حوارات ولقاءات

أميركا تحارب بالإرهاب وتستثمر به.. ومعركة حلب سترسم ملامح المنطقة


 ربى شلهوب - الاعلام تايم

من قال أن صانع الإرهاب يريد محاربة الإرهاب؟

الإرهابيون داخل حلب في الأحياء الشرقية ضمن الطوق..

من خلال نتائج معركة حلب سيتكون مفرزات وتداعيات الحرب على سورية ..

منذ 27 شباط  تدفق السلاح والمسلحين مستمر..

واشنطن تحولت من دولة يجب أن تحال إلى محكمة لاهاي إلى بطل عالمي في محاربة الإرهاب..

أردوغان ليس مستقلاً برأيه ولا صاحب قرار..

محاور عدة  اطّلع موقع "الإعلام تايم" على تفاصيلها بلقائنا مع الباحث في الشؤون العسكرية  والاستراتيجية الدكتور حسن حسن.

 حلب سترسم الشكل النهائي للحرب على سورية

أكد الدكتور حسن حسن الباحث في الشؤون العسكرية  والاستراتيجية، أن معركة حلب هي صورة مصغرة عن الحرب المفروضة على سورية، فهذه الحرب هي الصورة الأبرز لمشاريع الهيمنة  وبسط السيطرة وفرض النفوذ على العالم برمته، لذلك يمكن القول أن خواتيم معركة حلب هي التي سترسم الشكل النهائي للحرب على سورية، مضيفاً أنها ستعيد رسم الخارطة الجيوبولتيكية لتوازن القوى على الساحتين الإقليمية والدولية.

وأشار الدكتور حسن أنه منذ بداية الحرب على سورية بقيت حلب عاماً كاملاً لم تشهد طلقة واحدة، فكان لابد من إخراج حلب العاصمة الاقتصادية من معادلة الاصطفاف مع الدولة الوطنية، لذلك كان هذا الاستهداف الممنهج لمدينة حلب، مؤكداً أن ما يحدث في حلب بالتركيز على مجموعة من النقاط..

أولاً:

استمرار تدفق السلاح والمسلحين على امتداد الحدود التركية وهذا يؤكد تورط تركيا حتى النخاع ، مشدداً على أن كل من تركيا والسعودية ليستا أطرافاً بل هم أدوات، كما المجموعات الإرهابية المسلحة  أداة بيد الأداة، فمشروع الهيمنة الأساسي الأميركي مكرس لخدمة الأهداف الصهيونية، فلا أستطيع الفصل عن ما يحدث في حلب عن تصريح رئيس الاستخبارات العسكرية الصهيونية عندما يقول بأن معطيات الميدان تشير "إلى إمكانية هزيمة "داعش" وهذا ما يجب علينا منع حدوثه"، فإذا كان العدو الصهيوني يحاول منع هزيمة "داعش" فهذا يعني هزيمة الطرف الآخر الذي هو الدولة السورية، في ضوء ذلك نستطيع أن نفهم الصورة الشمولية للأحداث .

ويضف حسن لو عدنا قليلاً بالذاكرة عندما انطلق الجيش العربي السوري من إثريا باتجاه الطبقة، سمعنا  للمرة الأولى بتهليل أمريكي لانتصارات الجيش العربي السوري، أصدره الناطق باسم الخارجية الأميريكية و باسم البنتاغون، فهذا لم يكن ترحيباً على الإطلاق بل كان نوعاً من ذر الرماد في العيون، نوع من التضليل الاستراتيجي لحرف انظار الفاعلين الأساسيين عما يتم التحضير له في حلب، لذلك كان يتم تحشيد القوات بالآلاف وليس بالمئات وكل أنواع الأسلحة لمحاولة إحداث خرق دراماتيكي ما، إما في شمال شرق حلب أو في جنوب غرب حلب، ففي جنوب غرب حلب استطاعوا أن يحدثوا خرقاً موضعياً حيث تعامل معه الجيش واستطاع أن يمتص الموجة الأشد من موجات الهجوم ويقيم نقاط تثبيت على حدود خان طومان ويوقف حدود الهجوم في هذا الاتجاه .

أما في حلب الشرقية.. كان التنسيق بين مختلف صنوف القوات العسكرية، يشير إلى نقطة أساسية إلى أن الجيش لا يجر إلى معارك لا يريدها، وفي ضوء هذا تم الاعداد للانتصار في مزارع الملاح، ومع كل منطقة يدخلها الجيش كانت المساحة التي تفصله عن الكاستيلو تتقلص إلى أن أصبح كامل طريق الكاستيلو الذي يفصل بين دوار الجندول ودوار الليرمون بطول حوالي 4 كم، تحت السيطرة النارية.

ثانياً:

المجموعات الإرهابية المسلحة الموجودة داخل حلب في الأحياء الشرقية باتت بين المطرقة والسندان، والطوق يزداد ضيقاً عليهم، لذلك رأينا هذا التصعيد لفك الحصار وتخفيف الضغط على حلب وتشتيت جهود الجيش من خلال إشعال معركة شمال اللاذقية والغوطة وفي أكثر من منطقة.

وأضاف الدكتور حسن أنه بسيطرة الجيش نارياً على طريق الكاستيلو، أصبحت كل الامكانيات لإحداث خروقات نوعية أو تغيرات في موازين القوى في الساحة الحلبية خلف الظهر، باستثناء أمر واحد وهو القذائف العشوائية التي تستهدف المدنيين، مع التركيز على نقطة أساسية أن هناك شيء جديد في هذه القذائف وهو استخدام صواريخ ذات قدرة تدميرية كبيرة، مضيفاً أن هذا ما يضع المجتمع الدولي أمام سؤال عريض "كيف وصلت هذه الأسلحة التي وعد بها وزير خارجية بني سعود عادل الجبير  للمجموعات الإرهابية".

من قال أن صانع الإرهاب يريد محاربة الإرهاب؟؟

وأكد الدكتور حسن  بغض النظر عن ما يتم الترويج له في وسائل الإعلام فإن الأمور ستشهد تصعيداً لسبب جوهري أن المايسترو الأميركي حتى الآن لم يحسم أمره وهو لا يحارب الإرهاب، فمن قال أن صانع الإرهاب يريد محاربة الإرهاب، فواشنطن استطاعت بخبث ودهاء شديدين أن تستثمر في الإرهاب أثناء تشكله وامتداده، وهي الآن تستثمر في محاربة الإرهاب فهي تحارب بالإرهاب ولا تحارب الإرهاب، والأهم أن واشنطن تحولت بهذا الموقف من دولة يجب أن تحال إلى محكمة لاهاي إلى بطل عالمي في محاربة الإرهاب.

وأضاف الدكتور حسن بأن كل من إيران وروسيا استثمرتا بالصمود السوري بحيث عادت ايران كقوة عظمى من خلال توقيع الملف النووي، وروسيا التي كانت مهمشة عادت لتأخذ دور الند والقطب المكافئ، ومن يقول بأن روسيا ستتخلى عن سورية عليهم أن يتعلموا ألف باء السياسة، فما حصل في سورية أعاد الاصطفافات الجيوبولوتيكية لدول العالم قاطبة هذا ربما لم يتبلور بعد بشكل واضح لكن من الواضح أن كل ما له علاقة بعصر الاحادية القطبية أصبح وراء الظهر.

وعليه فإن نتائج معركة حلب سيتكون مفرزات وتداعيات الحرب على سورية وكل المعطيات تشير إلى إمكانية إنجاز ما يرغم أصحاب رؤوس الحامية في واشنطن، فالمشكلة ليست بالسعودية ولا بتركيا،  المشكلة في تناقض القرار في واشنطن، وأضاف أن أكثر ما يمكن أن تفعله واشنطن الآن هو المحافظة على الواقع القائم في حلب لضمان استمرار استنزاف القوى الشاملة للدولة السورية وقدرات الجيش العربي السوري لا بل الخبثاء منهم يحاولون استنزاف قدرات الاصدقاء روسيا وايران، ويتحدثون عن جر موسكو إلى المستنقع السوري والذي لايمكن أن يحدث، فهم يريدون تصوير على أن الحرب بين ايران وروسيا من جهة وتركيا والسعودية من جهة أخرى، وهنا تكون واشنطن قد عادت بروسيا من دولة عظمى عالمياً الى دولة عظمى إقليمياً، لكن الروس يدركون هذه اللعبة.

ما الذي جرى في كنسبا؟

وتابع الدكتور حسن قائلا: "الجيش السوري يواجه جيوشاً من الإرهاب،  ففي 27 شباط  عندما تم الحديث عن وقف العمليات القتالية وما تلاه من هدن، سعى كل طرف لاستغلال هذه الهدن بما يخدمه، فالجيش استثمر هذه الهدنة وطهر القريتين وتدمر، أما من يقف وراء المجموعات الإرهابية سعى إلى تحويل هذه الهدن إلى ما يسمى بالعلم العسكري "وقفات تعبوية" وهي تعني استعراض الخسائر بالسلاح والمسلحين واتخاذ تراتيب قتال جديدة تتناسب والواقع الميداني المتشكل.

وأكد الدكتور حسن انه من حق الجيش العربي السوري بغض النظر عن الالتزام بالأعمال القتالية استهداف  أي محاولة لتغيير ميزان القوى على الأرض من قبل المجموعات الإرهابية.

ونوه الدكتور حسن  بأن المدافع يستطيع أن يواجه 3 مهاجمين وذلك بحسب العلم العسكري، و الجيش اعتمد نقاط التمركز والتثبيت من خلال إقامة نقاط محصنة ليتعامل مع المتوقع، فإذا كان الهجوم بأعداد كبيرة يصبح البقاء في النقطة العسكرية انتحار، ولولا الضوء الأخضر الاميركي لما تحركت تركيا، إذاً كل الفترة السابقة كانت لتجميع أكبر قدر ممكن من المسلحين وضخ أنواع جديدة من السلاح، وأضاف الدكتور حسن أن من قال أنه توجد حرب في الكون هي فقط انتصارات ففي كل حرب  توجد خسائر وتعثر وتقدم هذه هي طبيعة الحروب، يكفي الجيش فخراً أنه استطاع أن يتعامل مع هذا الواقع المتشكل من خلال تموضع القوات بشكل يمنع من استمرار التقدم وتوسيع الهجوم الذي قام به.. هذا الكلام يقودنا إلى النقطة الأساسية أن تركيا كانت رأس الحربة بالحتمية الجغرافية امتداد 900 كم مع الحدود السورية، ومن خلال مقرات ومعسكرات تدريب والإشراف عليهم، أمام التقدم الذي تم إحرازه حرصت الولايات المتحدة والاطراف الراعية معها، لمحاولة فعل أي شيء لاعادة الثقة لتلك المجموعات الإرهابية فكان هذا الضخ باتجاه جنوب شرق حلب وشمال اللاذقية.

وأضاف حسن.. أستطيع القول بأن العنوان الأبرز لموجات الهجوم المتتالية في ريف اللاذقية كان هو تناسب طردي ما بين أعداد المهاجمين وأعداد القتلى في صفوف المجموعات المسلحة وباعترافاتهم ومن بينهم من هم قادة عسكريين من مختلف المجموعات، فعن اي هدنة تتحدث واشنطن وغيرها عندما تكون قيادة المعركة في هذا المحور أو ذاك لجبهة النصرة ويقتل من هنا أو هناك،  هذا إن دل على شيء، يدل على إصرار واشنطن على الاستمرار في التسويف و التضليل الاستراتيجي، لكن في نهاية المطاف أيضا الدولة السورية مصرة على التصدي لهذا الإرهاب ودحره.

جيش سوريا الجديد جزء من الارهاب

أما عن ما يسمى " جيش سورية الجديد" أكد الدكتور حسن: أنا لا أرى ثمة فارق بين داعش والنصرة وما كان يسمى الجيش الحر وحتى قوات سورية الديمقراطية وجيش سوريا الجديد وكل هذه المجاميع وكل من يحمل السلاح داخل الأراضي السورية إلا تحت راية الدولة السورية فهو بنظر القانون الدولي جزء من هذا الإرهاب، "وأنا كمواطن سوري لا أستطيع أن أنظر اليه إلا على أنه كذلك".

لمن ستكون الوكالة الأميركية ؟

اليوم أميركا تريد أن تسوق ذاتها على أنها بطل في مكافحة الإرهاب، لذلك ما نشهده اليوم من صراع بين المجاميع المسلحة هو صراع للفوز بالوكالة الحصرية، فكل دولة من الدول الإقليمية تريد أن تعطي الوكالة الحصرية لمجموعة ما .

الغاية الأساسية الآن يريدون العودة إلى الهدف الاساس بالتسويق بأن داعش هو الخطر الذي يهدد العالم وهو في حقيقة الامر خطر، لكنه خطر من صناعتهم وما تزال رموزه وقادته يقادون بشكل مباشر من قبل غرف الاستخبارات، لكنهم يريدون أن يستمرو في هذه البروباغندا والتضليل الإعلامي ليتم لاحقاً التسويق بأن الولايات المتحدة الاميركية بتحالفها استطاع أن يطهر أراضي مع العلم أن الكثير من الاراضي التي دخلتها ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية عبارة عن استلام وتسليم، فمن يعطي أمر الاستلام يعطي أمر التسليم، لذلك هذا الوليد الذي أسموه جيش سورية الجديد والذي أثبت عدم فعاليته لا يعني لاميركا شيء بالعكس يزيد من خطر داعش ويعطيه هالة اكثر ويزيد على قدرة الولايات المتحدة للاستثمار بالإرهاب لتحشد العالم ورائها لتحارب داعش كما تشاء، لكن العنوان الابرز أنها لا تحارب لا داعش ولا الإرهاب وانما تحارب بداعش و الإرهاب  بآن معاً

الأميركي يستثمر الاتفاق الروسي - التركي  

وعن تحسن العلاقات الروسية التركية قال الدكتور حسن: "لا أرى فيه موضوع خاص بتركيا لأن القرار التركي ليس مستقلاً ولا سيداً على الإطلاق، بل هو تنفيذ لأمر عمليات أمريكي بعد يقينه أنه عاجز على تفتيت المنطقة عبر تفتيت الدولة السورية، لذلك للحفاظ على بعض ماء الوجه تم الاعتذار لتركيا لهذه الاستدارة لكي تستثمره أميركا لمصلحتها، فأي اتفاق بين الروسي والتركي ستستثمره أميركا على أنها الراعي لهذا التحالف الذي تدعي أنه يحارب الإرهاب، فأردوغان لم يكن بيوم من الأيام مستقلاً برأيه ولا صاحب قرار .

وأضاف الدكتور حسن أن الأميركي يمسك العصا "الكردية" من الوسط فيلوح بها ضد سورية وتركيا وإيران والعراق وضد المنطقة برمتها، وهي بذلك ترسل رسالة لروسيا أنها ما تزال تمتلك أوراق ضاغطة تستطيع أن تعيد خلطها  للضغط عليه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=37148