الاعلام تايم - الأخبار
لم تتمكن الحرب من تلويث قلوب بعض السوريين وإبعادهم عن قيمهم الإنسانية والدينية، ولم تقف ضائقتهم الاقتصادية عائقاً أمام مساعدة بعضهم بعضا. وبرغم تعاظم أعداد المحتاجين والفقراء أمام ميسوري الحال، بقي إخراج «صدقة الفطر» أولوية لدى الكثيرين منهم. يقتطعون من لقمة عيشهم ويعطونها لفقير أصبح أقرب إليهم، بعدما تقاذفته نيران التشرد وأفقدته الكثير، ويحاولون جاهدين سدّ الثغرات التي كبرت ما بين العطاء والحاجة.
يؤكد مفتي دمشق وريفها، الشيخ محمد عدنان الأفيوني، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ طريقة إخراج السوريين لـ«صدقة الفطر» لا تختلف بسبب الظروف والأزمان لأنها محكومة بالضوابط والمقادير التي حدّدها الشرع. ويضيف: «ما اختلف هو ظرف الفقر والحاجة بسبب الحرب التي تعيشها سوريا، حيث زاد عدد الفقراء والمحتاجين نتيجة تهجير المواطنين من المناطق الساخنة، وخسارة الكثيرين لمصادر دخلهم، وبالتالي قلّ عدد المتصدقين والمنفقين وتحولوا إلى مستهلكين ومحتاجين».
الزكاة في الغربة... غربة مثل كثير من السوريين، هاجر ماهر حمدان إلى ألمانيا. هناك وجد أنه لا مجال لممارسة الطقوس والعادات ـ ومنها الدينية ـ التي كان يمارسها في بلده، ويقول: «أصبحنا مقيدين. نحن نعيش في مجتمع غريب لا يؤمن بما نؤمن. ولو قررت أن أدفع الفطرة هنا، فلا أعرف في هذه البلاد الغريب من المحتاج، وقد أكون أنا أكثر المحتاجين». في ألمانيا أيضاً، يعيش ماجد مبدّى، بعيداً عن اهتماماته وممارسة طقوس عبادته، مشيراً الى أن «المجتمع المحيط هو الذي يحرّض على ممارسة مثل هذه القيم»، ومع ذلك فهو عندما يعلم بحاجة أحد أقاربه، لا يتوانى عن إرسال المال وتقديم المساعدة بحسب استطاعته. أما في السويد، فلا يزال سليم أبو محمد، ملتزماً تأدية الفرائض كما كان قبل الهجرة، ولا يجد في مكان عيشه الجديد محتاجين، فيرسل صدقة الفطر إلى معارفه في دمشق، ليوزّعوها على المحتاجين هناك، فبرأيه «الناس في سوريا أكثر حاجة». وحول تأثير الهجرة في الطقوس والصدقات، يقول الشيخ الأفيوني: «في ظل الأزمة خسر العمل الخيري والاجتماعي والإنساني مصدراً مهماً، هو رؤوس الأموال والطاقات الاقتصادية والمنتجة الشابة التي سافرت وهاجرت فزاد عدد المحتاجين وقلّ عدد المنفقين». فقر وعطاء مستمر مفتي دمشق: في ظل الأزمة خسر العمل الخيري مصدراً مهماً يشير المفتي الأفيوني إلى أن حل المشاكل التي أصابت العمل الخيري والاجتماعي، يحتاج إلى «بذل جهد مضاعف من أهل الخير والإحسان، وخاصة ميسوري الحال منهم ومن يملك مصدر دخل يكفيه ويوفر له بعض الفائض، وأن يستثمر بعضاً من ماله في تجارة رابحة ترضي ربه». ويدعو «كل إنسان أكرمه الله بوفرة عن حاجته للمال الى أن يضاعف مقدار صدقة الفطر لعلّها تساهم في إسعاد عائلات ليس لها إلا الله تعالى، وليعلم أهل الخير والمنفقون في سبيل الله أن الله يضاعف لهم أضعافاً كثيرة». وهذا ما تفعله عائلة إيمان عثمان، التي يعمل زوجها قبطاناً بحرياً، إذ لم تعد تكتفي بإخراج «الفطرة» في حدها الأدنى، بل تضاعفها مرة ومرتين في كثير من الأحيان، نظراً لما تجده من حاجة حقيقية في مدينتها التي استقبلت عدداً كبيراً من النازحين من مناطق أخرى. وتشرح عثمان: «بسبب الظروف الراهنة التي نعيشها أصبح في كل عائلة كبيرة محتاج حقيقي، فقد معيلا أو منزلا أو عملا، وبالتالي الصدقة تصح له أكثر من غيره، وهذا سهّل علينا عمل الخير، فالأقربون أولى بالمعروف».
|
||||||||
|