وجهات نظر

من نبض الحدث... مائدة مرج السلطان ..تـُربك توقيت واشنطن وتغرق سفينة أردوغان

عزة شتيوي


الإعلام تايم- الوطن


هي مائدة الصيام في الغوطة الشرقية فُرشت على الخطوط الأولى، ورُفِعَ الآذان باسم الله والوطن، فابتلت العروق وتشبّعت الهمم بمن حضر يشارك الجندي العربي السوري إفطاره على وقع الانتصارات، ليدهش العالم بمشهد طالما أَلِفَه السوريون .. بالرئيس بشار الأسد على خطوط التماس وموائد الجيش.

 

ليست هذه بالرسالة الأولى ولا الرصاصة الأخيرة، لكنه التوقيت يبوح بأكثر من ذلك، تحديداً حين تأتي الصورة في ذروة الحسم، من مرج السلطان في ريف دمشق إلى حلب، وما على السوريين إلا البلاغ لمن بقي يرسل لهم التطرف الوهابي و"الروزانا" العثمانية بنسختها الأردوغانية لتغرق سفينة اخوان الارهاب في توسع جغرافية الجيش العربي السوري في حلب.‏

 

ما عاد للرئيس أردوغان سوى استذكار الهزائم، وربطها. بدءاً من العنب والتفاح العثماني وانتهاءً "بالنصرة وداعش"، وجر آخر المحاولات الارهابية إلى ساحة المعركة الحلبية، التي باتت أكبر من أن يكون العثماني جزءاً منها، مع تقزُّم دوره.‏

 

بدأت معركة حلب والغرب يختبئ خلف الصمت الدبلوماسي، وسط ضجيج المعارك. وقد تكون المراهنة على صافرة سياسية توقف العملية العسكرية، لكن نَفَسَ السيد ستيفان دي ميستورا لا يزال ضعيفاً لإطلاق صوت تلك الصافرة و استئناف العملية السياسية، أمام تحول السياسة الروسية من دبلوماسية امتصاص الحماقات الاميركية الى البصم بالعشرة وبالغطاء الجوي للجيش العربي السوري، الذي بقي متحكما بطاولات السياسة وخسارة الغرب عليها، بثبات خطواته وقناعات الدولة السورية أن لا حوار مع الإرهاب ولا على أساسه.‏

 

أما تحالفات النظام العالمي المنصرم بمحوره الغربي، المبنية على مفاهيم الاستعمار والهيمنة والتحكم واتباع سياسات رمي الإرهاب وملاحقته في العالم فقد تهدمت -الآن- بارتداد التعويذات، وتهمشت في استعصاء تفكك الشرق الأوسط من العقدة السورية، فسقط مفك الربيع العربي من قبضة الاتحاد الأوروبي مع بدء انهيار قبضة مفاصله وتحطُّمها، خاصة "العظمى" منها.. فبريطانيا باتت مهدده كأي منطقة في بلداننا العربية بالتجزئة والتقسيم، ومن كان بالأمس عراب سايكس بيكو اصبح اليوم على حدود سكاكين التفتيت التي شحذها بيده ونحر بها تحالفاته.‏

 

زلازل سياسية تهزالعالم، لا تقوى على تحملها القارة العجوز بأسنان الاتحاد الأوروبي المتساقطة، في حين تغور النعامة الأميركية في باطن الصمت بعد أن حطمت " فيلة وحمير" سياساتها كل تماثيل الهيبة الاستعمارية القديمة بلحظة هيجان إرهابي...‏

 

ولم ينهض من بين كل هذا الركام العالمي سوى شنغهاي وتحالفات دول البريكس المبنية أساساً على عقلية الصينيين والروس ومن معهم. حيث نجحت بتخطي تلك الزلازل السياسية بفضل التوقع المسبق، واتقانها للأداء السياسي.‏

 

يطلق كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي رصاصات الرحمة على بعضهما، والقتيل ليس أميركياً، ولكن قد يحمل تلك الجنسية في جوازات العبور السياسي وعلى الطاولات الدولية... فواشنطن لم تنعِ بعدُ نظامها العالمي، ولكنها قد تنتظر الخبر القادم من تطورات المعركة في حلب، فهناك يحدد مصيرها اكثر من أي بقعة أخرى.. خاصة أن للذكرى والتاريخ عبرة تعرفها إسرائيل قبل اميركا.. فمن أعاد القنيطرة من "أسطورة" الجيش الذي "لا يقهر".. سيعيد حلب من "اسطورة داعش"، الذي رمته أميركا على أبواب المنطقة ومضت تسأل عمّن يمول هذا الوحش؟‏

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=36434