وجهات نظر

باختصار : وزارة المصالحة الوطنية

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية


لعل وزارة المصالحة الوطنية في سورية أهم الوزارات وأكثرها تأثيراً في إعادة جزء من المجتمع إلى صوابه وإلى حقيقته التي خسرها حين انغمس في القتال إلى جانب المسلحين. أنشئت الوزارة لغايات من هذا النوع المؤثر، إضافة إلى بعد التأهيل غير المباشر لأولئك الذين غررت بهم حملة البنادق.

 

لم يكن سهلاً عمل الوزارة المذكورة ونشاطها في أدق ظروف سورية .. فكيف لها أن تحاور ومن .. وكيف تقنع والطريقة .. بعض عقول فرغت منها الوطنية والإنسانية والاجتماعية، وبعضها صدقت حملة السلاح بأنها واصلة إلى غاياتها، وبعضها مشاعر تمرد ليس إلا، ثم هنالك الهاربون من الجندية أو المطلوبون للعدالة من قتلة ومهربين وغيره ..

 

عالم مبعثر من المفاهيم والوقائع على الوزارة أن تعيدها إلى رشدها بالإقناع الصعب والمعذب والذي تتداخل فيه اجتماعيات لا حصر لها، والقائم على حوار قد لا يصدقه عقل لشدة صعوبته، وكله يحتاج لهدوء أعصاب وكلام ذكي وبشاشة توحي بالثقة. ولعل هذه الوزارة أيضاً المهمة للغاية، هي التي سيعتمد عليها في مشروع الحرب على سورية، لا بد أن يعاد السوريين المنخرطين فيها إلى جادة الصواب، ولا بد أن يعود كل مسلح إلى بيته ليعيد قراءة ما فعله، وليكتشف الطريق السليم الذي انخرط فيه من جديد .. خصوصاً وأن سورية ستكون بحاجة إليه بعد مدة من أجل أن يساهم بإعادة الإعمار، وبناء ماهدمته يد الشر. الذين رأوا الدمار الذي خلفته الطائرات والمدافع الاسرائيلية خلال الحرب على لبنان 2006 لم يكن أمامه سوى الذهول ومن ثم التفكير الملي بصعوبة عودة ما تهدم إلى ما كان عليه، اليوم كل جنوب لبنان مكتمل مواصفات البناء وأكثر، وتحديداً الضاحية الجنوبية التي لم يبق ببعضها حجر على حجر، وكثيرون شبهوها بمشهد مدينة ستالينجراد خلال الحرب العالمية الثانية يوم دمرها النازي، أو برلين حين انتهت تلك الحرب، أو وارسو عاصمة بولندا (بولونيا) التي لم يقبل أهلها مدينة بديلة عنها فقاموا هم ببنائها من جديد كما كانت قبل أن يدمرها النازي أيضاً.

 

إعادة البناء مشروع كبير يستطيع السوري ترجمته بسهولة وهو الذي بنى سورية وغير سورية، لكن هنالك أولويات الآن، في طليعتها وقف الحرب، وإذا طالت، فلتتمكن الوزارة المذكورة من تأمين انتقال هادئ القوى المحاربة إلى قوى مسالمة، وكلما انتصر الحوار سقطت أوراق الحرب ورقة إثر ورقة. أما أولئك الأجانب الذين غزوا الأرض السورية فلن يكون أمامهم عندها إما الموت أو الاستسلام أو الرحيل من حيث أتوا.

 

في السنة السادسة للحرب على سورية تغير العديد من المفاهيم، وأبرزها استحالة القضاء على الجيش العربي السوري، وسقوط شتى المحاولات التي حاولت تفتيت سورية، ثم بقاء الدولة بكل مؤسساتها عاملة ومجتهدة ومحققة كل غايات شعبها الذي يقف وراءها داعماً بلا هوادة، ثم ثبات الرئيس الأسد، وفوق كل هذا وذاك لم تتغير صورة التحالفات بين سورية وأصدقاء وأشقاء. ففي هذا المناخ الواضح، يمكن لوزارة المصالحة أن تأخذ شحنات من النجاح، وما يسيطر على المجتمع السوري من نجاحات، تحظى تلك الوزارة بالحصة الأكبر، فهي بالتالي أمام ورشة عمل مضنية.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=38692