تحقيقات وتقارير

المؤجر والمستأجر.. طمع وجشع وتحميل المسؤولية للظروف


الاعلام تايم - لمى محمود


واقع الأزمة التي تمر بها سورية منذ أكثر من خمس سنوات أفرز الكثير من المشكلات التي لامست الواقع المعيشي للمواطن السوري، من بينها أزمة الإيجارات لتزيد من معاناة السوريين اليومية، ومع الارتفاع المستمر في أسعار شقق الإيجار أصبح الحصول على شقة ذات مواصفات جيدة  تتناسب مع دخل الفرد المحدود أمراً مستحيلاً, ما اضطر أغلبهم إلى اللجوء لاستئجار شقق غير صالحة للسكن.


ومع الدور الذي لعبته الأزمة الاقتصادية في التحكم بالأسعار ومنها إيجار الشقق السكنية، إلا أنه جعلت من المواطن ضحية خصوصاً أن الأخير هو المتضرر من هذا الارتفاع، وقد وصلت نسبة هذا الارتفاع لإيجار الشقق في دمشق لأكثر من 125%.


استغلال وجشع المؤجر والعقاري
ويعتبر المواطنون أن المستفيد الأكبر من عملية الإيجار هم "أصحاب المكاتب العقارية"، حيث يقبض المكتب من الطرفين "المالك والمستأجر" مبلغاً يعادل نصف أجرة شهر كامل لقاء إبرام العقد،  دون مراعاة لظروف المواطن المعيشية, فكثيرا ما يحدث أن يطلب مالك المنزل من المستأجر زيادة الأجرة أو الإخلاء فوراً، "مستغلين غياب شبه تام لدور الحكومة".


أحمد دخيل - من أصحاب الدخل المحدود واضطر لترك منزله بفعل الاعمال الارهابية، يقول: سكنت بموقع قريب من الجامعة لتسهيل متابعة أبنائي دراساتهم فيها. العقد بيني وبين المالك يشير الى أن الاجار الشهري 500 ليرة سورية وهو في الواقع 50000 على أن ادفع سلفة عن ثلاثة أشهر.


رؤوف - طالب من مدينة حمص له تجربته مع مشكلة السكن, يقول  " بحثت عن مسكن رخيص في دمشق لأتابع دراستي الجامعية في العاصمة، وبعد جهد كبير وجدت غرفة صغيرة غير مفروشة في منطقة جرمانا سعر أجارها 15 الاف  ليرة شهرياً وهي غير صالحة للسكن، وفوق كل ذلك يطالبني المالك كل فترة برفع الآجار بحجة غلاء المعيشة.


مشكلة السكن اضطرت الكثير من الشباب الى تأجيل التفكير بالزواج او حتى العزوف عنه. محمد عبدالكريم  يروي معاناته في تأمين السكن لحياته الزوجية: "مضى على خطبتي ثلاث سنين وان دائم البحث عن شقة تناسب دخلي الشهري, الذي لا يتجاوز 30 ألف ليرة سورية، فكيف لي ان اعيش لا سيما وان خطيبتي  عاطلة عن العمل ولا تستطيع مساعدتي, وبالتالي فان مشروع الزواج مؤجل حاليا".


يقول "محمد عبد" مالك أحد العقارات "ان انخفاض القيمة الشرائية للعملة وتضاعف الأسعار والظروف الاقتصادية السيئة يدفعنا إلى المطالبة بزيادة الأجرة كل فترة وأنا لست الوحيد الذي يضاعف الإيجار" , مشيرا الى انه من أربعة سنوات كان أجار البيت حوالى 30 ألفا  وحالياً صار الأجار نحو 60 ألفا، علماً أن القيمة الشرائية الحقيقية تعادل 15 ألفأ، فالغلاء وارتفاع الأسعار تضاعف عدة مرات .


أسعار خيالية دون ضوابط
ويلفت بعض المواطنين الى أن الإيجارات تزداد بشكل غير منطقي، فأصبحت ترتفع كل ستة أشهر حوالي 15% إلى 25%، وسط توقعات باستمرار ارتفاعها.


ولعل موضوع الإيجار، كما بين صاحب أحد المكاتب العقارية، يتعلق بمساحة المنزل وموقعه في العاصمة، حيث يصل إيجار منزل في منطقة المزة فيلات أو مزة أوتستراد والمالكي والشعلان والمزرعة ما بين 160 ألف ليرة إلى 200 ألف في الشهر الواحد وذلك حسب مساحته، في حين يتراجع المبلغ بالنسبة لأحياء مثل "ركن الدين" أو "مساكن برزة" حيث تتراوح الإيجارات في تلك المناطق بين 50 إلى 75 ألف ليرة... بينما يبلغ متوسط الإيجار في مناطق العشوائيات بين 25 الفاً و 40 ألفاً.


ورغم كل التخبطات التي تشهدها سوق العقارات لم تستطع الجهات المعنية  من "تنظيم وضبط قيمة الإيجارات" والسيطرة على هذا السوق.. ومازال بعض المواطنين في حيرة من أمرهم بسبب ارتفاع إيجار الشقق إلى أسعار خيالية، ولاتزال مطالب المواطنين المتضررين من الأزمة مستمرة حول ضرورة مراعاة ظروفهم ورواتبهم الضعيفة التي لا تتحمل هذه الإيجارات المرتفعة، و"إيجاد نظام عقاري لحماية المستأجرين من طمع المالك واستغلال صاحب العقار، أو إيجاد صيغة أو آلية يلتزم بها المؤجر والمستأجر لضمان حقوق الطرفين".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=39110