تحقيقات وتقارير

الأرجيلة بين الاستمتاع والحقيقة المؤلمة...


الإعلام تايم - عروب الخليل

الأرجيلة .. ظاهرة انتشرت بشكل كبير وملفت ومقلق، فهي لم تعد حكراً على مجتمع الرجال والمقاهي بل انتشرت بين النساء وحتى الأطفال وعلى مرأى ومسمع الأهل، كما أنها أصبحت ضرورة في كل منزل وعادة يومية لا يمكن التخلي عنها، مع العلم أنها أصبحت تشكل خطراً اقتصادياً بالإضافة لخطرها الصحي.

 

التركيبة العجيبة والصناعة المتقنة بشكل جذاب جعلها محط أنظار فئة كبيرة من الناس, حيث يتفنن صناعها بنوعية المادة المصنوعة منها، من النحاس أو الكروم وفي زركشتها وتزيينها برسومات مختلفة أو ارتفاعاتها.
 

كل ما في الأمر.. جهاز معقد لتبريد الدخان وتنقيته بواسطة الماء، و خرطوم ملتو يشبه الحية يسحب منه المدخن الأنفاس. حيث يضع المدخن التبغ في رأس "الأرجيلة"، ويغطيه بورق القصدير ويضع فوق الورق فحم مشتعل يقوم بحرق هذا التبغ.. وفي النهاية النشوة التي يكمن وراءها موت محتم، مهما كان نوع أو لون أو نكهة التبغ.

 

أكثر ما يثير الدهشة في الفترات القليلة الماضية هو انتشار الظاهرة في كل الشوارع والحدائق وشرفات المنازل ولعل الأخطر هو الإقبال الشديد لطلاب الجامعات والمدارس وحتى الأطفال تحت سن العاشرة دون أي رقيب أو حسيب مجتمعي أو أسري، مع العلم بأن الضرر لا يقتصر على الفرد بل على الاسرة والمجتمع والبيئة، وهو ما يطرح السؤال: أليست الظاهرة بحاجة الى حل أو متابعة من مؤسسات الدولة المعنية بالتربية والطفولة والصحة، ولو من خلال ورشات العمل التوعوية للأهل والمشرفين على مؤسسات التربية والتعليم.

 

الظاهرة لفتت انتباهنا، وفي جولة لموقع "الاعلام تايم" في حارات دمشق القديمة والحديثة وفي الحدائق، كان لقاؤنا الأول مع شاب يعمل في أحد المقاهي وبدردشة معه  قال إنه يقدم في أمسية اليوم الواحد ما يزيد عن أربعين "أرجيلة".

 

وتنوعت الإجابات خلال سؤالنا لهم ونحن نتجول في المقهى بين الطاولات التي تفاوتت أعمار الجالسين عليها من الفتيان الصغار الى المعمرين، ففي الوقت الذي يعتبرها الصغار متعة ما بعدها متعة ولذة تقضي على هموم الحياة، يقول مرتادو المقاهي من المعمرين أن هذه العادة مضى عليها عقود من الزمن فهي أصبحت حاجة من الحاجات الأساسية التي نمت مع تقدمنا بالسن.

 

فيما عزا البعض إقبالهم على الأمر الى الظروف الحالية التي يعيشونها، فليس من شيء يقومون به ويستمتعون به سوى الأرجيلة ولعب الشدة مع كأس شاي أو كوب من المشروبات الغازية، معتبرين ذلك أفضل من النقاشات والجدل التي لا تؤدي الا الى الخلافات والشجار والخصام.

 

ما لفت انتباهنا ودهشتنا أن أسرة كانت تحجز لها مقعداً في المقهى،  الأم التي كانت تمسك بخرطوم الأركيلة بإحكام رفضت الإجابة عن سؤال كيف لها أن تسمح لابنتها التي جلست بجانبها أن تتناول أركيلتها مع علمها بمضارها، بينما اعتبرها الأب حرية شخصية، وأمامنا أفضل من أن تكون لوحدها.

 

ولأن البعض يعتقد أن الأرجيلة أفضل من تدخين السجائر وكلاهما بلاء، يجمع الأطباء  على مخاطر تدخين "الأرجيلة"، وأن كل نفَس من "أرجيلة" حجم صغير يعادل /40/ سيجارة، أما إذا كانت "أرجيلة" حجم كبير فيعادل الَنفس الواحد تقريباً حجم /80/ سيجارة، فهي تحمل نفس أضرار السيجارة يُضاف إليها مشكلة انتفاخ الرئة التي تؤدي إلى قصور في التنفس، واضطرابات مزمنة في الجهاز التنفسي.
ولكن مهما كانت الأسباب التي تدفع الشباب لتدخينها، هي لذة عارضة تخفي وراءها موتاً بطيئاً أو علةً لا يمكن الخلاص منها بأي حال، والسؤال هل "الأرجيلة" عادة دائمة في مجتمعنا أم أنها مؤقتة وإلى زوال؟!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=40799