وجهات نظر

أوباما وحلفه… تبادل أدوار الساعات الأخيرة.. لماذا!؟

عبد السلام حجاب


الاعلام تايم_الوطن
لاشيء يشير إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب ترامب الذي تفصله أيام قليلة عن دخوله رسمياً البيت الأبيض يبدي اكتراثاً بدرجة ما بمحاولات الرئيس أوباما وإدارته منتهية الصلاحية. وفقدت في الوقت المتبقي الكثير من قدراتها وصلاحياتها السياسية والعسكرية. عدا ما هو غير معلن، يمكن أن تقوم به حكومته السرية.
لكن المؤكد والمربك معاً أن اتصالات الرئيس المنتخب ترامب مع رؤساء آخرين أولهم الرئيس الروسي بوتين، وتصريحاته للإعلام الأميركي الذي لم يكن على علاقة ودية سابقة معه، قد تجاوز بموجبها ما يسعى إليه الرئيس أوباما قبيل مغادرته البيت الأبيض. وتتمثل قمة جبل الثلج فيها بما يلي:
1- محاولة إيجاد معوقات إضافية سياسية وغير ذلك تثقل كاهل سياسة ترامب وإدارته القادمة لمرحلة لاحقة قد يقصر زمنها أو يطول.
2- تأكيد حضوره كموجه وحيد لحلفه الداعم للإرهاب لطمأنة أطراف حلفه الغربيين والإقليميين والتابعين في السعودية ومشيخة قطر الذين أصابهم الذعر والهذيان من جراء الهزائم المتلاحقة لأدواتهم الإرهابية في حلب ومناطق سورية أخرى.
3- تبادل أدوار تعويضية مع أطراف حلفه الآخرين في داخل مجلس الأمن وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة بغية توفير حماية للإرهابيين بذرائع إنسانية ساقطة.
4- الاستمرار في سياسة المناورة وتزوير الحقائق لتشويه المواقف السورية والروسية تجاه محاربة الإرهاب وإحباط الصيغ المشبوهة لمكافأة الإرهاب على حساب السوريين والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن بدليل مناورات الوزير الأميركي كيري أمام الشريك الروسي المفترض بعد أن أصبح الإرهاب في حلب بين حدي الاجتثاث أو الترحيل، ولعله في الإطار ذاته أشارت "واشنطن بوست" إلى أن كيري لا يبالي بالأزمة الإنسانية المزعومة في حلب بل يخشى من أن الإدارة الأميركية القادمة بمقدورها إبرام اتفاق مختلف نوعاً ما مع موسكو من شأنه التخلي عن المآرب الغربية في إسقاط "الدولة السورية" وقال الكاتب مارتن بيرغر: إن التطورات التي تشهدها سورية وضعت واشنطن ودولاً أوروبية في حالة ذعر فهي تطورات من شأنها فضح الدور الحقيقي لأميركا وحلفائها الغربيين والإقليميين لدعم الإرهاب في سورية، وفي داخل مجلس الأمن وعلى منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
استنتاجاً، فإنها محاولات بائسة للرئيس أوباما وإدارته في الساعات الأخيرة تتطلب توزيع الأدوار بين أطراف حلفه الداعم للإرهاب في سورية للحيلولة ما أمكن دون الخسائر المتدحرجة واقعياً في الميدان. الأمر الذي حذرت من مخاطره سورية وروسيا وإيران سواء في المحافل الدولية أو في أي اجتماع آخر. وقد أبدت الخارجية الروسية استغرابها لدعوات فرنسا وبريطانيا إلى وقف العمليات التي يقوم بها الجيش العربي السوري للتخلص من الإرهابيين في أحياء شرقي حلب مشيرة إلى أنها دعوات مستميتة لإنقاذ الإرهابيين، كما أفصح عنها البيان الذي أصدرته الرئاسة الفرنسية عقب اجتماع عقدته ست دول هي أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا، وأكد ضرورة وقف العمليات تحت ذرائع إنسانية مختلفة ولم تكن بعيدة عن مقاصد هذا البيان صواريخ الكيان الإسرائيلي على مطار المزة العسكري غرب دمشق إنما تندرج ضمن المحاولات اليائسة لدعم المجموعات الإرهابية في سورية ورفع معنوياتها المنهارة.
بل يمكن لأي مراقب سياسي موضوعي ملاحظة جملة ألاعيب سياسية مناورة وإجراءات عملية أقدم على اتخاذها أوباما وإدارته وتفرض اتخاذها على دول في حلفه. ومن بين تلك الإجراءات والألاعيب السياسية:
1- إعلان الرئيس أوباما السماح بتوريد أسلحة لدعم الإرهابيين في سورية بما في ذلك أسلحة مضادة للطائرات، وقد حذر الوزير الروسي لافروف من هذا الإجراء ولا سيما بالنسبة للقوات الروسية العاملة في سورية والمنطقة مشيراً إلى أنها لن تؤثر على تقدم الجيش العربي السوري في أحياء شرقي حلب.
2- الاتفاق مع الجانب الروسي على متابعة اجتماعات الخبراء العسكريين والمستشارين السياسيين في جنيف رغم تراجع كيري عن بنود سبق أن أعلن تقديمها وتشجيع الوزير لافروف على متابعة الاجتماعات.
3- مشروع قرار تقدمت به كندا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة نيابة عن أميركا وحلفها الداعم للإرهاب بهدف توفير الدعم اللازم للتنظيمات الإرهابية والتي تواجه الهزيمة الحتمية في حلب وذلك تحت ذرائع إنسانية بغية إنقاذ الإرهابيين وأجندات مشغليهم وداعميهم وقد سبق أن صوتت كندا لمصلحة الكيان الإسرائيلي واحتلاله في الجولان السوري، ولم يكن خافياً أن كندا طرحت مشروعها في أعتاب المشروع الفاشل في مجلس الأمن الذي أسقطه الفيتو الروسي الصيني المزدوج.
ولعله استكمالاً للخيبة ومداراة للعجز أنهى اجتماع باريس للدول الراعية للإرهاب أعماله الاستعراضية لحماية ما تبقى من الإرهابيين في الأحياء الشرقية من حلب، في وقت يتابع الجيش العربي السوري والقوات الرديفة والحليف الروسي تطهير مسافة ثمانية الكيلومترات المتبقية من شرقي حلب.
ما يعني أن عملية تبادل للأدوار لا تأخذ باعتبارها تطبيق قرارات الشرعية الدولية في محاربة الإرهاب وتنسيق الجهود دون معايير مزدوجة مع الحكومة السورية والحليف الروسي في السياسة والميدان فإنها محاولات تستطيع أن تزرع الريح لبعض الوقت لكنها لن تحصد غير العاصفة، ولعل مقدماتها بدأت بالظهور من خلال التصريحات والتوجيهات لتحرك الرئيس المنتخب ترامب المقبل وأحدثت خللاً لدى الدول الداعمة للإرهاب.
بدت مؤشراته في الانتخابات الفرنسية الرئاسية وواقع الهذيان لدى العثماني أردوغان والارتماء الفاضح لدول الخليج ولاسيما السعودية وقطر في حضن التاج البريطاني ورئيسة الحكومة تيريزا ماي ووزير خارجيتها المهزوز.
وعليه فإن المبعوث الدولي دي ميستورا الذي دعا إلى استئناف العملية السياسية في جنيف من دون تحديد موعد على أمل استبيان موقف إدارة ترامب في واشنطن فإنه يعلم قرارات مجلس الأمن المفترض العمل في إطارها حيث يحدد القرار 2253 الالتزام بمحاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله وتجريم التعامل مع الإرهاب. كما ينص القرار 2254 على حق السوريين وحدهم في تقرير مستقبلهم بقيادة سورية من دون شروط مسبقة أو تدخل خارجي ولا مكان للإرهابيين على طاولة جنيف.
وهي قرارات واضحة باتجاه الحل السياسي للأزمة في سورية، لن تقبل سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد العبث بها أو اللعب على مفرداتها وذلك بالتوازي مع مسار محاربة الإرهاب حتى القضاء عليه باعتباره الخيار الوطني للسوريين جيشاً وشعباً الذي تعززه المصالحات، مهما حملت الساعات الأخيرة من تبادل أدوار مشبوه أو هذيان مسعور بتصاعد ضجيجه في هذا المحفل أو ذاك، وقراءة المشهد ومعطياته تؤكد أن نصر السوريين قادم لا ريب فيه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41945