وجهات نظر

حرب باردة.. أم حرب ثالثة؟؟

طارق ابراهيم


الاعلام تايم_طارق ابراهيم


"خطوات غير ديبلوماسية".. التصريح الاميركي الاول الذي أعقب إعلان قطع القنوات الديبلوماسية الاميركية حول سورية مع موسكو على لسان الناطق باسم خارجية واشنطن جون كيربي والذي ترجمه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنه تهديد صريح باللجوء الى الخيار العسكري ضد دمشق.


تفسيران لا ثالث لهما.. وراء وأد الديبلوماسية الاميركية في سورية: أولا.. القرار الروسي المفاجئ بعملية جوية واسعة لتدمير مراكز الثقل لشياطين أميركا في حلب، وخروج الاتفاق السوري الروسي بنشر مجموعة عمل جوية روسية في سورية نهاية آب الماضي للعلن وإشارة الاعلام الروسي بأن مجلس الدوما صادق عليه.


التفسير الثاني.. ما كشفه أحد مراكز الدراسات في المانيا "فيريل" أن هناك خطة لحلف الناتو تقضي بتوجيه ضربة عسكرية خلال الشهر الجاري على مواقع عسكرية سورية.. هنا لابد من لفت انتباه دوائر استخبارات الغرب وواشنطن من أن الرسائل التي تصلها من شياطينها متزعمي التنظيمات الارهابية عن أن سورية باتت كـ"العنزة الميتة وآن الاوان للذباحين أن يبدؤوا بسلخها" هو مجرد كلام هراء ولكم أن تروا بأم أعينكم، فالتحشيد الروسي لم يأتي لفراغ أوعن عبث وليس مجرد عرض واستعراض.


التنسيق الروسي الاميركي أو عدم اكتمال الجاهزية والخلافات بين دول الناتو" أجّل الضربة ذاتها والتي كانت معدة في تموز الماضي، وفق المركز، والحلف وحسب خطته أراد إنهاك الحلف السوري الروسي الايراني باللجوء الى استنزاف قوته إلا أن سير المعارك والتقدم الملحوظ في الميدان في حلب وريف الشام وريف حماه.. والجنون من دخول مناطق كانت رئيسية في المواجهات الى ملف المصالحات .. كل ذلك سبب ذهولا وشللا لصناع السياسة وراسمي الخطط الغربيين والاميركيين، "المتنورين" وفق ما أسماهم "فيريل.


الخارجية الروسية تنبهت للأمر منذ البداية مع علمها المطلق بأن إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما لن تكون جادة أو صادقة بيوم من الايام في تصريحاتها واتفاقاتها مع أي طرف، وهي غير جديرة بالثقة.. فها هي تعلق قنوات الاتصال مع موسكو بشأن سورية ما يعني أنها قررت العودة للحل العسكري…!!».. فجاء الرد الصريح على لسان المتحدثة باسم خارجيتها ماريا زاخاروفا محذرة من "عدوان" أمريكي على الجيش والسلطة السورية، بأنه سيؤدي الى نتائج كارثية ليس على سورية وإنما الشرق الاوسط بأسره.


الدفاع الروسية، ذهبت أبعد من ذلك حين قالت إن موسكو تعلم جيداً أين يتواجد الخبراء الأميركيون في سورية وبالتحديد في حلب غير المعلن عنهم والذين يديرون عمليات الارهابيين الموالين لواشنطن.. وهذا اعتراف اميركي بإدارة الارهاب الدولي جاء على لسان كيربي والذي حذر فيه من تعاظم خسائر روسيا إذا ما استمرت في عمليتها في سورية، ليأيته رداً سريعاً من المتحدث باسم الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، بقطع نسل الارهابيين قبل الاعتداء على أي جندي روسي.


تساءل مراقبون عن الحشد الروسي فجاء الخبر اليقين من "فيريل"برلين.. روسيا بوتين لن تقف مكتوفة اليدين، وخاصة فور علمها بما يحاك ضد حليفها في مكافحة الارهاب الجيش السوري، فقامت بإرسال منظومات صواريخ محدثة جداً S300 وبشكل مفاجئ إلى قاعدة حميميم، بالإضافة لسفن الإنزال الروسية وحاملة طائرات وسبعة فرقاطات حربية الى السواحل السورية، الى جانب طائرات حديثة من طراز "سوخوي 24" و"سوخوي 34" وآلاف الجنود.. في حين تم الاعلان _ساعة إعداد هذا التقرير_ أن  المدمرتين الصاروخيتين (سيربوخوف) و (زيلوني دول) عبرتا مضيقي البوسفور والدردنيل في طريقهما إلى المياه السورية.


الضربة التي يسرب معلوماتها فيريل والتي ستكون بين 3/5 أيام خلال الشهر الجاري.. لن تحدث ليس تخوفا من الاستعدادات الروسية أو نقص في التمويل فأبناء وأحفاد عبد العزيز آل سعود تكلفوا بالمصاريف حتى لو كلفهم ذلك العودة للخيام وركوب الابل والتجارة ببولها، باعتبار أن النفط سيكون بحكم المفقود، كما أن العدد المشارك مقبول نوعا ما فـ14 دولة ستبحث جاهدة عن صناديق خشبية أو أكياس القمامة السوداء لسحب جثث مسلحيها "مدربي التنظيمات الارهابية" من الاراضي السورية.. عرفتم لماذا لن تحدث؟؟؟ لأنه في حال حدوث هدنة ووقف لإطلاق النار ستتوقف الخطة مؤقتاً!!
وهذا ما يتم التحرك الكثيف من أجله الان.. بتلميح من كيري الذي اتصل بالامس بنظيره الروسي بعدما أعلن قبل أيام قطع الاتصالات الديبلوماسية مع موسكو بشأن سورية، أيضا في نفس السياق كانت تصريحات دي مستورا المبعوث الاممي الخاص الى سورية والذي كان يعيش غيبوبة الهدنة فاستفاق على حين غرة وبدأ يرسل رسائل مواليه الكرام لاستعطاف الجانب الروسي بالتنازل قليلا عما أعلنوه من عملية عسكرية زلزلت الادارة الاميركية قبل أن تزلزل الارض تحت أقدام شياطين تلك الادارة في سورية.

للذكرى فقط.. 
قبل 54 عاماً وفي نفس التوقيت (اكتوبر 1962) كادت التهديدات السوفيتية الاميركية المتبادلة أن تصل الى حرب نووية مدمرة، وكان كلا الطرفان نشر صواريخه ذات الرؤوس النووية في حدود الاخر في إطار الحرب الباردة التي سادت في تلك المرحلة والتي جعلتها أزمة الصواريخ الكوبية التي نشرها الروس في أراضي الجزيرة الكوبية رداً على محاولات واشنطن الفاشلة لإسقاط النظام الكوبي.. مثار رعب لإدارة الرئيس الاميركي جون كينيدي.
إدارة كينيدي توقعت رفض الكرملين إزالة قواعد الصواريخ من كوبا فكانت الخيارات مفتوحة مهاجمة كوبا عن طريق الجو والبحر، ثم استقر الرأي بعمل حظر عسكري عليها. أما عن الجانب السوفيتي فقد كتب الزعيم نيكيتا خروتشوف في رسالة إلى كنيدي بأن "حظر الملاحة في المياه الدولية أوالمجال الجوي" يشكل "عملاً من أعمال العدوان تدفع البشرية إلى هاوية حرب صواريخ نووية عالمية".
انتهت الأزمة في 28 أكتوبر 1962، عندما توصل كلّ من الرئيس الأمريكي جون كينيدي وأمين عام الأمم المتحدة يو ثانت إلى اتفاق مع السوفيت لإزالة قواعد الصواريخ الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا وأن تقوم بالتخلص بشكل سري من الصواريخ "البالستية" المسماة بـ"جوبيتر" من تركيا وإيطاليا.. ولنا في هذه الذكرى عبرة.


خبراء السياسة والعسكر يرون أن حروب واشنطن المستقبلية تنطلق من أرض دول بعيدة عن الاقطاب الكبرى من الناحية الجغرافية حيث تكون هذه الحروب قادرة على تفجير حروب قارية أو عالمية كما "البوسنة والهرسك" و"الممرالبولوني" للحرب العالمية الثانية وربما يكون "الممر الحلبي" الذي يشكل نصراً ساحقاً للحلف الروسي.. مايؤرق ويثير جنون إدارة أوباما والبنتاغون الرافضة بكل السبل تحقيق ذلك النصر حتى لو كانت التكلفة تدمير العالم، الا اذا تخلت عن عنجهيتها وجهزت قبورا لشياطينها في سورية وطلبت التعويض من الله على ما قدمته من دعم مالي وعسكري لهم، ووضعت يدها بيد بوتين للقضاء الفعلي على الارهاب.. إذاً بين الممكن والمستحيل.. سورية قد تكون ممراً لحرب عالمية ثالثة فلننتظر ربما ينتهي التصعيد لأنها ليست المرة الاولى التي يشهد العالم وصول المواجهة المباشرة الى نقطة الصفر.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=39978