وجهات نظر

باختصار: حلب تميزنا والعراق يحرر كبوتنا

زهير ماجد


الإعلام تايم-الوطن العمانية

نحن في متن عصر بشر به حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله بقوله المعروف " لقد بدأ عصر الانتصارات وانتهى عصر الهزائم" .. تجسيد ذلك في حلب وفي العراق اليوم، إنه الوفاء لشعوب العرب التي تعايشت مع هزائمها ولم تنحن لها يوماً، من هنا يكون النصر بتراكم نقد الذات، بإعادة الثقة الى الذات، بوضعها في روح تاريخها المبهر.

 

لا شيء أقدس من أيام يتزاحم فيه النصر أمام عين الشعوب العربية ويولد فيها الإحساس الظاميء له. كان كاسترو يردد وهو في ذروة ثورته مقولته الشهيرة " صعباً أكانت الطريق أم سهلة فسننتصر" .. بل إن الإيمان بالنصر منتصف الطريق كما يقول سياسي روسي تاريخي.

 

ننحني لأولئك المقاتلين الشجعان الذين يولدون في المعارك أكبر من أساطير. هنا نعمة الأمم أن يكون لديها أفذاذ تحرروا من الداخل فصار عليهم أن يحرروا الخارج، أن يتوافقوا مع الحرية ومع الوطن، ومع جرحهم القومي الذي من افتعله أراد لهم اليأس، لكنه خسيء.

 

في العراق وفي سورية لا تولد تقاليد جديدة بقدر ماهي تأكيد المؤكد، أي النصر المخلص. ومن محاسن هذا النصر أنه يأتي بالتقسيط، يتراكم ويتجمع، هنا قليل منه وهناك بعضه وهنالك منه أيضا وهكذا، الى أن تتوافر شروطه الكاملة فنراه على حقيقته. شجعان العراق وسورية هكذا يتقدمون، ومثل حياكة السجاد يكون نصرهم قطبة قطبة. هي ليست معارك كتلك التي يتواجه بها جيشان كبيران ثم تبان النتيجة، بقدر ماهي سلسلة من المعارك المتواصلة التي لكل منها إضافاتها.

 

وكما قلنا سابقاً، يحتاج هذا النوع من المعارك الى صبر وثبات .. العدو شرس ومجرب وخبير، وكلما تلقى الضربات عاش هزائمه في داخله حتى هزيمته النهائية، لكنه لن يستسلم بسهولة، فهو يعرف أن لا مكان له بعدها سوى القبر أو السجن المؤبد أو الهروب المضني الى اللامكان حيث كل الأمكنة سدت في وجهه. من تكن هذه خياراته الصعبة بل المستحيلة فهو لن يترك سلاحه ولا مكانه، سيقاتل حتى يقتل وتلك هي خلاصة وجوده في هذا العالم.

 

ظن هؤلاء الإرهابيون كما علمهم أسيادهم أنهم البديل المقبل الذي ستفتح لهم الطريق على مصراعيها، وأن انتصاراتهم ستجعل لهم المكان والزمان الذي يحلمون، صحيح أنهم حققوا في البدايات شيئاً من مبتغاهم، لكن العراق الذي خرج من وجعه ليحرر بلاده من احتلال أميركي، وسورية التي من شاهد وضعها قبل سنتين وأكثر، لم يكن له الا أن يرتجف هلعاً، الا أن الصبر والثبات وإعادة قراءة أساليب القتال والعقيدة الراسخة والإيمان الوطني والقومي صنعوا ما وصلوا اليه وما هو في المستقبل القريب والبعيد.

 

وليس الواقع العسكري ما يتغير فقط، هنالك العالم أيضاً وقد بدأ يرسم واقعاً جديداً في فهمه لطبيعة الصراع الكبير، ولم يكن ليحصل ذلك لولا الصبر والثبات، ولولا الانتصارات، فلا أحد يتعامل مع الهزائم التي تتحول الى منسيات ، وكل العصور التي قرأنا عنها أو رأينا بعضها ، لم تعرف سوى القوة عنواناً وباباً . فهل نظرية جيفارا بتعلم الحرب في الحرب قد أثمرت هكذا نتائج أيضاً ؟ ..

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41660