وجهات نظر

باختصار : أجسادنا المختبر !

زهير ماجد


الإعلام تايم-الوطن العمانية

مثلما تعرضت عقول العرب إلى الغزو ومن ثم سرقة المتفوقين فيها، تحولت أجساد العرب أيضاً إلى مختبرات للغرب ومن ثم الشرق أيضاً. فمنذ أن تمكن الاسرائيلي من الحصول على أعتى أنواع السلاح الأميركي وجديده الدائم وهو يختبره بأجسادنا، سواء الفلسطينية أو اللبنانية أو المصرية أو السورية، حتى لم يبق نوع عليه العين إلا وكان جسد المواطنين العرب مساحة اختباره الثمين بالنسبة إليه. أنا لست خبير سلاح ولكني تابعت على الأقل مشتقاته كلما وقعت حرب في المنطقة أو كلما اعتدى الإسرائيلي علينا.

 

وليس مفاجئاً أو جديداً تحويلنا إلى مختبرات، فقد جرب الأميركي قبله في أجساد اليابانيين والكوريين وقبلهم الألمان مثلاً ، ثم رمى أفظع نوع سلاح وأكثره فتكاً وهي القنبلة الذرية كي يكتشف مهاراته في صنع سلاح مدمر كهذا، وحين استسلمت اليابان بعدها للأميركي ووقعت على ذلها، ظل هذا الأميركي يشمخ بعدما بلغته التقارير العائدة لنتائج قنبلتيه، بل أنه أوصل رسالة سريعة إلى كل العالم أن لا أحد يفكر بحرب ضد الولايات المتحدة التي ليس لديها فقط القنابل الذرية بل كل الأنواع التي شاهدها العالم في فيتنام أيضاً، حيث هنالك اختبر الأميركيون أسراراً كثيرة عن سلاحهم منوع الأشكال، فمسكين الجسد الفيتنامي، ومسكينة أجسادنا وأرواح شهدائنا كم عانت، سواء من مات أو جرح، وما زلنا نتذكر إلى اليوم قنابل النابالم التي استعملها الاسرائيلي أثناء حرب العام 1967.

 

لكن الأفدح هو ما استعمله في الحروب على لبنان والتي كان آخرها عام 2006 حين أثبت البريطانيون أن اسرائيل استعملت سلاحاً مطوراً عن النووي بعدما كشف اشعاعات له في أكثر من مكان، سواء في الجنوب أو في الضاحية الجنوبية لبيروت، وكذلك أكد أحد المختصين اللبنانيين في شؤون النووي الدكتور محمد علي قبيسي.

 

أما اليوم فمن المؤكد أن الحروب التي تضرب بعض العرب مختبر طبيعي لشتى أنواع السلاح المنوع الغربي منها والأميركي، فهو ليس سلاحاً ضد سلاح فقط، بل سلاح ضد جسد إنسان وأعصابه وعقله وكل أحشائه، في اليمن أكثر من دليل، صحيح أن عرباً يفعلونها لكن السلاح أميركي وغربي عموماً، وكذلك في سورية والعراق، ولا تزال غزة تنطق بما تعرضت له اسرائيلياً من أنواع مختلفة تم رصد آثارها فإذا بها أسلحة جديدة تختبر في القطاع الصغير.

 

وما يهم مخترعو السلاح طالما أن أجساد الغير هي مختبره، بل على العكس يهم هؤلاء أن يختبروا عقولهم وقدراتهم بالأجساد مباشرة وليس بأي شيء آخر، فالتجارب التي يجرونها على الحيوانات لا تكفي، لأن أسلحتهم صنعت خصيصاً للفتك بالبني آدمين، وهي لهم وحدهم، فلا بد من كشف التأثير من خلالهم.

 

مسكينة أجسادنا التي تحملت طويلاً أنواعاً كثيرة من أسلحة فائقة التأثير عليها. ومسكينة أعصابنا كيف تحملت آلاماً تفوق الوصف كما هو مشهد اليمن بحد ذاته، والمشاهد الأخرى المماثلة. وإذا كان الإنسان أضعف المخلوقات التي تهوي بسرعة، فهو أيضاً لديه قوة الاحتمال إذا ما ظل على قيد الحياة. ومن المؤكد أن حروباً جديدة ضد لبنان وغزة وبقية العالم العربي ستكشف أيضاً عن مخزون جديد من سلاح لم يتم استعماله قبلاً وجاءت المناسبة للتلذذ بنتائجه وفي أجسادنا طبعاً.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41403