وجهات نظر

تشريح قلب الذئب .. والجسد المحموم بين حلب والموصل

نارام سرجون


الإعلام تايم - مقالات وآراء 


لن تجدوا في صدور الذئاب إلا قلوب الذئاب .. فلا تبحثوا في صدور الذئاب عن قلوب العصافير .. وإذا ما شققتم صدر ذئب حزين فإنكم لن تجدوا فيه قلب سنونوة حزينة .. فما هو السر الذي جعل قلوب رعاة البقر القساة التي أشبه ما تكون بقلوب ثيران المصارعة أرق وأصغر من قلوب الأرانب الصغيرة ؟ .. وكيف يمكن لبقرة وحشية مثل سامانثا باور مندوبة أميركا في الأمم المتحدة أن يكون في صدرها قلب فراشة بيضاء ؟؟ وكيف لصدر ذئبة اسمها هيلاري كلينتون أن يخفق فيه قلب بجعة بيضاء؟؟ ..

 

هذه أسئلة مشروعة تقفز إلي كلما سمعت صوت ارتطام الدموع بالدموع في مجلس الأمن الباكي على حلب والموصل وسمعت صوت خفقان الوجدانيات والزفرات الحرّى على أهل حلب والموصل على وسائل الإعلام الغربية وفي البرامج الانتخابية .

 

كم تحسد مدن الدنيا اليوم مدينتي حلب والموصل على العناية الفائقة الأميركية والغربية بهما .. وكم تتمنى مدن أبيدت نهائياً على يد البريطانيين والأميركيين في الحروب أنها كانت بغلاوة حلب والموصل على قلب أميركا .. شتوتغارت ودرسدن الألمانيتان تنظران بغيرة إلى حلب والموصل لأن القتلى المدنيين الألمان من قصف الحلفاء في ليلة واحدة وصلوا إلى 100 ألف قتيل مدني في ليلة واحدة عام 1945 .. كيف رق قلب رعاة البقر وجزاري المدن الذين لهم هواية إبادة المدن كما رق الآن على مدننا في الشرق؟؟ .. أين كان هذا القلب الرقيق والخوف على المدنيين عندما كانت بغداد تطحن وتحرق منذ سنوات قليلة ويطحن ملجأ العامرية ولم يبال أحد بأي مدني قيل أن البعثيين "القتلة" ورجال صدام كانوا يحتجزونهم رهائن كما ادعى الغرب الذي قرر تحرير العراقيين بالقوة المفرطة من مدن يحتلها صدام حسين وعصابته كما ادعت أميركا؟؟ .. أين كان هذا القلب الرقيق في الفالوجة التي سقيت بالمواد الكيماوية وشرب ماؤها اليورانيوم المنضب .. وحرثت أرضها بالفوسفور الأبيض وبذرت فيها جماجم الفلوجيين وعظامهم في التراب ؟؟

 

وكم يتمنى مئات آلاف الضحايا في هيروشيما و ناكازاكي لو أنهم كانوا يسكنون في سورية والعراق لأن الخوف الأميركي على المدنيين السوريين والعراقيين لاشك كان سينقذهم من الحرق والتذويب والانصهار مع الاسمنت المسلح .. تحت حرارة مليون درجة مئوية بفعل القنابل الذرية ..

 

ولو سمع الهنود الحمر صوت تدافع الدموع على خدود سامانثا باور وهي تتحدث عن سيارات الإسعاف والمشافي الحلبية تحت القاذفات الروسية فإنهم لاشك سيبعثون من المقابر الجماعية بين حدائق البيت الأبيض الاميركي المطمورة تحت المكتب البيضاوي لتتمنى أرواحهم لو أنها كانت من سكان أحياء حلب الشرقية أو الموصل حيث ترقد على هاتين المدينتين اليوم سامانثا باور وهيلاري كلينتون كما ترقد دجاجة على بيضها وتدفئه وتدافع عنه بشراسة ..

 

كم مدينة في فيتنام وكوريا وأفغانستان تتمنى أن تعرف السر الذي تخبئه حلب والموصل حتى صارت حياة كل مدني أغلى على قلب أميركا من حياة ابنة هيلاري كلينتون .. وكأن كل سكان حلب والموصل يحملون الجنسية الأميركية فلا يصح برنامج أو لقاء في أي حملة انتخابية الا بالسؤال عن الموقف من الاعتداء على سكان حلب والموصل .. حتى أن حلب والموصل صارتا بأهمية برجي مركز التجارة العالمي .. وتكاد أميركا تمتشق أسلحتها للدفاع عن أبراج حلب والموصل التي تهاجمها الطائرات السورية و الروسية وتسقط أبراج جبهة النصرة وهي تترنح كأنها أبراج نيويورك ..

 

السر في الموصل وحلب بسيط .. ففي هاتين المدينتين ينبض قلب الإرهاب الذي اخترعته العقول الشريرة في الغرب وزرعته في أجساد مدننا .. قلب نصفه الأيمن "داعش "ونصفه الأيسر النصرة .. واقتلاع هذا القلب بشقيه الأيمن والأيسر سيعني أن الجسم الارهابي الذي أعدته أميركا وصنعته في مخابرها لتدمير المجتمعات الشرقية سيتوقف عن الخفقان .. وستحتاج سنوات لإعادة صنع هذا القلب الرهيب من جديد .. وستكون هزيمة الموصل وحلب سبباً في فقدان الثقة بين جمهور الخلافة الإسلامية والمشروع التكفيري بالمنتج و بقدرة التنظيمين على أن يلحقا هزيمة بالعدو .. ويخشى أن يرى المعجبون بحلم الخلافة الاسلامية أن الله لم يشأ بعد بالنصر ولم يأذن بذلك وأن إرادة الله هي أن يؤجل هذا الحلم وأن عليهم الانصياع لمشيئة الله .. وهذا يعني أن فائض المنتجات الوهابية في مزارع المساجد السعودية قد تتعرض للكساد كما أن النظرية الوهابية نفسها ستهتز كما اهتزت بعد هزيمة أفغانستان التي صدمت المؤمنين عندما رأوا أن الله تخلى عن المؤمنين في معركة أفغانستان وجعلت المؤمنين يبحثون عن ساحة بديلة يؤيدها الله .. الطفرة الوهابية الجديدة قد تصاب بالجنون وتعض رأسها وقلبها في قلب السعودية والخليج المحتل لأن الخروج من أرض الشام والعراق يعني أن آخر أمل هو الخلافة في نجد والحجاز حيث أقدس مقدسات المسلمين ..

 

إذاً.. الشيء الوحيد الذي تتميز به هاتان المدينتان عن باقي مدن العالم هو أن فيهما وصفة سحرية لا يعرفها الا الراسخون في علم المدن السحرية .. فقد أضيفت اليها تعويذة أمريكية اسمها "داعش" و"النصرة" .. وهما تنظيمان توأمان ولدا من رحم (السي آي ايه) وسكبت أميركا دواعشها  وتعويذتها السحرية في عمامة أبي بكر البغدادي .. وطرزت شوارع حلب بلحية (الجولاني) وجبهة النصرة ..

 

ولذلك فان الجسد الإرهابي الواحد يدافع عن كل أعضائه .. الجسد الإرهابي واحد له عقل أميركي ولسان بريطاني وعين فرنسية وله يد وقدم قذرة عربية واسلامية وأنياب عثمانية .. وهؤلاء سرقوا قول الرسول (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى) .. فصار الإرهابيون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو .. تداعى له سائر الجسد الإرهابي بالسهر والحمى .. ومن هنا فان المؤمنين الدواعش ومؤمني الجولاني وجدوا إخوة وأخوات لهم مثل سامانثا باور وهيلاري كلينتون وباراك أوباما وفرانسوا هولاند وأردوغان  وتيريزا ماي والملك سلمان وحتى الحاخام الأكبر في إسرائيل يتسحاق يوسف يريد أن تتوقف عمليات القتل في حلب وسورية .. وقد تداعوا جميعا لرعاية الإرهابيين بالسهر والحمى في مجلس الأمن وعلى منصات الإعلام العالمية عندما أصابتهم القارعة في حلب والموصل .. جنباً إلى جنب مع اتحاد علماء المسلمين .. وقوى المعارضة السورية (الديمقراطية) .. حتى العجوز حسن عبد العظيم (صديق روبرت فورد الشخصي) طلب أن يتم التخلي عن تحرير حلب حفاظاً على المدنيين وعلى .. الحل السياسي !! ..

فكيف صار كل هؤلاء جسداً واحداً يتداعى بعضه لبعض كلما اشتكى منه عضو؟؟ .. فإذا اشتكت أميركا من السوفييت تداعى المسلمون والسعوديون لمحاربة الشيوعيين طوال عقود .. واذا اشتكى الاسلاميون من الروس تداعى كل الغرب اليهم بالسهر والحمى .. إنها نظرية الجسد الواحد ..

 

تذكروا جيداً .. لن تجدوا في صدور الذئاب إلا قلوب الذئاب .. فلا تبحثوا في صدور الذئاب عن قلوب العصافير والبجع .. واذا ما شققتم صدر ضبع حزين فإنكم لن تجدوا فيه قلب سنونوة حزينة ..
فشقوا صدور الذئاب في حلب والموصل وكونوا على ثقة أنكم ستجدون قلوب ذئاب .. أما قلوب العصافير والبجع فستجدونها بين أنياب الذئاب وفي بطونها وأمعائها ..

 

المعركة في حلب والموصل هي معركة لاستئصال قلوب الذئاب .. وأنياب الذئاب .. ومخالب الذئاب .. وعقول الذئاب .. وطبائع الذئاب .. وثقافة الذئاب .. ولاستعادة حديث النبي عن المودة والتراحم والسهر والحمى من بين أشداق الذئاب ..

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=40744