات طابعاً شعبياً، سقوطاً نحو المذهبية والعنصرية والسادية في التلذذ في قتل الخصم وتصويره وحرقه واغراقه وتقطيعه ودهسه وشيّه! أما أن ترسل طفلتك الى موتها المحتوم، فليس بالإمكان أن يكون هناك ما هو أرذل من ذلك.

 

معركة حلب ضربة حاسمة في مسار مشهد الاحتراب السوري، وعلامة على تقهقر الإرهاب الممول إقليمياً ودولياً. عبدالرحمن شداد وزوجته "ام نمر" وهما تحثان طفلتيهما على الموت بتفخيخهما (فتموت فاطمة أشلاء وينقذ الخوف أختها إسلام)، التجلي الأخير لخسّتنا.. لسقوطنا الأخلاقي وعجز السماء أمام بشاعتنا.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=42205