وجهات نظر

الخط الساخن بين الكرملين والبيت الأبيض

نبيه البرجي


الإعلام تايم- الديار


على خطى الدببة القطبية أم على خطى راقصات البولشوي؟ كيف يلعب فلاديمير بوتين استراتيجياً وتكتيكياً على المسرح السوري؟


أجل المسرح السوري والضربات المسرحية. الخط الدرامي حافل بالتعرجات الديبلوماسية والعسكرية، هكذا تتركز الانظار على الأحياء الشرقية في مدينة حلب، فجأة يقال لنا أن قاذفات السوخوي، والصواريخ المجنحة، تتجه نحو ريف حمص وريــف إدلــب الذي تحول إلى مستودع هائل لكل أشكال المقاتلين...

 

ما يقال وراء الضوء أن الكرملين يراهن على بلورة لغة مشتركة مع الآتي في 20 كانون الثاني إلى البيت الأبيض، ثمة من يثير الكثير من الضوضاء، ويتحدث عن البعد الإنساني في معركة حلب، كما لو أن المدنيين يعيشون النعيم في ظل مقاتلي "جبهة فتح الشام" وغيرها من الفصائل التي تعرف بـ"الأفغانية" والتي تفرض نسقاً معيناً من الحياة على أولئك الذين انتجوا القدود الحلبية، وكانوا إحدى المحطات الكبرى في طريق الحريري، كما حولوا أو كادوا يحولون مدينتهم الى "ظاهرة يابانية" في هذا الشرق...

 

في هذا الشرق الذي طالما قلنا أنه بات مهرجاناً للعدم بالتأويل الميكانيكي للنص، وبالمقاربة البدائية، أو بالمقاربة الجنائزية، للغيب.


الذين قاموا بالوساطات سمعوا من جهات خارجية، كما من قادة "فتح الشام"، أنهم لن يدعوا المدنيين يبارحون الأحياء الشرقية، وبالتالي الإفساح في المجال أمام الدبابات المعادية اعتماد سياسة الأرض المحروقة، لأن سقوط هذه الأحياء يعني سقوط سورية كلها في أيدي "النظام" ومن يقاتلون معه على الأرض...لا تغيّر شيئاً صيحات الأهالي الذين "دُفنوا" داخل منازلهم، أحدهم سأل "الى متى نبقى في غرفة التعذيب؟" وآخر قال "هنا الحياة جهنم". ولا شك أن سلامة المدنيين يفترض أن تعطى دائماً الأولوية القصوى، لكن طاقة التحمل استنزفت كلياً. هنا حرب هائلة وتداعت فيها كل الضوابط...

 

بوتين يتصرف على أساس أن هذه المرحلة شديدة الحساسية أميركياً، لا يريد أي ضجيج "انساني" حول حلب كي لا ينقض الصقور على دونالد ترامب ويأتي بـ"آلة للحـكم" لا تختــلف عما دعاها دومينيك دو فيلبان "أوركسترا الوحوش"، من ديك تشيني الى دونالد رامسفيلد وبول وولفيتز وريتشارد بيرل وغيرهم وغيرهم.

 

الرئيس الروسي شديد الاغتباط  بغياب هيلاري كلينتون عن الضوء، لطالما وصفها المعلقون الروس بـ"الراقصة على كل الحبال"، وبـ"المحامية الجاهزة حتى للدفاع عن الشيطان"، وصولاً الى المرأة – الأفعى"، ولكن دون أن تمتلك الصلابة الداخلية لمادلين أولبرايت التي أعطيت أيضاً لقب "المرأة – الأفعى".

 

الرئيس المنتخب "ابن السوق" ويعلم أن تنظيم "داعش" لم يهبط من المريخ، وأن القوة الضاربة التي حازها في مدة قياسية لا يمكن أن تكون ناجحة عن "عبقرية" أبو بكر البغدادي. هي تركيبة استخباراتية صنعتها أدمغة رثة، وأنظمة مكيافيلية، لأغراض تتراوح بين اللعب الجيوسياسي على امتداد المنطقة وبين الحفاظ على الكراسي  ولو على ضفاف الدم والنار...

 

ترامب يعلم أن الذين اخترعوا "داعش" سارعوا الى تصنيع البديل بعدما تبين أن التنظيم راح يعمل لحسابه أيضاً. من "فتح الشام" هناإالى "الجيــش السوري الحر" الذي كان حالة هامشية وبالية، وفجأة حوّله رجب طيب اردوغان إلى نيو انكشارية تقاتل تحت الراية العثمانية.

 

بوتين يلعب تكتيكياً إلى أن تتشكل الإدارة الأميركية الجديدة، وتتبلور الرؤية الاستراتيجية، ولكن دون أن تحلق القاذفات في الفراغ. ضرب مراكز الامداد في ريف حمص وفي إدلب ومحيطها الذي يمتد إلى الحدود التركية ما يفقد مقاتلي الأحياء الشرقية الشبكات اللوجيسيتة التي طالما استندوا اليها...

 

اذاً، اللعبة لم تنته، ولن تنتهي قريباً، تابعوا الخط الساخن بين الكرملين والبيت الابيض!
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41351