وجهات نظر

أيّ شرق أوسط بعد الآن؟

نبيه البرجي


الاعلام تايم_الديار
إلى اين تذهب بنا تلك الايديولوجيات المجنونة (الالهة المجنونة)؟ من عقود أجريت مقابلة مع الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي. نصحنا بـ"الامل" ولو كنا نلفظ أنفاسنا الأخيرة. لم يكن يدري أننا نلفظ أنفاسنا ما بعد الاخيرة.
غارودي لم يكن يقصد ما ذهب اليه فرانز كافكا في حديثه عن "الجثث الضاحكة" لان اليأس بات وراءها. الموت أصبح وراءها أيضا.
نحن ننصح باليأس حين يتحول الشرق الاوسط الى ما دعاه ريتشارد بايبسا بـ"الفردوس الاسود"، أي نوع من الالهة، أنصاف الالهة، يمسك بالمنطقة، ومن القاهرة حيث تدمير كنيسة للأقباط على رؤوس النساء والاطفال الى أسطنبول حيث تدمير حافلة تقل رجال الشرطة...
يتناهى الينا ذلك الكلام الديبلوماسي بأن هناك جهات عربية وإقليمية ليست راضية، بأي حال، عن سياسات و"تحولات" الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكما حدث في سورية، وكما حدث في العراق، يفترض أن يحدث في مصر. هكذا تتحول القارة العربية الى مقبرة جماعية، وهذا ما يتنبأ به حاخامات اسرائيل، بدءاً بزئيف جابوتنسكي وانتهاء بعوفيديايوسف...
يفترض بالماشيح المخلص ان يختال بين الجماجم. ذاك الآله الوثني يقول هذا، ولكن الا يقول أيضا أن بضعة من الناس فقط ينتظرون في الهيكل؟...
قمة واقع عربي تراجيدي بما تعنيه الكلمة، أصبح بوريس جونسون من يقف (استراتيجياً الى جانبنا، وبات جان - مارك ايرولت الذي لا يساوي رئيسه عود الثقاب هو من يوجه سياساتنا. غريب أن الاوروبيين، وبالرغم من كل الصدمات، وبالرغم من كل الازمات (البنيوية) لم يتخلوا عن لغة القرن التاسع  عشر، نحن جماعة القرن التاسع عشر قبل الميلاد.
الكلام الديبلوماسي إياه يؤكد أن مسلسل العنف في مصر الى تصاعد، والى حد الكلام عن ان التنظيمات الارهابية التي باتت تحتضن الالاف من "الاخوان المسلمين" اخترقت حتى الاجهزة الامنية والعسكرية.
امرأة نجت من الانفجار قالت إنهم فتشوها حين دخلت الى القداس، فكيف تم تهريب 12 كيلوغراماً من الـ"تي.ان.تي" الى دخل الكنيسة؟ بمرارة يضحكون في القاهرة، لعل رجال الامن لم يفتشوا الكاهن الذي ترأس القداس وعشية أيام الاعياد.
الارهاب لم يعد يقتصر على شبه جزيرة سيناء التي بدت وكأنها تنفصل تدريجياً، عن مصر، أنه يضرب في قلب القاهرة التي يحكى بأنها باتت موطئاً، وموطئاً، للخلايا النائمة التي تتلقى دعماً مالياً ولوجيستياً من الخارج.
لن نغفل ما حدث في مقاديشو، أكثر من معلق ليكودي في الولايات المتحدة تحدث عن "صوملة" العالم العربي، أين هي الضوابط الايديولوجية، والاستراتيجية،  للحيلولة دون ذلك ما دام هناك من لا يزال يبعث بالمال والسلاح الى سورية والعراق لكي لا يبقى حجر على حجر هناك..؟
هل سيبقى حجر على حجر في سائر أرجاء المنطقة؟ قيل أن المشكلة في سورية هي رأس الدولة. ولكن من هي المعارضة، وأين هي؟ من يصدق أن لوحا خشبياً مثل رياض حجاب يمثل سورية والسوريين؟
حتى هذه اللحظة لا يزال رجب طيب اردوغان يلعب بكل العرب، ليتبين في نهاية المطاف ان اجهزة استخباراته التي مضت بعيداً في تفكيك، بل في تفجير، سوريا والعراق، عاجزة عن وقف تفكيك، وتفجير، تركيا وحيث تم الزج بثمانين الف جنرال وقاض واكاديمي وصحافي في السجون من اجل ان يبقى السلطان على صهوة حصانه الخشبي...
هل يقرأ بعض العرب الذين يصرون على الذهاب باللعبة الدونكيشوتية، بكل أبعادها الدموية الى نهايتها، ما يكتب عنهم حتى في الصحف الاميركية. حديث عن اعتلال (واختلال) بنيوي قد يطيح في لحظة ما، بكل شيء، ما دمنا قد بنينا دولاً على الرمال، وعلى ثقافة الرؤوس المقطوعة والايدي المقطوعة لا على ثقافة الرؤوس المرفوعة والايدي المرفوعة.
وليتعامل معنا الغرب، على اننا جثث ضاحكة. اليأس وراءنا. الموت وراءنا أيضاً ماذا نقول... السيدة الحياة؟

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41986