وجهات نظر

حلب ...الحلبة الآن

نبيه البرجي



الإعلام تايم - الديار

 

يقول لك احدهم في دمشق" لا وقت لدينا لكي نرثي الياسمين". يستدرك"...ولكن لدينا الوقت لكيلا نرثي الامل"...

 

الضفاف، الارصفة، الوجوه، كئيبة. لكن القرار اتخذ: دمشق ليست حطاما، ولن تكون حطاما. بعد كل تلك السنوات من الاعاصير السوداء لم تتحقق نبوءة اشعيا في التوراة، ولا تصورات رجب طيب أردوغان في خارطة السلطنة. الآخرون عباءات حيناً تتقيأ المال و حينا تتقيأ الدم...

في نهاية المطاف، إذا كان للغة أن تتسع لكل ذلك اليأس. العرب ليسوا أكثر من عباءات فارغة. تقترب من ضريح صلاح الدين فيتناهى اليك أنين العظام، وحين تسأل محيي الدين بن عربي ما اذا كان لا يزال يرى الله يجيبك بأن عينيه لم تعودا تريان سوى الجدار. الى أين يقودنا هذا الجدار؟

الكل يقولون لك الا شيء يشير الى أن الحل السياسي وشيك قبل أن يسألوك "وهل تعتقد أن الحل السياسي وشيك في لبنان؟" السؤال شديد الواقعية، لكنه يثير لديك الفزع. هل يمضي لبنان، أيضا، الى الحل العسكري؟

هذا حين تعلم أن هناك من حاول التعبئة ضد توقيف عماد ياسين، اليد اليمنى لابي خالد العراقي في الرقة. ثناء على الجيش اللبناني. الذي نفذ العملية بحرفية فذة، وثناء على الفصائل الفلسطينية التي طالما تمنت الخلاص من ذلك الثعبان الذي كما المشعوذ كان يدخل الى عقول الفتيان، حتى أنه نجح في تجنيد النساء. مرجع أمني قال لنا "لقد قطعنا رأس الشيطان".

القناعة في دمشق أن هناك أجهزة استخبارات، بما في ذلك الاستخبارات الاسرائيلية، لا تزال تستخدم تنظيم "داعش" ليس فقط لأغراض تكتيكية وإنما أيضاً لأغراض استراتيجية. إلا يوجد في لبنان من هو مستعد ليفرش السجادة الحمراء أمام أبي بكر البغدادي، رافضاً التنسيق مع دمشق من أجل تصفية التنظيم على سفوح السلسلة الشرقية؟

ويكشفون لك أن الأوامر أعطيت لأبي محمد الجولاني بأن يكون جاهزا لـ "استضافة" آلاف العناصر من "داعش" إذا ما اندلعت معركة الرقة. متى لم يكن أبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني رجلاً واحداً، وإيديولوجيا واحدة، ومرجعية واحدة؟

 

نفهم أن تطهير حلب الشرقية من مقاتلي "النصرة" وشقيقاتها وأشقائها يفترض أن يحصل قبل 8 تشرين الثاني، يوم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وبعدما بدا من غارة دير الزور أن واشنطن تتعاون حتى مع "داعش" لوضع الخطوط الحمراء...
يؤكدون لك أن لا واشنطن ولا غيرها يمكنها أن تضع الخطوط الحمراء التي ترمي الى تمزيق الخارطة في سورية...

ولكن ماذا لو عادت حلب بكاملها الى أحضان الدولة ليكتمل عقد المدن الكبرى (دمشق، حلب، حمص، حماه، اللاذقية)؟
آشتون كارتر قال هذا ممنوع. جون برينان مقتنع بأن سورية لن تعود كما كانت. في دمشق يقولون إن ما حدث في الأسابيع الأخيرة أزال كل الاقنعة. إنهم يدعون الى تجميد عمل الطيران السوري، ودون أن يتوقف تدفق الصواريخ المضادة للدروع، والصواريخ المضادة للطائرات، على "جبهة النصرة" والفصائل "الإسلامية" الأخرى التي استقبلت العشرات، وربما المئات، من مقاتلي "داعش" بتنسيق استخباراتي واسع النطاق.

 

المتطوعون الروس بدأوا يصلون، وبكثافة، الى سورية لكي يقال للبنتاغون، وللذين يراهنون على وعود هيلاري كلينتون، إن الكرملين سيذهب بعيداً، وبعيداً جداً، اذا ما حاول الجنرالات الأميركيون تحويل سورية إلى افغانستان أخرى. هنا فلاديمير بوتين وليس ليونيد بريجنيف الذي كان يغتسل بالعطر الباريسي، ومن باريس أيضاً كان يستورد ملابسه الداخلية.
الجنرالات الذين لا بد يعلمون أن ثمة غواصات نووية روسية في المياه الإقليمية السورية...

 

مدينة حلب هي الحلبة الآن. إذا بقيت المراوحة بقيت الأزمة السورية تتقيأ الجثث، وإذا عادت الى الدولة سيكون للأزمة طريق آخر، وللدولة لغة آخرى. أسابيع من النار، الكل يحبس أنفاسه.


الجنرالات الروس قالوا "نحن هنا". ماذا إذا قال الجنرالات الأميركيون "...نحن هنا أيضاً"؟
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=39581