وجهات نظر

من يغلق طريق الحل السياسي في سورية… ولماذا..!؟

عبد السلام حجاب


الإعلام تايم- الوطن

يبدو أنه بين التخدير والتبرير والتحذير وإمكانية عودة الوعي السياسي، تأخذ التصريحات السياسية ووسائل الإعلام، غرباً وشرقاً بما فيها المنخرطة أو المدجنة لخدمة الفوضى الدامية بواسطة الإرهاب، حيزاً واسعاً من الاهتمام والترقب بعد أن أصبح الإرهاب واقعاً مؤرقاً، برسم نمط حياة المواطن اليومية في غير مكان من العالم، ويحدد بصورة قسرية عكس ما تريده المجتمعات من عالم خال من الإرهاب والفوضى والقتل والتفجير، حيث بات السؤال الملح يتركز حول سبل إعادة الإرهاب إلى القمم، بعد أن صار أشبه بجني ألف ليلة وليلة، أن لم تتوحد الجهود السياسية والثقافية والإعلامية في محاربته حتى القضاء عليه وفق أحكام القانون الدولي التي من دونها لن يفيد تخدير ولن ينفع تبرير ولا شيء غير عودة الوعي السياسي والعمل الموحد لمواجهة الخطر.

 

ولعل هذا يضع المراقب الموضوعي لتطورات ما يحدث سياسياً وميدانياً في سياق ما أصبح قيد التداول الجاد للحل السياسي للأزمة في سورية، أمام تساؤلات تستند بمجملها إلى التعاون المستمر بين القطبين الروسي والأميركي وما يمثله كل منهما في الواقع السياسي الدولي. وقد أكد الوزير كيري أنه تعاون يعطي نتائج إيجابية لجهة تسوية المشكلات الدولية الآنية.


ووصف الرئيس بوتين بأنه صعب ويسير تدريجياً بالاتجاه الصحيح، ومن بين هذه التساؤلات.


1- هل بمقدور الحسابات الخاصة لأصحاب الرؤوس الحامية في السعودية وقطر وتركيا، وجميعها أنظمة حكم مأزومة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، أن تشكل عوامل إغلاق لطريق الحل السياسي، وخاصة أن كيري أعلن أن لا حل عسكرياً للأزمة.


2- هل يمكن للقوى النافذة داخل أميركا وحلفائها داخل مجلس الأمن تحويل الاجتماع الذي سيعقده في 21 الشهر الحالي إلى منصة سياسية لتعطيل أو تخريب الجهد السياسي والدبلوماسي الروسي والأميركي المشترك لمحاربة الإرهاب بلا انتقائية ولدعم الحل السياسي في سورية وفقاً لإرادة السوريين أنفسهم وبقيادة سورية من دون تدخل خارجي أو شروط مسبقة.


3- كيف يمكن للمبعوث الدولي دي ميستورا أن يستعيد نزاهته أمام مجلس الأمن بعد تصريحات مشبوهة تجاه الخطوة الاستراتيجية السورية التي وصفها لافروف بأنها مثال يحتذى بإخلاء مدينة داريا من الإرهابيين المسلحين واستعادة المدينة ومواطنيها إلى حضن الوطن. ثم كيف له تبرير صمته المريب تجاه خرق القانون الدولي بانتهاك تركي وعدوان موصوف متعدد الأغراض على سورية الدولة العضو في الأمم المتحدة. وقيامه بإحلال تنظيمات إرهابية تابعة لنظام أنقرة محل تنظيم داعش الإرهابي. أم إن تصريحاته اللامسؤولة وصمته المشبوه، وما يعنيه ذلك من تماه مع مصالح التنظيمات الإرهابية والداعمين والممولين لها، ستشكل معوقات إضافية مطلوبة أمام الحل السياسي في سورية، وليس هناك من يعتقد بأن الأمم المتحدة تخلت عن مبادئها أو إن الدولة الوطنية تتخلى عن قرارها الوطني المستقل.
لكن رغم ذلك، فإنه ليس من فراغ ألا يستبعد الرئيس بوتين إعلان موسكو وواشنطن قريباً عن التوصل إلى اتفاق بشأن تسوية الأزمة في سورية واصفاً المحادثات الجارية بين الشريكين بأنها جيدة ومقيماً على نحو إيجابي جهود الوزير كيري في المحادثات التي تسير تدريجياً بالاتجاه الصحيح.


وإذا كان بوتين سيلتقي نظيره الأميركي أوباما على هامش قمة العشرين التي بدأت أعمالها في الصين. فإن التوقعات التي يجري تداولها سياسياً وإعلامياً تعلق آمالاً على هذا اللقاء وما يمكن أن يسفر عنه من نتائج يسعى الرئيس أوباما إلى تحقيقها في المحطة الأهم قبل وداع منصبه الرئاسي ما يعني وضع نقطة في آخر سطر من الأزمات ابتداء من سورية وضرورة التوحد في محاربة الإرهاب وإغلاق عقبته الرئيسية بفصل المعارضة المعتدلة حسب المفهوم الأميركي عن جبهة النصرة الإرهابية التي تتلون كالحرباء مع مشتقاتها الإرهابية. ومروراً بالأزمة في أوكرانيا وما تمثله من قلق وهواجس لدى دول أوروبية وحلف ناتو وصولاً إلى إيران والصين وكوريا الديمقراطية باعتبارها قوى فاعلة ومؤثرة في السياسة الدولية.


وإذا كان الرئيس بوتين واقعياً، بنظرته إلى الاهتمام المطلوب من قمة العشرين بالشأن الاقتصادي فحسب نظراً لأن الأزمات والقضايا السياسية لها المحافل الخاصة فإن محادثاته مع الرئيس المصري السيسي. ورئيس النظام التركي أردوغان لا تقل أهمية عن محادثاته مع آخرين. ولا سيما أنها تأتي على خلفية تصريحات المسؤولين في حكومة أنقرة حول خطوات سوف تقوم بها باتجاه تطبيع علاقاتها مع سورية ومصر، علماً بأن أردوغان المثقل بتداعيات الانقلاب الفاشل الذي ما يزال مسجلاً ضد مجهول. يعاني أعباء انتمائه الإخواني وما يفرضه من سياسات لا يستطيع التفلت منها. مضافاً إليها ارتباطاته بحلف ناتو والمنظومة الأمنية الأميركية الإسرائيلية، حيث لكل معاييره وشروطه التي تتجاوز المجال الاقتصادي كمعبر وحيد يتطلع إليه لتصفير مشاكله مع دول الجوار.


إنه بقراءة موضوعية يمكن فهم العلاقة القائمة بين من يريد إغلاق الطريق أمام الحل السياسي للأزمة في سورية وبين لماذا لا يريد إغلاق هذا الطريق. تأسيساً على فهم عدم الفصل بين ما يسمى "المعارضة المعتدلة" حسب التوصيف الأميركي عن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي.

وأكد الوزير لافروف "أن أي اتفاقات مع الولايات المتحدة حول تنسيق جهود محاربة الإرهاب لن تنفذ قبل تحقيق الفصل مشدداً على أن قيام تنظيم جبهة النصرة الإرهابي باستخدام المعارضة لتجنب الضربات لن يستمر إلى ما لا نهاية" ما يعني واقعياً ضرورة سد ثغرة التبرير لمصلحة عبور الوعي السياسي لحل الأزمات ومكافحة الإرهاب.

وبطبيعة الحال فإن من يستعيد قراءة برنامج العمل السياسي الذي أعلنه الرئيس بشار الأسد منذ مطلع عام 2013 كمنهاج عمل لحل واضح الخطوات لما سموه "الأزمة في سورية" إنما بات يدرك اليوم أن المراحل الثلاث لبرنامج العمل السياسي بمحدداته الموضوعية. رسمت الطريق إلى حل وطني يقرره السوريون بأنفسهم عبر صناديق الاقتراع من دون تدخل خارجي أو شروط مسبقة. من أجل بناء سورية المتجددة. ولا شك بأن صمود السوريين والتضحيات الكبيرة للجيش العربي السوري ودعم الأصدقاء والحلفاء تفتح الطريق باتجاه انتصار إرادة السوريين الوطنية، كما تقطع الطريق أمام الإرهابيين والطامعين والحاقدين.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=38999