وجهات نظر

باختصار: الأميركي الذي لا يفهم !

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن

 


ربما من باب التذاكي أو الذكاء، جرت المناظرة بين ترامب وكلينتون .. فلكي لا يفهم الأميركي شيئا مما سمعه أو تمتع به في رقصة خفة من هيلاري، تم ترتيب الاسئلة، وتقدم المناظران الى الحلبة في هجوم الواحد على الآخر، وفي دفاع الآخر عن نفسه ،  القصة كلها كانت إبهاما في عقل المتتبع الاميركي الذي عقد الآمال على المشهد فلم يحصل منه سوى إحساس اللافهم على الإطلاق.

 

لم يظهر أن للعرب مكانتهم في المناظرة، أنهم هامشيون في كل الأحوال، ومن هنا كان التلاعب بهم من كل صوب، من الشرق ومن الغرب. ألم يقل أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن الانقسام العربي أدى إلى ما أدى إليه في الجامعة، فإذا به يتسلق سلماً صعباً حين يعتبر الفيدرالية حلاً لسورية، وكان الرئيس السوري بشار الأسد اعتبر أنها المدمر لسورية. فما بال المسؤولين العرب يبيعون ويشترون عالم غيرهم بدل أن يسكنوا إلى توظيف إمكانياتهم إن وجدت في جمع العالم العربي من الفراق والتفرق الذي أوصله إلى حاله المزرية، وقد كان معروفاً دائماً أن الغرب وخصوصاً اسرائيل تتفرد بالعرب كل لوحده لأنها تريد أن تتعامل مع وحدات قائمة منفصلة عن المجموع.

 

انصب إذن الاهتمام الشديد على مناظرة كلينتون وترامب، عاش الأميركي دقائق منتظرة، وعاشها العالم لبناء مواقف، وكل الاستراتيجيين يعرفون أن أميركا تحكمها مؤسسة الرئاسة وأن الرئيس مجرد ناطق باسمها، فعلى ماذا يتقاتل الشعب الاميركي من أجل الاختيار، وأميركا منذ ثلاثة قرون تقريباً محكومة بحزبين يتبادلان الرئاسة وممنوع على أي آخر الاقتراب من هذا الإرث اللا ديمقراطي مع أن مثقفينا العرب وغيرهم من المعجبين بـ "الديمقراطية" الاميركية التي لها مساحات محددة لا يمكن تجاوزها في كل الأحوال، وأنه على سبيل المبالغة يقال عن تلك الديمقراطية الأميركية بأنها مفخرة الانسانية، في وقت يعتبر تشرشل أن الديمقراطية أسوأ الحلول الجيدة.

 

ومثل حال العرب في أقطارهم المباحة لشتى الصراعات الهالكة لهم، والتي تنبئ دائماً بأن ثمة ما يشبه غريزة البقاء التي تستدعي توظيف الإمكانيات للدفاع عن القطر بحماسة بالغة في وجه عرب آخرين، أو محاولة تدميرهم كما يحصل اليوم، فإن هؤلاء العرب الذين أبو الغيط منهم، ورغم حضورهم الفاعل في الولايات المتحدة وعددهم المتزايد، إلا أنهم لم يصلوا إلى مستوى التأثير لا في الانتخابات ولا في غيرها، فهم بالتالي هامشيون، أو أن انقسامهم الذي تحدث عنه أبو الغيط مسهم هناك أيضاً فقتل فيهم حس التآلف على الأقل الذي هو الطريق الأولي لمفهوم التوحد .. أن تفهمني يعني أنك صرت الأقرب لي وصرت الأقرب إليك وبحاجة لدفعة بسيطة كي نتوافق.

 

أميركا إذن هي أميركا ولن تتغير سواء حكمها المميز أو الفاشل فهي محكومة أيضاً بمؤسستها التي تسيرها وتولد لها سبل التصرف والكيفيات كلها. إنه عالم تعيشه تلك الدولة العظمى وتحافظ عليه ومن خلاله تعيد ترتيب حالها، وفي كل موسم أو تاريخ تعيد بناء ما تعرض للهدم أو الاشكاليات. أما مواطنها فما عليه سوى أنه الرقم الذي تحركه في أي اتجاه تراه مناسباً، ومن الأسف أن أخطاء تلك المؤسسة والرئيس لا تجري محاسبتهم إلا لفظياً في بعض الأحيان أو كيدية كما جرى لنيكسون على سبيل المثال.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=39728