الإعلام تايم - البناء

 

اضطرب الموقف الأميركي من الغزو الذي قام به الجيش التركي لمدينة جرابلس، وتصريحات المسؤولين الأتراك التي تكشف عن عزم الجيش التركي ملاحقة الأكراد في كلّ مناطق انتشارهم في سورية بالقرب من الحدود التركية.

 

اضطراب الموقف الأميركي برز من خلال إعلان مواقف متناقضة مما جرى ويجري في هذه المنطقة. بداية أعلنت واشنطن أنّ العملية التي يقوم بها الجيش التركي كانت منسقة مع الولايات المتحدة، بل أكثر من ذلك أنّ الطيران الأميركي قدّم دعماً للقوات التركية أثناء دخولها إلى جرابلس، لاحقاً أظهر المسؤولون الأميركيون تحفظاً على هذه العملية وعلى توسعها، وعدم اقتصارها على توجيه الضربات للمواقع التي يسيطر عليها تنظيم "داعش".

 

بديهي أن يحدث مثل هذا الارتباك لأنه يشوّش على مجمل الاستراتيجية الأميركية في سورية في لحظة مفصلية في ضوء المعارك الدائرة في محيط مدينة حلب. يعود الإرباك الأميركي إلى الأسباب الآتية:

 

أولاً، الصراع الآن يدور بين جهتين ترى الولايات المتحدة أنهما حلفاء لها ولهم دور كبير في تنفيذ استراتيجيتها في سورية، والجهتان هما الدولة التركية التي لعبت دوراً كبيراً في الحرب على سورية، و"قوات سورية الديمقراطية" وعلى رأسها الأكراد التي مكّنت الولايات المتحدة من الحصول على قوة برية قادرة على تحقيق بعض أهدافها وطموحاتها داخل الأراضي السورية.

 

ثانياً، إنّ استهداف الأكراد وحلفائهم في "قوات سورية الديمقراطية" يصبّ في مصلحة تنظيم "داعش"، لأنه سيكون من الصعب على الأكراد و"قوات سورية الديمقراطية" التي تتعرّض مواقعها لهجوم تركيا أن تكون قادرة على مواصلة الحرب مع "داعش"، وستتغيّر أولوياتها، وهذا من شأنه أن يخلق فرصة نموذجية تدفع "داعش" لاستعادة بعض ما خسره ولا سيما في محافظة الحسكة.

 

ثالثاً، سيقود الغزو التركي لجرابلس ومحيطها، ولا سيما إذا توسع إلى مناطق أخرى، إلى تغيير أولويات "وحدات الحماية الكردية" حتى في مواجهة الجيش السوري، وستجمد المعركة التي بدأتها في مدينة الحسكة، وهذا من شأنه أن يحدّ من قدرة واشنطن على توظيف "وحدات الحماية الكردية" في العمل على إضعاف وجود الجيش والدولة السورية في محافظة الحسكة.

 

رابعاً، سوف يسدل الستار على معركة الرقة التي كانت تسعى واشنطن لفتحها وتحقيق مكاسب عشية بدء الانتخابات الرئاسية الأميركية.

 

لهذه الأسباب مجتمعة من البديهي أن ترتبك الإدارة الأميركية.