تحقيقات وتقارير

العد التنازلي لمئوية الوعد المشؤوم بدأت.. أين الضمير العالمي؟


الإعلام تايم _ خاص

"وعد بلفور " – الوعد المشؤوم- الذي أسست الصهيونية العالمية عليه، وبنت أحلامها، لاحتلال أرض ليست لها، والاسم الشائع والمطلق على الرسالة التي أرسلها "آرثر جيمس بلفور" إلى "اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد" ، بناء على المقولة المزيفة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".


إن مرور 99 عاماً على وعد بلفور المشؤوم يفرض مسؤوليات كبيرة على المجتمع الدولي الذي يرفع شعار الحريات وحقوق الإنسان وعدم الاعتداء على الآخرين.


ماذا نحن فاعلون  لهذه المناسبة.. هل يملك العرب الجرأة- لطرح توصية لدى الهيئة العامة للأمم المتحدة التي تعقد- عادة- جلساتها في أواخر شهر أيلول من كل عام ومازال الوقت أمامنا مقبولاً.. نطالبها ببطلان هذا الوعد الذي قام بموجبه "كيان الاحتلال الصهيوني" الذي احتل أرضاً لشعب، وهجّره منها وحل بدلاً منه في هذه الأرض بقوة السلاح.


بعد مرور 85 عاماً على صدور تصريح بلفور بتاريخ 2/11/1917 الذي أعطى مطلقه "حقاً" ممن لا يملكه إلى من لا يستحقه، اعترفت- أخيراً- بريطانيا صاحبة هذا التصريح بتاريخ 16/11/2002 بخطئها عن صدور هذا الوعد، حيث نشرت الصحف نصاً أدلى به وزير خارجية المملكة المتحدة آنذاك "جاك سترو" إلى مجلة "نيوستيتمان" البريطانية اليسارية جاء فيه: "إن وعد بلفور والضمانات المتناقضة التي منحت للفلسطينيين سراً، في الوقت نفسه الذي أعطيت فيه للإسرائيليين، تشكل مرة أخرى، حدثاً مهماً بالنسبة إلينا, لكنه ليس مشرفاً كثيراً لنا". وما إن انتشر النبأ حتى قامت الأوساط الوطنية العربية بالطلب من حكومة بريطانيا الاعتذار رسمياً عن هذا الوعد المشؤوم بإصدارها بياناً بهذا الخصوص استجابة لتصريح "سترو".


حديث "سترو" الذي اعترف فيه بأخطاء بريطانيا التاريخية، وبخاصة وعد "بلفور" خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن سبق وعد بلفور تقرير صادر عن "هنري كامبل بنرمان" وهو سياسي بريطاني.. أصبح رئيساً للحكومة عام 1905، جمع هذا السياسي المعروف عدداً من اختصاصيي الاستعمار في الدول الأوروبية الاستعمارية وكلفهم بوضع خطة لتأمين المصالح الإمبراطورية لأوروبا، فأوصوا ضمن وثيقة صدرت عام 1907 بـ "عدم السماح بقيام وحدة عربية تجمع بين ملايين العرب في غرب آسيا وشمال إفريقيا.. أي بين المشرق العربي ومغربه.. والتوصية بإقامة كيان دخيل في فلسطين قلب الوطن العربي يحول دون هذه الوحدة". ثم تختتم وثيقة "كامبل بنرمن" بوصفة علاجية: "لكي يجهض الغرب النهوض العربي، عليه زرع كيان غريب في الوسط الجغرافي للأمة العربية الواحدة يفصل مشرقها عن مغربها.." وقد صدر "وعد بلفور" بعد عشر سنوات من إعلان تلك الوثيقة.


وجاء الوعد على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بلفور في حكومة ديفيد لويد جورج في الثاني من تشرين الثاني عام 1917، إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية، وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى،  وكانت الحكومة البريطانية قد عرضت نص تصريح بلفور على الرئيس الأميركي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا 1918، ثم تبعها الرئيس الأميركي ولسون رسميا وعلنيا 1919، وكذلك اليابان، وفي 25 نيسان 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 تموز عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923، وبذلك يمكننا القول إن وعد بلفور كان وعداً غربياً وليس بريطانيا فحسب.


بعد ذلك تتابعت الهجرة اليهودية من شتى أقطار العالم، وانصهرت في بوتقة اليهودية أكثر من سبعين جنسية من مصر، واليمن، والحبشة، والعراق، والهند، وأوربا، وروسيا، وأمريكا، وغيرها، وفي عام (1948) م, ارتفع عدد اليهود من خمسين ألف مهاجر إلى ستمائة وخمسين ألفاً، ثم تتابعت الهجرات من كل أنحاء العالم.


  في المقابل اختلفت ردود أفعال العرب تجاه التصريح بين الدهشة، والاستنكار، والغضب، وبهدف امتصاص حالة السخط والغضب التي قابل العرب بها وعد بلفور، حيث أرسلت بريطانيا رسالة إلى الشريف حسين، بواسطة الكولونيل باست، تؤكد فيها الحكومة البريطانية أنها لن تسمح بالاستيطان اليهودي في فلسطين إلا بقدر ما يتفق مع مصلحة السكان العرب، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، ولكنها سرعان ما أصدرت أوامرها إلى الإدارة العسكرية البريطانية الحاكمة في فلسطين، أن تطيع أوامر اللجنة اليهودية التي وصلت إلى فلسطين في ذلك الوقت برئاسة حاييم وايزمن خليفة هرتزل، و تحويل قوافل المهاجرين اليهود القادمين من روسيا وأوروبا الشرقية إلى فلسطين، مع توفير الحماية والمساعدة اللازمتين لهم.


الشعب الفلسطيني لم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة، و خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936.

 

  تصريح "بلفور" أعطى وطنا لليهود وهم ليسوا سكان فلسطين، حيث لم يكن في فلسطين من اليهود عند صدور التصريح سوى خمسين ألفا من أصل عدد اليهود في العالم حينذاك، والذي كان يقدر بحوالي 12 مليوناً، في حين كان عدد سكان فلسطين من العرب في ذلك الوقت يناهز 650 ألفا من المواطنين الذين كانوا منذ آلاف السنين.
ما زال الجرح الفلسطيني ينزف ولم يلتئم، فوعد بلفور المشؤوم جريمة تاريخية لا تغتفر بحق الفلسطينيين والعرب، زرعه الاستعمار الغربي في قلب الوطن العربي كخنجراً مسموماً  قسّمه ومنع قيام أية وحدة عربية إسلامية على  مساحة جغرافية  واحدة. فمنذ صدوره و العدو الصهيوني يرتكب جرائم القتل والاعتقال والتدمير بحق أبناء الشعب الفلسطيني في ظل المجتمع الدولي الذي يرفع شعار الحريات وحقوق الإنسان وعدم الاعتداء على الآخرين متجاهلاً جرائم الكيان الصهيوني البشعة ...

وكالات _ وصحف

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=40858