وجهات نظر

إن حكى بكى...!!

نبيه البرجي


الاعلام تايم_الديار
...وقيل عن أبي الهول: إن حكى بكى!
بكى من أجل مصر الضائعة بين ثقافة العمامة وثقافة الخوذة، وبينها البطون الفارغة، أم من أجل تلك الكوميديا البشرية (التراجيديا البشرية) التي تمسك من المحيط الى الخليج...
البلاء العظيم، أي الاسلام السياسي، ولد في مصر على يد حسن البنا عام 1928. كل من قيل إنهم إصلاحيون، وبعضهم تعاطى مع النصوص كونها "حجارة الهية"، إنما كانوا ظواهر فردية لا تأثير لها، ومن محمد عبده الى رشيد رضا وغيرهما من اعتبر أن مصر بحاجة الى ثورة روحية، لا الى رجل آت من بلاد الارناؤوط ويدعى محمد علي باشا الذي كان أول من أرسل البعثات الى الغرب، أو الى رجل مثل طلعة حرب...
جمال عبد الناصر ظهر في تلك اللحظة التي لم تقرر فيما الولايات المتحدة أن تحل محل الامبراطوريات الاوروبية، في الشرق الاوسط،  بل أن تحل، وكما كتب كلود جوليان في موسوعته الرائعة، محل الله. هذا ما يحدث حتى الان...
ولهذا السبب يصرخ المعارضون السوريون أين أميركا؟ لكأنهم يصرخون أين جهنم، من صنع تلك الجهنم في سورية، ومن يصنع هذه الجهنم الآن في مصر؟
لا نتصور أن عبد الفتاح السيسي، بشخصيته المخملية، هو وحده الذي يحكم مصر. ثمة فريق من الضباط يقف وراء الرجل. هل من عبد الناصر آخر يظهر فجأة في الضوء لان الوضع في مصر لا يمكن أن يبقى على تدهوره الحالي؟
حتى يظهر ذلك الرجل (راجح... كما في الحكاية الرحبانية)، من هو البديل عن السيسي؟.
"الاخوان المسلمون" الجاهزون لتأجير ظهورهم، ورؤوسهم، وأسنانهم لأي قبعة أو لأي عباءة، وهم الذين استولوا على الثورة في مصر لكي يحولوا ذلك الحطام الايديولوجي، حطام سياسي والى حطام اقتصادي؟
في القاهرة يقولون إن مسلسل التفجير والذي بلغ ذروته مع تفجير الكنيسة القبطية في العباسية، انما يندرج في إطار سيناريو أعدته أجهزة استخبارات عربية وإقليمية من أجل تقويض النظام في مصر، وفي ضوء مواقفه حيال سورية، وانتهاجه سياسة متوازنة بين واشنطن وموسكو..
هذا لا يمنع من إبداء الاستغراب، كيف أن السيسي أعلن بعد الجريمة اسم الانتحاري، وكل التفاصيل المتعلقة به، ما يعني إدانة للاجهزة الامنية التي كان يفترض أن ترصد مسار ذلك الشاب صاحب السوابق والذي بدا التعذيب واضحاً على وجهه.
ما الجدوى اذا ما عرف الجاني بعدما نفذ العملية، وهل أن الترهل (والتدهور) وصل ايضاً الى المؤسسة الامنية التي طالما حكي عن براعتها على امتداد الاقليم؟...
العمليات التي نفذت على امتداد هذا العام كانت هائلة، والاستخبارات المصرية هي من تقول إن تنظيم الدولة الاسلامية ليس ظاهرة عشوائية او قبلية، ثمة دول وأجهزة دربت أفراد التنظيم في كل المجالات العسكرية والامنية، استخباراتياً، ولوجيستياً، وتخطيطاً، وعملانياً...
والاستخبارات اياها تتحدث عن البنية المعقدة للتنظيم الذي استقطب ضباطاً وخبراء واختصاصيين في التكنولوجيا العسكرية على أنواعها من أصقاع الدنيا، حتى ليحكى عن ضباط من القوقاز وآسيا الوسطى كانوا يعملون في الجيش السوفياتي...
في القاهرة يرددون أن الفوضى في ليبيا استبقيت هكذا لتوظيفها في الداخل المصري، من هنا المعلومات عن تنسيق بين القاهرة وموسكو لاعادة ترتيب الاوضاع في الداخل الليبي، وحيث تنشط أجهزة عربية واقليمية لتدريب عناصر مصرية وغير مصرية من أجل تنفيذ عمليات تعري نظام عبد الفتاح السيسي وتقضي عليه...
منطق الأشياء أن تكون الأزمة المصرية جزءاً من أزمة المنطقة، ولكن كلما تهالكت مصر كلمها تهاوى المحيط العربي. الآن حركة مناقلات (يحكى عن عمليات تطهير) واسعة داخل المؤسسة الامنية والعسكرية، فهل صحيح أن "الاخوان المسلمين" استغلوا الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي للتسلل الى داخل المؤسسات الحساسة...
بعد سورية والعراق، هل أتى دور مصر؟ السؤال تحديداً لأبي الهول...

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=42072