وجهات نظر

هل يخلّص ترامب بلاده من "قطع الشوكولا الفاسدة"؟

طارق ابراهيم


الاعلام تايم_خاص


"ضيوف".. "مهاجرون".. "لاجئون".. "نازحون".. "قطع شوكولا فاسدة".. تعددت التسميات والمصير واحد.. هربوا من الموت الى الموت.. من الجحيم الى الجحيم.. العودة الى سورية ليست حلما كما يظن البعض..، تبقى سورية هي الام الحنون التي يتسع حضنها لجميع أبنائها البارّين منهم والعاقّين، فهي تغفر زلاتهم وتنسى طعناتهم.. كيف لا وهم ولدوا من رحم السلام والياسمين أصل الوجود السوري.


إذا عدنا بالزمن قليلا، وتحديداً عندما بدأ تسليط الضوء بشكل أساسي في كل وسائل الاعلام العالمية على ملف اللجوء، قلنا إن هناك انسانية مصطنعة لمسؤولي أوروبا فهم يتباكون على من يموتون في البحر المتوسط "لغاية في أنفسهم".. في وقت يتعامون عن استغلال "اللاجئين" بشتى أنواع الاضطهاد على مرأى ومسمع الاعلام الغربي والاميركي وحتى العربي والذي كان مديروه يستغلون ظروف اللاجئين في المخيمات، الأطفال للتجنيد والنساء للنكاح.


شبح الطرد وعنصرية عدائية تلاحق اللاجئين السوريين أو "قطع الشوكولا الفاسدة" وفق وصف ابن الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب الذي وعد بإخراجهم من الولايات المتحدة الأمريكية في حملته الانتخابية، وفق ما قاله لموقع "فوكس نيوز" الاميركي.. "ما يريده أوباما هو إحضار 200 ألف لاجئ منهم.. هل تعلمون أن 200 ألف أشبه بجيش! ووجدت قبل أيام أنهم من الرجال! أين النساء؟ هؤلاء الرجال أقوياء فلماذا هم ليسوا هناك للقتال من أجل بلدهم؟"، واصفا وجودهم في بلاده "أحد أكبر الانقلابات العسكرية على الاطلاق."

إذا كان هذا حال من طلبوا الحماية الاميركية التي صدرت لهم "فوضى خلاقة" وديمقراطية أوصلتهم الى ما هم عليه الآن، فماذا عن الذين حملتهم أقدارهم وحظوظهم الى النعيم الاوروبي.. طبعا حالهم يختصره اعتراف وزير التنمية الاتحادي الألماني جيرد مولر الى حد الوصف بالفضيحة  لبعض الدول التي تتعهد بمساعدتها للاجئين على الورق فقط.. ومن كان يسمي السياسة التركية "الباب المفتوح" اتّجاه اللاجئين السوريين، ليعلم أن باب الوطن هو الباب الوحيد المفتوح على مصراعيه بوجه جميع السوريين..


ففي تركيا كل الروايات تعكس عدم وجود قانون واضح يضمن حقوق اللاجئين السوريين وينظّم معاملتهم، وجردتهم من كل حقوق اللاجئين المنصوصة في اتفاقية جنيف 1951 والبروتوكول المُعدل عام 1967.. استثمار واستغلال كله يصب في  منح المواطنين الأتراك حقّ دخول منطقة "شينغن" دون تأشيرة.


وخير دليل شهادات لسوريين علقوا في مخيمات اليونان.."لو أعادوني إلى تركيا فسأعود إلى سورية.".. بينما آخر يقول: "أعرف أن هناك حربا وقصفا في سورية كل يوم.. لكن هناك كل سوري يموت مرة واحدة.. نحن نموت هنا كل يوم.. كل يوم سيء.. العودة الى سورية هي السبيل في حال تقرر عودتنا الى تركيا".


الى فرنسا فاللاجئون لا يختلف حالهم عن غيرهم بل إن معاناتهم أكبر، ففي أيلول الماضي كان قاطنو مخيم "كالييه" في فرنسا من اللاجئين على موعد مع رحلة شتات جديدة عندما قررت الحكومة الفرنسية تفكيك المخيم وترحيلهم إلى مركز إيواء جديد، طبعاً مراكز الايواء لن تكون بأفضل حال.. وعندما أبدت بريطانيا استقبال فقط الاطفال اللاجئين في المخيم عثر على  أحد جدران البرلمان البريطاني على ملصق يستهزىء باللاجئين الأطفال القادمين إلى البلاد من مخيم الادغال في كالييه، وصفته النائبة عن حزب العمال تشي أونورا بـ "شيطنة للاجئين السوريين".


وفي ألمانيا التي ذاع صيتها بأنها أكثر الدول التي تعاني من العجز البشري الفتي كان لها النصيب الاكبر من اللاجئين السوريين الذين هم أيضا لم يكونوا بأحسن حال من غيرهم فالمعارضة اعتبرت أن ارتفـاع نسبة الجريمة في ألمانيا، سببه تدفق اللاجئين وسياسة الحكومة المتهاونة والمرحِبة بهم.. لا ندري هل عندها حق فالجرائم التي ارتكبها بعضهم يشيب لها شعر الرأـس.. وهذا "غيض من فيض".. أحدهم حاول قتل أطفاله من خلال إلقائهم من نافذة منزل بسبب رفض زوجته لطاعته.. بينما امرأة تقدم على قتل اثنين من أطفالها تناهز أعمارهما سنتين و4 سنوات.. وعائلة تبيع رضيعها  في مدينة دويسبورج غربي ألمانيا.. وآخر يسجل فيلم إباحي بحجة تصوير معاناة اللاجئين لا ندري ما هي الصلة ولكن على حد قوله.


هؤلاء لم يكونوا جميعا في بلدهم كما يصورهم الاعلام في خطر أو كما هم يصورون واقعم المزري في بلدهم، فالهروب من الواقع وديمقراطية الجنس ومستقبل الاطفال ونعيم العيش ورفاهيته التي صدمت العديد منهم كانت سبب وجهتهم الى اوروبا.. القصور الوردية والماء العذب المعقم والطعام اللذيذ وبنات الليل و"الحرية الدينية"و"حرية التعبير".. كلها أمور تشجع الشباب الذين كانوا يعلنونها صراحة في جلساتهم الخاصة قبل سفرهم..  و حتى الفتيات وأرباب العائلات للمخاطرة والذهاب الى الجنة الاوروبية.. قصص تجعل الحليم حيرانا .. قوانين لا طاقة لهم على تطبيقها.. تمردوا على قوانينهم ليطبقوا قوانين أوروبا الاكثر صرامة رغما عن أنوفهم.. لم يهربوا من القتل لانهم يعلمون جيدا أن لا مهرب من الموت.. فالموت الذي فروا منه في سورية لاقاهم في البحر والبر على طريق سفرهم ومن نجا وقال إنه تخلص من العذاب هو يعاني هذا العذاب يوميا.. لأنهم يعلمون أن من "يلبس توب العيرة لا يشعر بالدفء"..


كثيرون هم الذين عادوا الى أرض الوطن بعد رحلة وصفوها بأسوأ أيام العمر فهم تعرضوا لأبشع أنواع الابتزاز والاستغلال المادي والجسدي والمعنوي.. فيقول أحدهم وطننا الحبيب لا يرفض أبناءه الفقراء و يرحب بالأغنياء كما في هنغاريا، ولا يتعرض أطفاله لاستغلال تجار الجنس كما في السويد وغيرها من دول النعيم الاوروبي، كما أنها لا تتعامل مع الذين هربوا من بطش التنظيمات المسلحة على أنهم صنف دون مستوى البشر فتجبرهم على العيش مع الفئران والثعابين، وشرب مياه ملوثة تؤدي بهم الى أمراض مميتة.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41229