وجهات نظر

فلاديمير بوتين في البيت الأبيض

نبيه البرجي


الإعلام تايم - الديار


فلاديمير بوتين في البيت الأبيض! زلزال سياسي في أميركا، بلا زلزال سياسي في الكرة الأرضية. كيف يمكن لرجل تحدق به الفضائح (الجنسية) من كل حدب وصوب، وتقف في وجهه وول ستريت، وكل المؤسسات المصرفية الكبرى، وكل وسائل الإعلام، أن يخترق منفرداً أسوار البيت الأبيض ويتوج رئيساً للولايات المتحدة، بل ورئيساً للعالم؟

 

دونالد ترامب الظاهرة، ديناصورات الحزب الجمهوري وقفوا ضده. اتهموه بالغباء وبالفجور وبالتهرب الضريبي، كما اتهموه بالضحالة السياسية، وبانعدام الرؤية الاستراتيجية، حتى أن بعض أركان الاستبلشمانت وصلت بهم الزبائنية حد القول أن الاستخبارات الروسية تسعى إلى شق الطريق أمامه الى البيت الابيض.

 

كيف يمكن لأي أميركي القول أن رئيس الولايات المتحدة يصنع في المطابخ الروسية؟ كل الأسلحة استخدمت ضد دونالد ترامب، حتى أن معاهد الاستطلاع والإحصاء تمت تعبئتها ضده، وعلى أساس أن هيلاري كلينتون ستكون، حتماً، الرئيسة الـ 45للولايات المتحدة...

 

العالم نام على هيلاري كلينتون رئيسة واستفاق على دونالد ترامب رئيساً. هذا يمكن أن يحدث في لبنان، وفي الكثير من دول العالم الثالث، ولكن أن يحدث في أميركا فهنا المفاجأة الكبرى...

 

أما وقد عجز كل ديناصورات المؤسسة عن وقف صعوده، فالحديث الآن هو "من يغتال دونالد ترامب؟". لا سبيل لإقصائه الا بالاغتيال، وبعدما كان السناتور جون ماكين قد وصفه بالرجل الذي يسعى لتفجير اميركا....

 

المفارقة هنا أن الأثرياء الذين طالما اقترعوا للجمهوريين، اقترعوا هذه المرة للديموقراطيين. هذا ما يظهر بوضوح في خارطة الولايات، وحيث الأطراف الغنية أعطت أصواتها لكلينتون، في حين أن الفقراء أعطوا أصواتهم لترامب. هل حقاً أن انقلاباً حدث في أميركا؟

 

إبان الحملة الانتخابية أطلق مواقف صارخة، وصاخبة. قال أن أول خطوة سيقدم عليها هي إلغاء الاتفاق النووي مع طهران. الإيرانيون ضحكوا لأن الاتفاق ليس اتفاقاً أميركياً - إيرانياً بل إنه اتفاق دولي وأقره مجلس الأمن...

 

دونالد ترامب قال أيضاً أنه لن يدع الأساطيل تحمي المملكة العربية السعودية مجاناً؟ كلام من لا يفقه شيئا في مسار العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن والرياض، ومنذ اللقاء الشهير بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس فرنكلين روزفلت في شباط 1945.

 

الثابت أن هناك توجساً سعودياً من سياسات الرئيس المنتخب حيال الملفات الساخنة في الشرق الأوسط. هو لم يستبعد أن يكون بشار الأسد شريكاً في الحرب ضد تنظيم "داعش". المشكلة الكبرى هي أن الولايات المتحدة قد تتنصل من التزاماتها الاستراتيجية في المنطقة...

 

في هذه الحال، من يملأ الفراغ، الإيرانيون أم الأتراك أم الروس؟ منذ مبدأ ايزنهاور في الخمسينات من القرن الماضي (لنتذكر جيداً جون فوستر دالاس) والجمهوريون يغوصون في كل التفاصيل، حتى أن جورج دبليو بوش أطلق مصطلح "الشرق الأوسط الجديد". اذاً، أي شرق أوسط الآن؟

 

معلق تلفزيوني أميركي قال أن الرجل الأكثر اغتباطاً بالسقوط المدوي لهيلاري كلينتون هو بيل كلينتون. كان يفترض أن يصبح ظلاً لزوجته التي أضاف المعلق أنها قد تكون خاضت الانتخابات الرئاسية لتثبت أنها أكثر أهمية بكثير من مونيكا لويفنسكي أو لتزيل صورتها من الذاكرة.

 

هيلاري باتت من الماضي، ثمة عارضة أزياء هي الزوجة الثالثة لدونالد ترامب ستدخل بالكعب العالي إلى البيت الأبيض. ماذا إذا اصبحت شريكته في صياغة القرارات الاستراتيجية.

 

الأفكار التي طرحها تنبئ بالزلزال، الزلزال في المفاهيم، وفي القيم، وفي العلاقات، وحتى في المعادلات التي قد يسقط الكثير منها أرضاً، والثابت أن مسار الأمور (الأزمات والتسويات) في الشرق الأبيض سيتغير. كيف؟ لننتظر كيف سيشكل إدارته. المهم ألا يعود شبح هنري كيسنجر الى جدران البيت الابيض...

 

كلنا الآن امام مفترق. عادتنا.... الضياع !

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=41120