الإعلام تايم- آسيا نيوز تطرح المحاولة الانقلابية التي جرت في تركيا العديد من الأسئلة الهامة لما لها من تأثير ،حتى في خانة الفشل التي سقطت فيها، على مستقبل المنطقة وشعوبها. هذه بعض الملاحظات التي يمكن وصفها بمحاولة الفهم بناء على ما تسنى لنا الحصول عليه من مراسلي وكالة أنباء آسيا في اسطنبول وأنقرة. أولا: لم يحصل أي تصادم ليل أمس بين قوى متناقضة من الجيش التركي ولم تحاول أي قوة عسكرية برية أو بحرية مواجهة الانقلاب والمواجهة الجوية لم تحصل إلا بعدما فشلت القوى البرية في الثبات داخل الساحات الكبرى للمدن الرئيسية. وما أفشل الانقلاب في المقام الأول هو انقطاع الاتصالات بين الانقلابيين والوحدات التي نشروها في طول البلاد وعرضها. وهو الأمر الذي يفسر عدم قيام الانقلابيين في الشوارع والمقرات الحكومية بأي ردة فعل عسكرية على اقتراب قوات الشرطة منهم إلا في اسطنبول ولأسباب ترتبط بقرار ضابط الميدان المسؤول. ويفسر مصدر تركي لمراسلنا هذا الأمر " بالسر الأكبر" لأن شبكة الاتصالات العسكرية مرتبطة بشبكات الحلف الاطلسي ولها بدائل عدة وقد توقف أغلبها بعد قصف طائرة لمقر إدارة عمليات شبكة الأقمار الصناعية العسكرية التركية. ولم يُعرف حتى الآن من قصف تلك المحطة وهل كان من الانقلابيين أو معادياً لهم علماً أن سلاح الطيران لم يكن أبداً تحت سيطرة الموالين لأردوغان فهل قصفت ذاك المقر طائرة تركية أم أميركية إنطلقت من أنجرليك يا ترى؟؟ ولماذا لم يستخدم الانقلابيون شبكة حلف الاطلسي البديلة للتواصل مع وحداتهم على الأرض؟
ثانياً:
ثالثاً:
رابعاً:
خامساً:
سادساً: مراسل وكالة أنباء أسيا في أسطنبول ينقل عن نائب في حزب الشعب الجمهوري استياء القواعد وكوادر الحزب من موقف قيادته ويصف ما حصل بأنه خيانة للجيش من قبل المعارضين بسبب نصيحة أميركية وجهت لأحزاب المعارضة خلال الساعة الأولى للحركة العسكرية غير المكتملة. النائب التركي يقول بأن الانقلابيين لم يتعرضوا للخيانة من المعارضة السياسية فقط بل إن ضباطا مشاركين في التخطيط للحركة العسكرية لم ينفذوا المهمات المنوطة بهم من إقفال للمدن واعتقال للسياسيين في الحكومة والبرلمان بمن فيهم الرئيس وقطع للاتصالات التي تربط الشرطة والجندرمة وجهاز الاستخبارات بمقراتها الفرعية.
ويروي النائب أن الانقلابيين ليسوا من جماعة فتح الله غولن وإن جماعة الأخير في الجيش ليسوا فاعلين سوى في الدعاية الاعلامية التي يبثها حزب العدالة والتنمية ضدهم وإنما واقعاً هم أقل الجهات تأثيراً على ضباط الجيش ولكن مخاوف أردوغان من فتح الله غولن تدفعه لشيطنته لأنه ينافسه على الشريحة الشعبية ذاتها. هل أصبح أردوغان أقوى في تركيا وفي المنطقة ؟؟ يتعلق الأمر بردود الفعل المتوقعة على تغوله المفترض تنفيذه ضد معارضيه. الأكيد هو أنه صياد فرص ماهر. والانقلاب أعطاه شرعية مطلقة لتنفيذ مخططه في الوصول إلى الحكم الرئاسي المنفرد، سواء عبر الاستفتاء أو عبر فرض الأمر من خلال تشريعات يقرها مجلس النواب . علما بأنه يمارس هذا الحكم حالياً بفرض الأمر الواقع. من الأكيد أن فشل الانقلاب أو نجاحه لن يؤثرعلى السياسات التركية في المنطقة إلا بهامش لا يخرج عن الإرادة الأميركية ولن يعاديها لا من موقع التبعية للحلف الأطلسي فقط بل من موقع المصالح الكبرى للدولة التركية أيا يكن من يحكمها ويحرص على علاقة بلاده بالأميركيين.
انتهى الإنقلاب الفاشل في تركيا لكن مفاعيله لن تنتهي، الرئيس التركي أثبت أنه قوي شعبياً وله أنصار وحزب ناجح تنظيمياً لكن هذا النجاح سيتحول حافز لتوحيد المعارضة السياسية والعسكرية ضده. السلبيات على الوضع الداخلي في تركيا أكبر بكثير من الإيجابيات التي سيكسبها أردوغان، ولو كان في الجيش التركي طامحين غير منكشفين ولا نشاط فعلي حالي لهم فإن تحول أردوغان إلى ديكتاتور مطلق الصلاحية ودفعه لمعارضيه إلى زاوية الانقراض السياسي أو مواجهته ستجعل هؤلاء أكثر خبرة في طرق تنفيذ الانقلابات ومنع إحباطها شعبياً عبر استقاء الدروس مما حصل يوم أمس. مقياس انتصار الرئيس التركي هو نفسه يحسب عليه فشلاً ولن يظهر أي من الأمرين إلا بعد وقت يحدد خلاله تفاعل الشعب التركي وقواه الحية مستقبل تركيا الاردوغانية. البلاد التي يتجرأ فيها ضباط وعناصر من الجيش على إصدار بيان رقم واحد ليست منيعة على الفوضى ولا يبشر مستقبلها ومستقبل حكامها بالخير. الشعب التركي منقسم ولديه تناقضاته الحادة المخيفة وطريقة تعامل الرئيس التركي مع معارضيه في المستقبل ستحدد هل سيكون الانقلاب عامل تفجير لتركيا أم عامل توحيد لتياراتها المتصارعة وتفادي السلبيات أمر يحتاج لحكيم يسيطر على مقاليد الحكم.....
رجب طيب أردوغان أثبت أنه داهية في السياسة والخطابة وفي التعامل مع أنصار التيار الاسلامي في تركيا والعالم العربي لكنه ليس حكيما بتاتاً. |
||||||||
|