وجهات نظر

باختصار : الموت والحياة الصاخبة تحت سقف واحد !

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العُمانية

 

لم نتصرف يوما كعرب ككيان واحد لأمة واحدة .. هنالك دائماً فروق في مابين أقطارها، بل هنالك مايشبه الموت والحياة الصاخبة تحت سقف واحد، وأحيانا الدم والعطر بلا خليط ومزيج بينها.


تعالوا نراقب رمضان كشهر مبارك له طقوسه، وله ثلاثون يوماً من الأداء الذي يجب تنفيذه بحذافيره .. جميع القنوات التي تتنقل بين مسلسل وآخر، هي تلك التي تدفع الملايين من أجل أن تربح وليس فقط لتسلية الصائم الذي يمضي شهراً كاملاً وهو يتأمل موعد الإفطار وينتظر المدفع،  فيما هنالك ناسكون حقيقيون يعيشون الشهر الفضيل بصمت واستهلاك بسيط لطعام أبسط.


كثرة المسلسلات التي هي فخر القنوات كل عام، وقيل أن القنوات تنتظر هذا الشهر لتحصد الأرباح التي لاتحصدها خلال الأشهر المتبقية من العام، ولهذا نجدها غنية بأشكال المسلسلات لتلبية شتى الأذواق، وتدفع في ذلك المبالغ الطائلة، حتى قيل مثلاً أن الممثل عادل إمام قبض ثمناً لمسلسله البسيط أكثر من أربعين مليون جنيه مصري.


في المقابل، لم تتوقف الحروب على جبهاتها الكلاسيكية المعروفة، ولم يتوقف أيضاً حرقة النازحين من كافة الاقطار التي عرفت النزوح وهم بعيدون عما ألفوه في منازلهم الأصلية ابان هذا الشهر المعارك على أشدها، ونحن على مايبدو أمهر في القتال خلال شهر رمضان، ألم تختر مصر وسورية حرب أكتوبر في شهر رمضان 1973


لا نطالب أن تنضوي أقطارنا كلها في الحروب الدائرة، لكن، قليل من التضامن مع مناطق الحروب ومع النازحين، مع الألم الذي يحتاج سنوات طويلة كي يخف، والجروح التي لن تتوقف حتى لو أغلقت لأنها عميقة وضاربة في الجهاز العصبي لشعوب الأمة.

 


المؤسف أن عدداً لابأس به من المسلسلات يتحدث عن الخيانات الزوجية والاجتماعية، فيما مسلسلات ذات مضمون سياسي تتحدث عن الخيانات الوطنية وخاصة السورية منها، حتى كان المتابع لها يبني حكماً وكأن مجتمعاً بكامله قائم على ممارسة هذه الفضيحة التي تصدم بلا شك، لكنها حقيقة واقعة تعرفها كل الشعوب، وعرفتها في حروبها، حتى انه في اللحظة التي كانت تتهاوى فيها القوات الألمانية أبان الحرب العالمية الثانية في المدن والقرى والريف الفرنسي، كان هنالك آلاف من الخونة المتعاملين مع تلك القوات يقتلون بايدي ثوار فرنسيين، وقس على ذلك في حروب أخرى...

 


تناقضات لاحصر لها نراها في محطاتنا العربية التي تغرد في رمضان فرحا بأرباحها من الاعلانات المكثفة، حتى أن أحدهم قال لي إن نسبة الاعلانات تتجاوز أحياناً مشاهد المسلسل، لكن المشاهد المتخم بالطعام مجبر على تقبل أي مشهد طالما أنه يدخل الى ملكة التفكير التي عطلها كثافة الطعام حتى أنها وصلت إلى عينيه.


لاشك أنها ظاهرة تحدث كل عام، والمشكلة أننا منذ سنوات ست مازلنا نعيش الألم المدوي في بعض أقطارنا العربية، وهذه لم تتعرف على رمضان ولا على شعبان وغيره ، كل ماتعيشه أنها تدافع عن وطن مستبسل يريد أن يخرج من الإرهاب المتفشي فيه، والذي لابد من اجتثاثه بالقوة التي تطرح بالمقابل مجتمعات حربية كل قواميس حياتها حربية مهما اختلفت التسميات.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=36237