االإعلام تايم - الرأي اليوم
هل أخطأت الطائرات الأمريكية؟؟ التعليق الأولي الصادر من واشنطن يؤكد ذلك، ولكن هل يمكن أن تخطيء أربع غارات متتالية؟؟ هذا ممكن طبعاً، تاريخ هذه الطائرات حافل بالأخطاء التي تسببت بقتل ابرياء في افغانستان وباكستان والصومال والعراق وغيرها، مع ذلك شخصياً أعتقد أنه خطأ متعمد فالإدارة الأمريكية يبدو أنها اكتشفت مع بدء تنفيذ الاتفاق مع الروس أنها في مأزق وأنها لا تستطيع أن تنفذ لأنها لا تملك نفوذاً مباشراً على الفصائل المقاتلة وأن حلفاءها الذين يملكون النفوذ في الإقليم رحبوا بالاتفاق لكنهم تصرفوا عكسه في الميدان لأنهم يفضلون انتظار الإدارة الجديدة مطلع العام المقبل، ونعتقد أن البنتاغون صاحب فكرة الغارات الخطأ انتظر من موسكو أو من حلفائها على الأقل أن ينقلبوا على الاتفاق بعد الغارات تحت تأثير الصفعة.
الاستهداف الأمريكي للجيش السوري في دير الزور تزامن مع قصف مماثل للطيران الإسرائيلي على مواقع الجيش السوري في القنيطرة ما أدى لاستشهاد جندي وجرح آخرين، فهل تلك العمليات منسقة بين واشنطن وتل أبيب لتحقيق هدف، وهل هو بحدود الضغط على الحكومة السورية وردعها بعد أن أطلقت سام 200 على الطائرات الإسرائيلية المعتدية أم أبعد من ذلك.
تفكيك المشهد ما قبل الخطوة العسكرية الصادمة يمكن اختصاره بمجموعة حقائق غابت في ضبابية المشهد وغبار التصريحات الذي ملأ الفضاء الإعلامي بعد الاتفاق بين الوزيرين لافروف وكيري.
حلفاء موسكو (دمشق وطهران وحزب الله) حصلوا على نسخ كاملة للاتفاق كما علمنا من مصادر دبلوماسية سورية ولذلك وافقوا عليها دون تردد، الحقيقة التي باتت ملموسه هي أن واشنطن قدمت تنازلات كبيرة في الاتفاق، وهي تصر حتى الآن على عدم نشر أي من تفاصيله وضغطت بكامل ثقلها لإلغاء جلسة مجلس الأمن ليلة السبت كي تتجنب النقاش مع كامل الأعضاء في مضمونه في الوقت الراهن على الأقل.
وفي حقائق المشهد أيضاً يبدو الأمريكيون وقد حشروا بضم الحاء ضمن خيارات سيئة لهم. الموافقة على ضرب جبهة النصرة أو فتح الشام هو جزء من سياسية أمريكية ثابته تعتمد محاربة تنظيم القاعدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 قبل أن تكون من التزامات الاتفاق مع موسكو، لكن في المشهد السوري ثمة خصوصية للقاعدة ففتح الشام هي أقوى وأكبر التنظيمات التي تقاتل الجيش السوري على الأرض وهي برعاية أصدقاء واشنطن في الدوحة ومحاربته يعني أن تزيح قوة كبيرة من الساحة، وسيكون ذلك في مصلحة الجيش السوري وحلفائه، الفصائل المسلحة رفضت دعوة واشنطن للابتعاد عن النصرة وأصدرت بيان بتوقيع جميع الفصائل ترفض فيه الهدنة بعد اجتماع قادة الفصائل في إدلب بحضور مفتي جيش الفتح (عبد الله المحسيني) الذي بلسانه قال الجمعة أن هذا البيان صفعة في وجه روسيا وأمريكا.
بيان الفصائل لم يكن حبراً على ورق إنما ترجمته بخروقات بالعشرات للهدنة، ونفذت أخطر الهجمات على العاصمة دمشق انطلاقاً من جوبر المحاذية صبيحة الجمعة الماضية تم صده بمعارك شرسة سمع أصداءها سكان العاصمة.
في حقائق المشهد أيضاً عملية الفصل بين الفصائل (المعتدلة ) والنصرة سابقاً هذه بتقديرنا ليست إلا مسألة متخلية وهي غير ممكنة التطبيق ومنذ بداية إطلاق مثل هذا المصطلح وليس الآن فحسب وكل من هو قريب من الواقع السوري يعرف هذه الحقيقة ،(التداخل والتشابك والاندماج بين مناطق الانتشار ،الجبهات التي يقاتل عليها الجميع مع جبهة النصرة، التقارب الفكري حيث تتبنى كل هذه الفصائل الفكر السلفي ووحدة الأهداف لما يردون أن تكون عليه سورية ، خطابهم يكاد يكون واحد . والأهم انهم إن تخلوا عن جبهة النصرة سيصبحون ضعفاء أمام قوتين معاديتين لهم في الميدان السوري تنظيم "داعش " والجيش السوري،) كل هذه الأسباب هي ما تجعل مشروع الفصل غير قابل للتطبيق.
إذاً كيف ستتصرف الإدارة الأمريكية؟ قد يتعطل الاتفاق في ضوء هذه الحقائق، وقد ترد موسكو الصفعة بأخرى، عندها إما أن تعود الأطراف إلى الميدان مرة أخرى بشراسة أكبر أو تعادل الصفعات يعيد الاتفاق إلى سكة التنفيذ بشكل أسرع، ما اعتقده حتى كتابة هذه السطور في ليلة الغارات الأمريكية أن الروس سوف يتمسكون بالاتفاق بشكل أكبر بل سيكشفون مضمونه. |
||||||||
|