وجهات نظر

الاغتيال بحذاء امرأة

نبيه البرجي


الإعلام تايم - الديار

حين أطاحت فضيحة مالية برئيس المجلس الدستوري الفرنسي رولان دوما، وكان وزيرا للخارجية، ولطالما قيل أنه ما من امرأة تستطيع مقاومة جاذبيته، خرجت صحيفة "لوكنار انشينه" الساخرة بالمانشيت التالي "الاغتيال بحذاء امرأة".

 

الأن، اغتيال دونالد ترامب بأحذية النساء. توماس جيفرسون كان يرى أن الملائكة هي التي تحمل الرئيس إلى البيت الأبيض. لم يتصور البتة أن الغانيات، أو بنات الهوى، يمكن أن يحملن أي رجل إلى هناك...


الولايات المتحدة عرفت رؤساء أتوا من البنتاغون، أو الـ "سي.آي.اي"، أو وول ستريت ، أو هارفارد، أو الكونغرس، أو حتى من هوليوود، ولكن كيف لها أن تتقبل رئيساً تلاحقه" ثقافة الحرائق" في لاس فيغاس..

 

زلزال داخل الحزب الجمهوري الذي عرف في القرن العشرين رؤساء من طراز تيودور روزفلت (المقاتل من اجل الاصلاح)، أو دوايت ايزنهاور (بطل النورماندي) أو رونالد ريغان(حرب النجوم) أو جورج بوش الأب (النظام العالمي الجديد). ماذا عن دونالد ترامب؟ رجل من خارج الاستبلشمانت. منذ اليوم الأول بدأ التساؤل ما إذا كان سيعين الليدي غاغا مستشارة للأمن القومي. وكان أن فريد زكريا، المعلق الأميركي الشهير، خاطبه بالقول "أيها السيد ترامب إن أدغال الشرق الأوسط أشد هولاً بكثير من أدغال لاس فيغاس".

 

ذكرّه وهو الذي من أصل هندي بأن الشرق لم يعد خزانة ألف ليلة و ليلة بل هو خزانة ألف أزمة وأزمة. هذا لا يعني أن الكثيرين لم يروا فيه الكاوبوي، الآتي من ليل الثريات  لا من ليل الأودية. الذي يقلب المشهد الهرم رأساً على عقب. مثلما تحتاج أميركا الى هزة استراتيجية تحتاج الى هزة وجدانية.


البيت الأبيض عرف رؤساء برؤوس فارغة، لكنه لم يعرف (باستثناء جون كينيدي وبيل كلينتون)رؤساء برؤوس تمتلىء (أو تشتعل) بالنساء. لكن كينيدي ابن السلالة الملكية، وكلينتون الذي لا يعرف والده ابن جورج تاون واكسفورد ويال...

 

عبثاً تبحثون عن مزايا في شخصية ترامب، وفي تقاطيع وجهه. خصومه يقولون "اذا وصل فإن ابن عمنا الشمبانزي سيحكم أميركا". عقل الشمبانزي فعلاً حين يتعامل مع المرأة بكل ذلك الابتذال اللغوي والجسدي، وحين يكون الوصف المفضل عنده "الخنزير" أو"الخنزيرة"، وحين يخلط بين الشرق الأقصى والشرق الأوسط  لتغدو منغوليا على حدود اليمن..

 

المشكلة أن هيلاري كلينتون ليست بسحر غريتا غاربو ولا بحنكة مادلين أولبرايت. لم تكن قطعاً بالديبلوماسية الخلاقة، ولا بالزوجة التي تُشعر بيل كلينتون بأنها تشبه القطة الدافئة في الفراش. إنها تتحدث بلهجة من تعلن أنها حين تدخل الى البيت الابيض ستنتهج استراتيجية الكعب العالي، والسقف العالي، ثمة خوف حقيقي من أن تتحول إلى دمية بين أيدي الجنرالات، وقادة الأجهزة، ورجال المجمع الصناعي - العسكري...

 

لن تستطيع أن تضيف الكثير الى سياسات باراك أوباما الذي كانت تثير هلعه قوافل التوابيت من فيتنام وافغانستان والعراق، ومن لبنان أيضاً (1983). في مقابلة معه قال أن المهنة التي كان يكرهها منذ الطفولة هي "حفار القبور". ثمة رؤساء أميركيون واحترفوا هذه المهنة على قرع الطبول.

 

كعرب، لا يعنينا من يكون في البيت الأبيض. ذات يوم فكّر جون كينيدي بإرسال لجنة لمراقبة البرنامج النووي الإسرائيلي. سقط برصاص لي هارفي الذي سقط، بدوره، برصاص جاك روبي. إنها الأدغال الأميركية التي لا تختلف عن أدغال الغيب..

 

البعض يعتبر أن رئيساً مجنوناً وحده يستطيع حل الأزمات المجنونة في المنطقة. اللبنانيون يسألون لماذا لا يحدث فراغ في البيت الأبيض؟ ثمة حل كان يجول في رأس الوزير الراحل فؤاد بطرس. أن يكون هناك نائب أرثوذكسي لرئيس الجمهورية الماروني بدلاً من موقعي نائب رئيس مجلس النواب ونائب رئيس مجلس الوزراء.

 

تذكرون كيف حلّ ليندون جونسون محل جون كينيدي، وجيرالد فورد محل ريتشارد نيكسون، وهاري ترومان محل فرنكلين روزفلت، واندرو جونسون محل ابراهام لنكولن.

 

لا فراغ في رئاسة الولايات المتحدة، وحيث آلاف الملل، وآلاف الثقافات. عندنا  18 ملّة فقط وكلها (حتى الأرمن) تنتمي الى ثقافة  العتابا والميجانا...

 

أياً كان في البيت الأبيض، لا تغيير يذكر في السياسات. التغيير فقط في الكعب العالي. أجل، أزمة رجال. عندنا أزمة رجال وأزمة دول و...أزمة آلهة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=40531