تحقيقات وتقارير

مواطنون على أبواب الشتاء.. ارحمونا؟


الإعلام تايم - ربى شلهوب 

 

شتاء هذا العام يختلف عن غيره من فصول الشتاء الماضية، ليس بدرجات الحرارة المتوقع أن تكون منخفضة وقاسية، بل بأسعار مستلزماته التي ألقت على كاهل المواطن أضعاف مضاعفة من الهموم التي لا تستطيع جبال على حملها، فمن المؤونة إلى مستلزمات المدرسة وتأمين المازوت للتدفئة وصولاً إلى كسوة الشتاء التي باتت من الكماليات بعد أن كانت تشغل مساحة مهمة بالنسبة للبعض.

 

فأسعار الملابس الشتوية هذا العام تشتعل كالنار في الهشيم، لكنها لا تعمل على التدفئة، بل على إحراق المواطن بحرارة قاتلة لراحته وتبعث على القلق والهم.

 

الشتاء جاء قارعاً الأبواب وكأنه يقرع طبول الحرب بين التاجر والشاري، فمعظم المواد شهدت ارتفاعاً كبيراً بالأسعار وخصوصاً الملابس الشتوية، ما جعل غالبية المواطنين غير قادرين على شراء احتياجاتهم، هذا ما أكده لنا السيد عزيز وهو موظف حكومي: " أنا أب لأربعة أطفال وراتبي لا يكفي لكسوة ولد واحد فكيف لأربعة".

 

تفاوت كبير بين أمس واليوم، فأسعار السنة أعلى من السنة الماضية، تقول رجاء: "القطعة التي كنت اشتريها ب 4 ألاف ليرة مثلاً السنة الماضية، اليوم سعرها 15 ألف، فالأسعار ارتفعت ثلاثة أضعاف والمدخول غير متناسب مع المصروف"،  وتضيف رجاء وهي موظفة بالقطاع الخاص وأم لولدين: " يحتاج من لديه ولدان إلى  100 ألف ليرة على الاقل لكسوتهم، طبعاً هذا غير اللباس المدرسي والمونة والمازوت والكتب.. و..و..و.. فماذا تفعل ال 30 أو 40 ألف ليرة مع الموظف".  

                       

الأسعار مرتفعة جداً وأصبحت الموضة وملاحقتها حلم بعيد المنال، فالشابة إيمان وهي موظفة عملها يفرض عليها أن تكون على الدوام بأفضل طلة لها تقول: " بالنسبة لي كصبية تأثرت كثيراً بالغلاء فأنا أعمل وعلي أن أكون دائماً مرتبة"، لكن الغلاء منع عنا هذه المتعة"، وتضيف الصبية ساخرة من الأيام "ورغم ذلك بحثت عن بديل في البالة، لكن للأسف وكأن كل التجار متأمرين علينا، فحتى الأسعار هناك نار ".

 

"حتى البسطات شافت حالها على الفقير وبطلت تخليه يفكر فيها"، هذا ما قالته السيدة أم يزن, التي في محاولة للبحث عن بدائل تقول: " أعمل على تدوير الألبسة بين أولادي، فأنا غير قادرة على شراء الجديد لهم، فأحياناً اصبغ البنطلون عندما  يكحت، فالأسعار غير منطقية ولا تتناسب إطلاقاً مع الدخل، كنا نكسي 3 أولاد ب 15 ألف ليرة واليوم صار يلزمنا فوق 15 ألف 3 أضعاف لكسوة واحد منهم".

 

"ما في تاجر خسران بس في زبون خسران"، هذا رأته الطالبة هند مردفة " التجار تستغل الناس والجميع يلقي اللوم على الدولار، لكن عندما ينزل سعر الدولار تبقى الأسعار محلقة في السماء"، وتضيف هند: "التاجر حكماً يزيد الأسعار عن سعرها الحقيقي، كي يحصل على ربح أكبر، هذا ناهيك عن التفاوت بالأسعار، فكل محل يبيع  حسب مزاجه المنطقة التي يقع محله فيها".    

                  

وللتاجر حكايته ومبرراته ليرد التهمة عنه، وليثبت أنه أيضاً فريسة الغلاء، فأبو علاء وهو صاحب محل للألبسة يقول "أسعار الألبسة مرتفعة بسبب الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج، ونتيجة لهذا الارتفاع، فقد خفض التجار نسب أرباحهم في محاولة لتخفيض السعر وزيادة حركة البيع، ولكنه يبقى مرتفعاً قياساً بمستوى دخل المواطن، وهذا ما ينعكس على انخفاض كبير في مبيعاتنا، والتي يجب أن تكون في ذروتها هذه الأيام مع دخول موسم الشتاء والبرد". 

    

أما جاره وزميله في المهنة طوني فيقول" الكل على حق من الشاري للتجار والمستورد، فعملية البيع انخفضت كثيراً، وأنا شخصياً أشعر بالخجل من هذه الأسعار لكن ليس باليد حيلة فأنا أيضاً صاحب أسرة وهذا مصدر رزقي، والارتفاع يلحقه ارتفاع، في السنوات السابقة كانت الالف ليرة تكفي لمصروف يوم أما اليوم فتحتاج لخمسة الاتف ليرة كحد ادنى لتأمين  احتياجاتك اليومية".

 

"من شهر ما بعت ولا قطعة"  تؤكد ليلى صاحبة محل لألبسة السهرة لأن الأسعار خيالية ولا حول ولا قوة للناس فالدخل صغير والمصروف كبير، وتضيف " أفكر ملياً بالتصفية والإغلاق لأن المحل بات عبئا علي".

 

إذاً.. هو حكم القوي على الضعيف، لكن في الحالة السورية من هو القوي ومن هو الضعيف؟ فبين قوة الأسعار وضعف الحرارة يبقى المواطن الضحية فلا ارتفاع الأسعار يمنحه الدفئ ولا انخفاض الحرارة يرحم.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=40650