نافذة على الصحافة

موجه الحرائق في فلسطين المحتلة.. "انتفاضة النار" أم ماذا ؟


الاعلام تايم_رأي اليوم
لم يثبت حتى الآن بالدليل القاطع من هي الجهة التي تقف خلف موجة الحرائق التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وما زال من المبكر أخذ أقوال وتصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قال فيها إن 70 بالمئة من هذه الحرائق لها دوافع "إرهابية"، ملمحا الى أن العرب يحرقون الدولة الإسرائيلية، لأنه رجل يميني عنصري متطرف يحترف الكذب والتضليل.
واذا تبث بالدليل القاطع بأن هذه الحرائق تجسد قفزة جديدة مختلفة في أعمال مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فإن هذه القفزة غير مستغربة، أو مستبعدة، في ظل تضخم الاحتقان في الأراضي الفلسطينية كافة، دون أي استثناء من جراء تزايد أعمال القمع والاذلال الإسرائيلية في حق المواطنين أصحاب البلد الحقيقيين.
لا تستطيع "اسرائيل" توجيه أي اتهامات للعرب بأنهم يلجؤون الى "ثورة الحرائق" هذه، بطريقة عنيفة ترتقي الى توصيف الإرهاب، حسب أدبياتهم المكررة لدرجة الملل، لان الإسرائيليين هم ملوك الحرائق وأباطرتها، ليس للاشجار فقط، وانما للبشر أيضا.
خمسة من المستوطنين الاسرائيليين اقدموا على خطف الطفل المقدسي محمد ابو خضير (16 عاما) أثناء توجهه الى صلاة الفجر، بعد تناول سحوره، في تموز (يوليو) 2014، واقتادوه الى منطقة خالية، وأجبروه على شرب البنزين ثم أشعلوا في النار حيا بعد تعذيبه بطرق بشعة والتمثيل بجثته.
وبعد عام بالتمام والكمال، وبالتحديد يوم 31 تموز (يوليو) عام 2015، اقتحمت مجموعة من المستوطنين منزلي المواطنين سعد محمد دوابشة، ومأمون رشيد دوابشة، وقاموا بحرقهما بالقاء قنابل مولوتوف شديدة الاشتعال داخلهما، مما أدى الى استشهاد أربعة، وأصيب الطفل أحمد دوابشة (أربعة أعوام) بحروق شديدة نجا منها بأعجوبة، ولكنه فقد والديه واشقائه.
كان لافتا، هذا التعاطف الكبير من قبل ستة دول هي تركيا، اليونان، إيطاليا، كرواتيا، روسيا، وقبرص، علاوة على مصر والأردن، ومشاركتها في محاولة إخماد هذه النيران، واللافت أكثر أن السلطة الفلسطينية أرسلت أكثر من ثماني سيارات إطفاء و40 رجلا معها للقيام بالواجب تجاه الجار الإسرائيلي المحتل، كرد للجميل على احتلاله، وتوسعه الاستيطاني، هذه الدول لم تتحرك مطلقا لوقف الحروب الثلاثة الأخيرة على قطاع غزة، ولم تبد أي تحرك لإنهاء الحصار الظالم المفروض على مليوني مواطن.
اذا ثبت فعلا أن هذه الحرائق هي بداية "ثورة او انتفاضة نيران"، مثلما بادر البعض بتسميتها، فإن الآلة الدعائية الإسرائيلية وأذرعتها في الاعلام الغربي ستتهم العرب بأخطر الاتهامات مثل "البرابرة" و"الهمج" و"الوحوش"، وينسى العالم المنحاز المٌضلل كل الجرائم والحرائق الإسرائيلية للبشر، سواء بإشعال النيران بالنيام (حالة الدوابشة)، او بالأطفال (محمد ابو خضير)، أو بالحرق بصواريخ طائرات (اف 16)، ومروحيات أباتشي، سواء في قطاع غزة أو في جنوب لبنان (مجزرتا قانا).
الطائرات والزوارق والمدفعية الإسرائيلية لم تقصف هؤلاء بقنابل الثلج، ولا بالزهور والعطور، وانما بأخطر الحمم الصاروخية، وأكثرها قدرة على الحرق والقتل والتدمير.
الشعب الفلسطيني، في كل أنحاء فلسطين التاريخية المحتلة، يملك حق المقاومة بكل الطرق والوسائل المشروعة، التي كفلتها كل المواثيق الدولية، ومارستها كل الشعوب الأخرى لإنهاء احتلالها، والتحرر من الاستعمار، والاحتلال الإسرائيلي لن يكون استثناء، ويجب أن تكون كلفته عالية، بل الأعلى، لأنه الأكثر دموية وعنصرية.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=41585