تحقيقات وتقارير

حينما يتعرى الارهاب يصبح.."جزيرة" في الصحراء القطرية


الاعلام تايم - فاطمة فاضل

 

إلا قليل..أخذتنا "الصيحة".. حتى حينها صيحة من منبر عروبي.. او هكذا كان الدور الموكل اليه حتى ذاك الوقت.. "ربيع عربي" .. ولأن الجملة جذابة صفق من صفق انجرارا.. والبعض اعتلى منبر خشبة المسرح، فالدور الموكل اليه قد بدأ.. أولى وسائل الاعلام التي قامت بالمناداة بهذا المصطلح ذو الصناعة الأمريكية-الاسرائيلية وعبر عراب ذاك "الربيع" هنري ليفي.. هي قناة الجزيرة القطرية، وكيف لنا التفكير حينها " ونحن أصحاب ردود الفعل القطيعية" ، فالجزيرة مهدً الإعلام المناضل والمدافع عن حقوق وقضايا الإنسانية و المؤيد للشعب الفلسطيني قلباً وقالباً حينها.


ذهبت مفاعيل الصدمة الاولى..وبدت الصورة بالتجلي أكثر فأكثر.. دم يسفك.. فتاوى ترفع باسم الدين.. خراب وفوضى.. ليسقط رداء "العروبة" والموضوعية عن بطلة الربيع العربي .. سقط  الرداء الذي تقنّعت به تلك الأميرة النائمة، والذي لمن يكن إلّا وشاحاً لتخفي فيه معالم وجهها القبيح الذي يخلو في الحقيقة من أي عصب يمكن أن يتأثر بأي قضية على وجه الأرض.

 

فبعد أن صنفت هذه القناة في فترة ماضية من الأبرز على الساحة العربية، واتخذت لها شعارات عن الصدق والحقيقة بحيث حققت غايتها، باجتذاب عقول وعيون المشاهد العربي لترددها دون غيره من القنوات التي تتكاثر يوماً بعد يوم على الأقمار الصناعية، ونجحت في بداية الثورات العربية بتحريض المواطنين على حكوماتهم، لتحقق مبتغى العدوان الصهيوأمريكي في تشتيت الأمة العربية من صميمها، بحيث تتغلغل في كيان هذه الدول وتنشر ثقافتها المتهاوية لتحقيق مصالحها الشخصية في المنطقة.

 

الحلم القطري تهاوى .. فمشاريع الإمبريالية لتلك النقطة الصغيرة المتواضعة على خارطة الكرة الأرضية باءت بالفشل ولم تحقق النجاح الذي تريد، فمعظم ما خططت له تلك القناة وشريكاتها انقلبت ضدهم، والشعب العربي لم يكن غبياً مثلما رسمت لها توقعاتهم، ورغم تأخر صحوته إلّا أنه كان بما فيه الكفاية ليتراجع عن أفعاله السلبية ضد أرضه، ليقف العرب لأول مرة جنباً الى جنب تلك القناة التي وصفوها بـ"العاهرة"، وأُقيمت الاحتجاجات عند المكاتب الخاصة بالقناة في معظم العواصم العربية، ودمرت مكاتبها وأقفلت أبوابها الى غير رجعة، تجر وراءها ذيول الهزيمة.

 

بتكالب ملحوظ حاولت القناة أن تعيد هيبتها مجدداً بين زميلاتها، مترجية العواصم العربية بإعادة فتح فروعها فيها، إلّا أن الرفض كان الجواب المناسب لها، وتراجعت نسب المشاهدة الى حد كبير، خاصة في مصر، وفي تونس انخفض عدد المتابعين من 950 ألف في كانون اول 2012، إلى 200 ألف في ايلول 2012، بعد انصراف المشاهدين إلى القنوات المحلية، والشيء ذاته حصل في ليبيا التي أصبحت فيها القناة القطرية تفقد قاعدة مشاهديها، أما في المغرب فبين التقرير أن عدد مشاهدي "الجزيرة" بلغ 1.8 مليون مشاهد في ديسمبر 2012، بعد أن كان يتجاوز 2.5 مليون مشاهد في يناير من نفس العام، أما إجمالي المشاهدات فكان يبلغ 46 مليون مشاهدة وتقلص الرقم الى 6 مليون متابع فقط، فالفارق واضح جداً وليس بحاجة الى أية تفسيرات، فقد ملّ الجمهور من الأخبار العارية عن الصحة والمواد المُقنّعة والظاهرية، وبدأوا يبحثون عن مواد تروي تعطشهم للمعلومات الحقيقية والأحداث الواقعية الجارية في بلدانهم أو الدول المجاورة.

 

الجزيرة القطرية استخدمت اعلامييها كأوراق في اللعبة السياسية، ففي كل مرة كانت تستخدم ورقة عند حدوث موضوع معين، ففي أزمة الحجاب الفرنسية والغليان الذي شهده الشارع الفرنسي والعربي حينها، أعلنت في ذات الوقت "خديجة بن قنا" ارتدائها للحجاب، وصفت صحيفة لوموند الفرنسية حينها بأن قرارها جاء كمؤشر تحد لقرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك و البرلمان الفرنسي بمنع الحجاب، وعرفت بن قنا عن علاقاتها الواسعة بشيوخ الفتنة أبرزهم القرضاوي،
فيما أطلق"فيصل القاسم"  لحيته  ليظهر فيها على الشاشة مؤيداً الوهابيين ومتضامناً معهم ومحرضاً على القضايا الطائفية ومطالباً بالذبح والتقطيع والتنكيل بفئات دون غيرها.

 

أساليب رخيصة استخدمتها الإدارة ظناً منها أنها تضرب على الوتر الصحيح، غير عارفة بأن الوتر مقطوع منذ زمن بعيد أصلاً، لقد كانت قناة الجزيرة على مدى سنوات هي القناة المتابَعة الأولى لأنها كانت تتحدث عن نبض الشارع العربي، إذ يجد فيها المواطن العادي ما يعبر عنه وعن آماله وآلامه وطموحاته، إلّا أنها خبأت كل مفاجآتها لتظهرها في أيام أليمة مرت على الشعوب، كانوا فيها بأشد الحاجة لوقوفها بجانبهم، أما الاّن وبعد كشف المستور يناشد المجتمع العربي الذين ساهموا في إراقة الدماء أن يراجعوا حساباتهم، وأن يعيدوا النظر فيها وأن تتوقف القنوات المنتمية للعدوان من تأجيج الصراع الطائفي والفئوي وتحكيم لغة المنطق والواقع، وأن يتوقف الدعم المالي والإعلامي عن تأجيج الوضع المأساوي، فلا اللحية قادرة على هدم تاريخ العرب ولا الحجاب قادر على بناء أمة المسلمين، فالأمة العربية متجذرة بنواة الأرض ولا من أحد قادر على محو هويتها و حقيقتها، ولكل لعبة نهاية هذا ماعليها "الجزيرة" أن تدركه بحق، لتحفظ ما تبقى لها من أصول مهنة هذا إن وجدت أصلاً.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=37593