وجهات نظر

باختصار: كشف المستور فـي لحظة امتحان وطني وجودي!

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العُمانية

 

منذ وقت طويل والنقاش حول دور المثقف العربي في حالات الأمة المتعددة لم يتوقف، وكنت قد شاركت فيه لكني لم أصل إلى نتيجة لأن النقاش مفتوح ولن ينتهي وخصوصاً الآن، حيث تاريخ عربي بكامله تتم كتابته من جديد، وحيث قوى عربية أسدل الستار عليها ومازالت قوى أخرى تعاند وتمانع، لكن الآهم والأنكى، أن مثقفين تربت أجيال عربية على أيديهم وأفكارهم، لم يقفوا ضد أفكارهم، بل غيروها تماماً.


انتقل بعضهم من كونه تقدمياً ليصبح رجعياً، وبعضهم تخلى عن عروبته وصار مذهبياً وطائفياً بل بشّر احدهم فجأة، إنه من أصل تركي ويعتز بهذا الانتساب، وهو من تربينا على فكرته القومية، بل تظاهرنا من اجله بالآلاف يوم تم تحويله الى المحاكمة نتيجة كتاب له، اكتشف اليوم أنه رديء ، حول قضية دينية.
اكتب هذا المقال بعدما قرأت خبر نعي احد « العروبيين  العرب الذي كان أصدر في الستينيات من القرن الماضي روايته  جيل القدر  وادعى الناصرية، واستلزم لكل من تفوه بالعروبة، فاذا به أمام أزمة بلاده سورية يتحول الى ديناصور مذهبي، وبأفق مغلق من التهجم على الرئيس بشار الأسد بما لاعلاقة له بالسياسة ولا بالاقتصاد بل لأسباب ذكرناها أعلاه.


اعترف اليوم بحكم معرفتي بالعديد من المثقفين العرب، أنهم غشاشون، يكتبون عكس ما يشعرون أو هي أفكارهم الحقيقية .. يضعون رجلا في البور وأخرى في الفلاحة كما يقال كيلا يعرف لهم موقف فيميلون في النهاية مع المنتصر أو الكاسب.
ومع ذلك يمكن للكاتب الملتزم أن يهادن امثال هؤلاء معرفة بأن المثقف أكثر الناس اختباء في ذاته من أجل مصالحه، بل ربما الحياة عموما تحتاج لهذا الموقف.. لكن الذي لايمكن مهادنته هو من يكشر عن أفكاره الحقيقية المختبئة في نفسه بانتظار أسباب ما من أجل تفجيرها، كما حدث مع صادق جلال العظم .. ولهذا بت أشد الإيمان بأن لا أصدق ما أسمع، أو ما أقرأ، بل أود لو اتمكن من تأسيس جمعية ترفع هذا الشعار وتضعه على رأس أعمالها واهتماماتها.


الآن إذن رفع الغطاء عن  العروبي  الذي توفي قبل أيام قليلة، بعدما سجل على شيخوخته آثاماً ضد بلاده، وفتح شهيتنا للتأكيد على أن كل مثقف كاذب في موقفه الى أن يثبت العكس، والاثبات أكثر ما يكون عادة من خلال موقفه الوطني وخصوصاً أثناء أية محنة تتعرض له بلاده، وكل العالم العربي مفتوح بكل أسف على مفاجآت قد تطال وجوده، كما يحدث مع سورية العربية التي لم نصدق حتى الآن ان الجزء الأكبر من الإرهاب الذي يقاتل الجيش العربي السوري هم سوريون، وكذلك حال العراق، وليبيا، ومصر، وغيره .


عالمنا العربي بكل أسف مخدوع بالكثير من مثقفيه، الذين بعضهم يحمل أمتعته عند أول امتحان وجودي لوطنه، ليسكن خارجه، فاذا صمت نغفر له، أما إذا تحول إلى بوق ضد بلاده مثل البعض، فهو عدو وليس خصماً لأنه كان مستتراً ثم أظهر حقيقته في الوقت الذي يجب أن يكون عليه العكس تماماً.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=35821