الإعلام تايم - الأخبار يوم غريب مرّ في تركيا أمس، "سلطان" البلاد وحاكمها الأوحد طبّع العلاقات مع تل أبيب بعد سنوات من خطاب "إسلامي" عن دعم فلسطين ورفع الحصار عن غزة، ثمّ ظهرت الرسالة الفضيحة إلى نظيره الروسي، فضيحة لأنها أظهرت رئيساً عاجزاً عن الاستمرار في لعبة المكابرة وتحدّي الجميع، في النهاية جلس وحيداً في قصره وأمر بالمحظور سابقاً: أنا أعتذر يا بوتين.
طوى الرئيس رجب طيب أردوغان مع إزاحة رئيس وزرائه أحمد داوود أوغلو نظرية ”صفر مشاكل" التي أرساها الأخير منذ تسلّمه وزارة الخارجية.
عند الحدود الجنوبية لتركيا، انخفض سقف الأحلام "المرسومة" من قلب النظام في سورية إلى منطقة عازلة في حلب، وصولاً إلى التلويح بالتدخّل ضد الأكراد في حال قطعهم "الخطوط الحمر"، لكن كل خطّ أحمر وضعه أردوغان لم يكن أكثر من كلام وتهديدات فارغة، ومع إسقاط الطائرة الروسية في 24 تشرين الثاني الماضي، وما نتج من "تأديب" روسي لحكام أنقرة في الاقتصاد والميدان، انتهى المطاف بالرئيس التركي إلى إطفائي ينقل جنوده إلى شرق بلاده وجنوبها، وينتظر التفجيرات في إسطنبول وأنقرة... ويحصي الحرائق مع "صفر جيران" و"صفر أصدقاء" و"صفر استقرار داخلي"، أمّا رجال الأعمال، فقد جلسوا يراقبون خروج المستثمرين الروس ويتابعون بمرارة التراجع الكبير لليرة التركية.
اليوم، النار المشتعلة في المنطقة لم تعد بحاجة إلى من يرمي فيها المزيد من الوقود، الحرائق لامست قصر شنقايا، والسلطان مرغم على المبادرة والانحناء قليلاً لعله يحدّ من الخسائر، ليعاود لاحقاً الاستفادة من الفرص السانحة مستقبلياً.
لكن عملياً، تصريح وزارة الخارجية التركية عن مشاركة الوزير مولود جاويش أوغلو في اجتماع مجلس التعاون لدول حوض البحر الأسود الذي سيعقد في مدينة سوشي الروسية في الأول من تموز، يوضح الحراك السريع نحو طيّ صفحة الخلاف.
خطوات أنقرة سبقتها "بروفة" رسالتَي التهنئة من أردوغان إلى بوتين ورئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف قبل أسبوعين بمناسبة العيد الوطني الروسي.
أوساط سياسية وإعلامية تركية اعتبرت ما يجري إثباتاً لإفلاس سياسات الرئيس أردوغان، الذي من المتوقع أن يحمّل رئيس الوزراء "المُقال" أحمد داوود أوغلو مسؤولية هذا الفشل. كذلك تسري معلومات عن بعث أردوغان قريباً برسائل إيجابية إلى القاهرة، قد تكون باكورتها العلنية رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة العيد الوطني المصري في ٢٣ تموز.
في المقابل، بدأ التداول في كيفية عودة العلاقات بين الطرفين لتكون مشابهة، مثلاً، لعلاقة تركيا مع طهران من حيث الشراكة الاقتصادية وكباش في سورية، أو أنّ ضرورة العمل المشترك ضد "مشروع" الأكراد في سورية، يحتّم على أنقرة تقديم تنازلات في الحرب الدائرة، كإقفال الحدود وإيقاف دعم المسلحين ــ وهذا ما طلبته موسكو وطهران مراراً في الجلسات المقفلة ــ مقابل ضمانات روسية (ومن خلفها سورية) للحيلولة دون قيام كيان كردي، قبل أشهر، توعّد أردوغان موسكو بردّ من حلف شمال الأطلسي على أي اختراق جديد للمجال الجوي لبلاده. "الناتو" أدار ظهره لمشاريع حليفه المجنونة، ووضع نفسه تحت تصرّف واشنطن في "التحالف الدولي ضد داعش"، بقيَ "السلطان" وحيداً في المعركة، ظنّ أنّه يستطيع جرّ اللاعبين الكبار إلى "نزواته" الإقليمية، لكن ها هو يتموضع مجدداً... بحثاً عن دور لا يخنقه ويحافظ فيه على الحد الأدنى من أمنه القومي والاقتصادي. |
||||||||
|