وجهات نظر

ما وراء وما أمام...حلب


الاعلام تايم_الديار

هكذا يختزل زعيم حركة "أحرار الشام" الحالة التي انتهت اليها فصائل المعارضة في حلب "لقد نقضنا العهد مع الله". اما ما هو ذاك العهد، فالنازحون من الاحياء الشرقية يفسرون ذلك "أن نكون في منزلة بين المنزلتين، إما الاقبية أو القبور".
الفصائل التي تحولت الى عصابات، وكل فصيل له فقهاء يوغلون في تأويل النصوص بتلك الادمغة، وبتلك العيون، الصدئة. كل يتفهم البنية الايديولوجية للدولة العتيدة على طريقته بحيث يتحول كل حي، وكل قرية، الى دولة وتقاتل (حتى يوم القيامة) الدولة الاخرى.
الذين يصرخون من أجل المدنيين في حلب، ومن أجل الاطفال في حلب، الا يدركون من هم الذين "استولوا" على هؤلاء المدنيين، وحولوا حياتهم، ومنازلهم الى خراب؟
ثم لماذا كل ذلك الصراخ من أجل الناس في حلب وحدها، ولا تتناهى الينا صرخة واحدة من أجل الناس في الموصل، ما دامت أميركا هي التي تقدر عملية تحرير المدينة، ومن أجل الناس في المدن والبلدات السورية التي اجتاحتها الانكشارية العثمانية بعدما ضربتها بالدبابات وبالمدفعية الثقيلة؟
لواء التوحيد هو الذي غزا حلب عام 2012 لتزيله الاستخبارات التركية، بالتنسيق مع استخبارات عربية، من المشهد السوري، وتسلم الشهباء الى الفصائل التي تعمل بأوامر من داخل الحدود التركية...
الخبراء العسكريون لاحظوا أن تلك الفصائل التي ساندها مستشارون أتراك وأردنيون حاولوا التموضع في نقاط يمكنهم عبرها السيطرة على كامل المدينة، ودون أن يفقه رجب طيب اردوغان أن اللعبة الدولية وضعت أمامه خطوطاً معينة لا يستطيع تجاوزها.
استطراداً باستطاعته أن يمثل أجزاء من حلب إما أن يضع اليد على حلب، باتجاه وضع اليد على دمشق "وهذه هي جدلية المدن في سوريا) فقد كان هذا محظوراً، مع ان الرئيس الاميركي (الخادع والمخدوع" أوهم دولة عربية كبرى بأن حلب بأسرها ستكون في قبضته قبل نهاية عام 2012،  على أن تعلن عاصمة لسورية وتشكل فيها حكومة سوريا الحرة...
جورج صبرة، وقد تهدل شارباه أكثر فأكثر، وقد تهدلت لغته أكثر فأكثر، غاضب على اميركا لعدم تدخلها و"إزاحة النظام". ببساطة متناهية (او لا متناهية) هل يتصور الاستاذ جورج، صديقنا القديم، أنه لو قام نظام بديل سيكون له موطئ قدم في هذا النظام، وحتى ولو كان موطئ قدم... لذبابة؟
كنا نتمنى عليه أن يفعل مثلما فعل غيره من "الاوادم" والمثقفين، وأصحاب الادمغة المنفتحة، ويبتعد عن تلك المعارضات الرثة، ويبني مقاربة جديدة للوضع لا تستوحي ما تقوله مادلين اولبرايت (وزيرة خارجية سابقة) وما يقوله ستيفن هادي (مستشار سابق للامن القومي) حول تدمير طائرات "النظام" الذي يغدو، في هذه الحالة، في الزاوية ويتم القضاء عليه بفرشاة الاسنان.
غريب أن يفكر مسؤولون اميركان بتلك الطريقة الساذجة، وأن يستعيدا ليلته التوماهوك التي لم تحدث، وبعدما تحولت سورية الى مسرح كبير للعبة الدولية الكبرى...
لنتصور أن الاميركيين الذين ما برحوا يلعبون على كل الخيوط من أجل أن تبقى سورية مطحنة للجثث، تدخلوا بطلب من الحلفاء العرب، أو من تلك المعارضات، بإيديولوجيات ما قبل التاريخ (وربما ما قبل آدم)، فهل كان الوضع في سورية أحسن حالاً مما هو في العراق، وحيث الكوميديا الاستراتيجية، وأحسن حالاً من ليبيا حيث القبائل تأكل بعضها البعض..
تابعوا معركة حلب، وما يحكى عنها وحولها، لتتبينوا أن لعبة القبائل في نهاياتها، وأن لعبة الامم في بداياتها. الى أين؟ الجواب باقة زهر على ضريحي مارك سايكس وجورج بيكو. لا تنسوا وزير الخارجية الروسي آنذاك سيرغي سازونوف...
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41818