وجهات نظر

تحيّة الى جرذان نواكشوط

نبيه البرجي


الإعلام تايم- الديار

تحية الى جرذان موريتانيا. لعلها، ولو لبرهة، توقظ ضمير العرب.

القادة لم يناموا في فنادق نواكشوط لانهم قد يجدون جرذاً تحت الوسادة، أو تحت العباءة، أو في زجاجة الكوكاكولا...

أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي كتب "نعتذر من أشقائنا العرب لأن الجرذان تظل أكثر رحمة من القنابل التي تتساقط على دير الزور أو على الفلوجة أو على صنعاء أو على بنغازي".

توماس مان الذي كتب "موت في البندقية" وحيث الطاعون يقتل الهواء، قال أن الجرذان ضيوف شرف على نيتشه وهيغل وعلى بيتهوفن. الجرذان التي تأكل الفلسفة، وترقص جنائزياً على ضفاف البحيرات، لا تستسيغ مذاق قرارات، وتوصيات، القمم العربية التي غالباً ما تذهب إلى صناديق القمامة...

أحد الباحثين في معهد استوكهولم يجزم بأن الحروب، والنزاعات، والصراعات، التي نشبت بين العرب في السنوات الخمس المنصرمة، كلفت حتى الآن، 13 مليار دولار ونصف هذا المبلغ كان ليجعل من نواكشوط مدينة تليق بالكائنات البشرية لا بالجرذان..

هي لحظة العار في العقل العربي حين نكتشف أن ثمة مدينة في العالم العربي وتعيش تحت خط الزمن، جرذان بخمس نجوم في فنادق الخمس نجوم، ليس المهم أن يصل أعضاء الوفد الموريتاني إلى القاعة وهم حفاة، لنسأل الطيب الصالح عن أولئك المعذبين الذين يحملون على ظهورهم... القمر.

في هذه الحال، أفضل قرار يمكن أن تتخذه القمة هو إعطاء الأوامر للقاذفات بملاحقة الجرذان في نواشكوط بدل أن تلاحق الأطفال في دنيا العرب. هل تصلح قاذفاتها لمهمة أخرى؟
كيف يمكن لأركان القمة أن يفكروا، وأن يضعوا الاستراتيجيات، إذا كان الجرذان يطلّون عليهم من النوافذ أو من علب المنّ والسلوى التي حملها أحد الوفود هدية من بلاده الى موريتانيا الشقيقة...

بصوت عال نسأل لوكانت الدول العربية الثرية تعتنق اليهودية، هل كان يمكن أن تكون ثمة مدينة، ثمة قرية، ثمة زقاق، في الدول العربية الأخرى ويعيش على تخوم القرن الثامن عشر...
أجل، نواكشوط، بشقائها، كما مقاديشو بعذابها، كما صنعاء بمصائبها، شاهد على علاقة العرب بالعرب. ماذا في القمة سوى اللوياجيرغا؟ قبائل أو ما دون القبائل دول أو ما دون الدول.

لماذا القمة وأي قرارات (قابلة للتنفيذ) يمكن أن تتخذ سوى البحث في تدمير سورية أكثر، وفي تدمير العراق أكثر، وفي تدمير اليمن أكثر، بل وفي تدمير الأمن العربي أكثر لمصلحة شيوخ القبائل ولمصلحة شيوخ الطرق...

أين المشكلة في أن تشاركنا الجرذان، جرذان نواكشوط، قراراتنا، وتوصياتنا، ما دمنا نعيش ذروة "الطاعون العربي"، وحيث يموت كل شيء فينا، يندثر كل شيء فينا. متى ترانا ندرك، وبتلك الأدمغة المقفلة، أن الزلزال السوري الذي زعزع تركيا بل وجعلها تنفجر بعدما ذهب السلطان بعيداً في اللعب على الأرض السورية، اللعب بجيشنا، لا بد ذاهب إلى دول عربية تعتبر أن الأساطيل التي تهرب تحت جنح الظلام، تحميها حتى من القضاء والقدر...

هل قرأ العرب ما يقوله التاريخ، وما تقوله الجغرافيا، لكي يعلموا ماذا يعني اغتيال دمشق، وقد قالت فيها التوراة "وتزول من بين المدن وتغدو ركاماً من الأنقاض". اغتيال دمشق لا يعني اغتيالاً للحظة الأندلسية، واللحظة الفلسطينية، بل ولحظة العقل، بل ولحظة القلب فينا، بل اغتيال لحظة الله فينا...

القمة في هذا الوقت بحاجة إلى أبطال، بحاجة إلى أنبياء، وليست بحاجة إلى آلهة الكراهية وآلهة الأزمة الغابرة، لتنظيف سورية من كل الآتين من أصقاع الدنيا، ولا فارق هنا بينها وبين أصقاع الأخرة، من أجل أن يقتلوا عبقرية الأرض، وعبقرية الأزل، في سورية...

خلافاً لكل هذا. الإصرار على تقويض النظام، وماذا بقي من الدولة لكي يكون هناك نظام أو ليكون هناك شخص ما على رأس النظام، ما دمنا قد تواطأنا مع السلطان، برقصة المجانين لا برقصة الدراويش، ها هو السلطان إياه يستنفر "الاخوان المسلمين" لا ليكونوا حماة العرش الذي يترنح فحسب بل ولاختراق الخليج العربي..

ليسأل العرب واشنطن، وليسألوا موسكو، بل وليسألوا بوريس جونسون الذي كتب قصيدة في أردوغان وهو يضاجع العنزة، عن خلايا "الاخوان المسلمين" الذين سيكونون الانكشارية، النيو انكشارية بيننا...
قرارنا في نواكشوط أن ندمر سورية أكثر، أن ندمر أنفسنا أكثر، جرذان المدينة تقف على قدمين وتصفق...
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=37360