وجهات نظر

باختصار : من أية ذاكرة ندخل يونيو !؟

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن

أية ذاكرة عربية يمكنها تحميل مواجع ماض مازال يمسح أياما معاشة قد تستمر إلى مالانهاية .. إذ ليس الخامس من يونيو حدثاً فاجعياً سواء رحنا إليه في العام 1967 عندما وقعت نكسة النكسات، أو اقتربنا نحو العام 1982 وفي الشهر ذاته لنجد "إسرائيل " في قلب عاصمة عربية هي بيروت بعدما أخرجت المقاومة الفلسطينية ورمتها في أصقاع الأرض ماعني انتهاء دورها، وهذا ماحصل. أو نقترب أكثر فأكثر إلى يومياتنا الحالية لنعيش عذابات شعوب لم نجد لها حلاً بعد، سواء في سورية او العراق او اليمن او ليبيا وغيره.

 

غلبتنا الأزمنة واليوم نعارك الحاضر بكل ما فيه من عناصر صراع ضد الأمة. كانت فلسطين سيف العالم العربي وترسه، فإذا بها خيبته ونشيده الجنائزي وكأنها آثام كل الخاطئين كما يقول الشاعر السياب.
رحلت فلسطين عن دنيا العرب، ليقوم كيان كل مؤهلاته تدمير الأمة، خلق صحراء قاحلة في روحها وفي واقعها، تفتيتها إلى عوالم تتناحر .. ويوم تنبه الفلسطيني إلى نكبته وأراد محاكاتها بقوة حضوره الثوري والوطني، قامت الدنيا عليه ومن بينهم بعض العرب، فأسقطوا البندقية من يده، دفعوه إلى التسليم بوجود "اسرائيل" وهو من كان قاتلها وجودياً.

 

رمى الفلسطينيون أسلحتهم بعدما رموا أفكارهم الثورية، فناحت ربوع فلسطين، اليوم تدار أزمتهم بالكلام الذي لايجدي، وبالحوارات المقطوعة من قبل الصهاينة، بالأمل المشدود إلى المجهول بل القضاء على القضية برمتها.

 

وحين لا تكون فلسطين، لايكون أمل بأمة، هكذا نصلها اليوم وهي تترنح لتفقد وجودها بعدما أسقطوا أقطارها واحداً تلو الآخر .. اللعبة إياها عادت ومورست، التفرد بكل قطر وعند سقوطه يتم الانتقال إلى الآخر .. أمة مقتولة في وحدتها، ومقتولة أيضاً في قطريتها، فلا عتب على الغرباء الذين يستسهلون الدخول اليها ورميها في المواجع وفي نار احترق فيها وطن بكل مقاييسه الوطنية.

 

فاليوم لاشام على خاصرتها ربيع معاش، ولا بغداد الأسود بعدما قاتلتها الضباع، وليبيا المتفجرة حقداً على ذاتها وترتكب يومياً أخطاء لا تصحح، ولا يمن تعيدنا إلى صحوة التاريخ، ولا مصر عليها أن تقود أمة فاذا بها خارج هذا السرب.

 

كل هؤلاء تكرر شهر يونيو في عذاباتهم ولم يتمكنوا من الخلاص .. يونيو يجيء ويمضي ، يأتي عاماً بعد عام ، وشعوب هؤلاء مصلوبة في الدفاع عن الوجود . بدل أن تكون فلسطين رسمت نزوحاً وهجرة ، هاهم أولئك تهرب البلاد من بين أيديهم، مثلما تهرب شعوبها إلى حلم لايحقق حياة. أجمل أنواع الحياة أن يعيش المرء حيث بدأ نطفة ثم صار جنيناً ثم طفلاً ففتى فشاباً فكهلاً فموتاً في المكان ذاته .

 

في يونيو من كل عام تنفتح المأساة على ذاتها المستمرة ، ونكاد نصدق أن الأمة لم تكتشف بعد أن أزماتها سببها وجود "اسرائيل"، ولكي تتخطى الخطر الوجودي عليها أن تعود إلى أفكار عبد الناصر، لا إلى إدارة البعض الذي أوصلها إلى القبول بالكابوس الصهيوني وكأنه صار ثابتاً من ثوابتها، الأمر الذي سيظل يعرضها للموت بالتقسيط وأحياناً بالضربة القاضية.

 

إنه يونيو الذي صار موجوداً في كل الشهور وناطقاً بالمزيد من المآسي إن لم يتذكر العرب أسبابه ، ويعالجوه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=35709