وجهات نظر

باختصار : كيف لكم أن تقتلوا جنودكم ؟!

زهير ماجد


الإعلام تايم-الوطن العمانية

كيف يتقبل العقل الواعي قتل أخ جندي من أبناء وطنه .. سمعت ترديدات لبعض المسلحين الخارجين من شرق حلب وهم يقولون إنهم عائدون للقتال، قتال من أيها المأجورون؟ ضد جيشكم الوطني الذي كان يقود معركة تحرير سورية، ومن أجل فلسطين، وللحفاظ على لبنان موحدا، وليظل الجيش الأول في جيوش الأمة.

مرة يقتلون جنوداً من مصر ، ومرة من لبنان ، ومرات من ليبيا ، ومرات المرات من سورية .. كيف يسمح هذا الإرهابي ليده أن تستهدف جندياً من بلاده، وكيف لضميره إذا كان موجوداً لديه، أن ينام في العشية مرتاحاً بلا خلجات قلب على ما فعله، وبلا تأنيب، بدون مراجعة حساب لسفاحته التي لا يقبلها عقل ولا قلب ولا إحساس، والإسلام منه براء، وكل الأديان كذلك، بل الإنسانية أيضاً.

كل الذين قاتلوا الجيش اللبناني إبان الحرب الأهلية في لبنان، أصابهم الندم الشديد وصاروا يخجلون من أنفسهم كلما رأوا جندياً أو حتى بذلة جندي معروضة في حانوت. هم قالوها علانية، وأمام الملأ، كيف سنكفر عن ذنب كبير علق بنا طوال العمر وحتى الممات، لأننا قتلنا جندياً أو جرحناه أوخدشناه، وهو الذي رهن حياته للدفاع عن البلاد بكل قيم التضحية والوفاء لها.

إنهم يرددون العودة إلى حلب لمقاتلة الجيش العربي السوري، وفي سيناء ينخر رصاص الإرهاب صدور إخوتنا الجنود والضباط، واليوم في ليبيا وفي اليمن. أليس من شغّل هؤلاء الإرهابيين على علم بما فعله من أجل أن يحيد البندقية عن هدفها السامي والأسمى وعن حقيقتها التي يجب أن يكون توجهها. ولهذا لم نسمع من يطالب بتحرير فلسطين، بتوجيه الرصاص إلى الإسرائيلي، بتوفير كل الأسباب لمقاتلته، وهو الجهاد الأكبر في كل الأحوال.

نخسر هؤلاء الشباب الذين يترجمون خطأ معنى أهداف بنادقهم، وهم لا يعلمون كيف تم التلاعب بعقولهم، وبغسلها من كل حس وطني، لتصبح ضد وطنها ومن ثم تتحول إلى عصابة قتل وسرقة وتدمير. كان يمكن لهذه القوة أن تغير وجه المنطقة لو أنها انتظمت مع جيشها العربي وبهذه الحماسة والهمة العالية، بمشروع  "الأمل"  الذي تتوهمه وهو سراب غير موجود ، تم نحته في العقول الشابة فصارت السيطرة عليها ومن ثم الاستدارة باتجاه معاكس للتاريخ.

كثيرا ما سألنا ونحن في عز الشباب عن أسباب الهزيمة التي وقعت في العام 67 فكان الرد علينا أن شبابكم بعيد عن دوره، فلا الأحزاب نجحت وأصابت، ولا الجيوش بمقدورها لوحدها أن تلعب دور التحرير. لقد اكتشف الغرب سبب شبابنا هذا فأخذوه الى طريقهم، الى ما رسموه لهم، الى خططهم الجهنمية، وعبر كلمات فضفاضة لا يفهمها العقل الشبابي بشكلها الاستقرائي ، مثل الجهاد وضد من، ومثل الشهادة ولماذا، ومعنى الحرية وكيف هي غير الفوضى .. جمل رنانة في العقل الصغير تجعله يدب بلا تفكير، فإذا بالبندقية في يده ورأسه محشو بالقاذورات وأوسخ الأفكار وأكثرها تغريباً.

لابد من عودة سليمة لشبابنا من المستنقعات التي علقوا بها، كي لا يقتلوا بلدهم حين يقتلون إخوتهم في الجيش.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=42097