وجهات نظر

أهلاً بالشقيق الإسرائيلي الغاشم

نبيه البرجي


الإعلام تايم- الديار

إبان الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، علّق فلاح جنوبي هذه اللافتة على مدخل القرية "أهلاً بالعدو الاسرائيلي الغاشم".

هذا بعدما تحول الفدائيون الفلسطينيون الذين خلنا أنهم هبطوا للتو من عبادة الله، إلى مسلحين يخلعون الأبواب، وينتهكون الحرمات، ويطلقون فولكلورياً صواريخ الكاتيوشا على أطراف الجليل قبل أن يولوا الأدبار، تاركين للاسرائيليين أن يردوا بربرياً على الأماكن الآهلة التي انطلقت منها الصواريخ.

وقبل أن يتحول ياسر عرفات من قائد للثورة يحمل الجعبة الثقيلة على ظهره، وبكل نقاء الثائر، إلى حاكم عسكري للبنان، يراوغ ويساوم، ويبدل ثقافة الخنادق، وحيث الوجه البهي للمقاتل الفلسطيني، بالأروقة الديبلوماسية وحيث وأدت القضية الفلسطينية وهي لا تزال على قيد الحياة.

حتى الحجارة التي راحت تطارد القنابل النووية، بل وتطارد عصابة يوشع بن نون، وكل الفظاعات، وأدت بدورها تحت ثلوج أوسلو. تذكرون كيف تثاقلت يد اسحق رابين للحظات، لكأنها الدهر، حين كان عرفات يمد يده على مداها إليه في حديقة البيت الابيض.

الآن، على مدخل العالم العربي، وحيث كونسورتيوم القبائل، ولعبة القبائل، ولوثة القبائل، هذه اللافتة "أهلاً بالشقيق الاسرائيلي الغاشم"، تحية الى أولئك الفتيان الرائعين الذين يطعنون الجنود الاسرائيليين بالصدر ويطعنهم الجنود العرب بالظهر.

هذه أحوالنا منذ ثنائية المناذرة والغساسنة، ومنذ ثنائية داحس والغبراء، بل ومنذ ثنائية سارة وهاجر (واسحق واسماعيل). واقعاً، منذ ثنائية قابيل وهابيل، العربي ولد ليقتل العربي...
يا لسذاجتنا هللنا لظهور سامح شكري في بغداد. ظننا أن الديبلوماسية المصرية عادت الى الوعي، ومعها يعود العالم العربي إلى الوعي، قبل أن نفاجأ بأن سيادة الوزير يحط في مطار بن غوريون، ويتابع مباراة كأس أوروبا جنباً إلى جنب مع بنيامين نتنياهو...

كان اللقاء دافئاً وعميقاً لكأنه لقاء بين شقيقين. أنور السادات اعتذر من مناحيم بيغن لأن الفرعون أخرج بني اسرائيل من مصر. هل كرر سامح شكري الاعتذار؟
للتذكير فقط، فإن الرجل الذي يحكم مصر الآن هو عبد الفتاح السيسي الذي يفترض أن يكون رجل المؤسسة العسكرية. المؤسسة التي ظلت على ثوابتها في رفض التطبيع، ودون أن تسقط من الذاكرة صور الدبابات الاسرائيلية وهي تطحن الأسرى المصريين في شبه جزيرة سيناء.

القاهرة تفعل ذلك علناً، والا لن يصلها الخبز من تلة الكابيتول، وإلا لن تهبط عليها المكرمات التي لولاها لحدث لأرض الكنانة ما هو أسوأ بكثير مما حدث لأرض الاغريق...

لا ننفي أن إيران تنظر الينا بعيني كسرى أنو شروان، وأنها لا ترى فينا سوى مجتمعات من رعاة الأبل، وأن حلمها الجيوبوليتيكي أن تنطلق من تلك الهضبة التي كما لو أنها الزنزانة الجغرافية (والتاريخية) الى شواطئ المتوسط، وحيث الأزرق اللامتناهي، العالم اللامتناهي...

ولا ننفي البنية الايديولوجية المعقدة  للسلطة في طهران، كما لو أن أنظمتنا أقل ايديولوجية وأقل تعقيداً، ولكن هل يمكن أن يكون البديل أيها الأمير تركي الفيصل بنيامين نتنياهو؟
ما لهذا الرجل الذي نسي يد أبيه، وقامة أبيه، وكيف اغتيل أبوه الذي أقسم أن يصلي في المسجد الاقصى. لماذا يصرّ الابن على الصلاة في حائط المبكى؟

لا يمكن أن نقبل أن تتحول أجيالنا الى وقود في لعبة الأمم (وما دون الأمم)، ولكن هل يمكن أن تصل بنا الأمور حد التعاون الاستخباراتي والاستراتيجي مع اسرائيل؟

الآن، هذا سؤال الأغبياء - مثلنا- التعاون بلغ مرحلة تفوق التصور. المنطقة كلها تدور حول هيكل سليمان، حتى الكونغرس يدور حول هيكل سليمان. إذا ارادت الأنظمة أن تبقى، اذا أرادت الشعوب أن تبقى، لا مناص من أن يجرنا الحاخامات ولو إلى جهنم.

من يعترض، العقوبات جاهزة، نمنع عنكم الخبز ونمنع عنكم الهواء، كلنا جثث في حضرة الهيكل!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=36976