وجهات نظر

الغلوّ الفرنسي بين اللغو والعبث..!!

علي قاسم


الإعلام تايم- الثورة

ليس من الصعب فهم أسباب الغلوّ الفرنسي إذا ما تمت مقارنته بحدود ومساحة الهامش الذي يتحرك به، وهو محكوم بمظلة أوروبية متهتكة وبقيد أميركي متجذّر، لكنه يظل مثيراً للتساؤلات وهو يجرّ فرنسا من ورطة إلى أخرى، ومن متاهة في السياسة إلى طلاسم في الدبلوماسية المحاطة بجملة من المحرّمات السياسية، التي يصعب على صانع القرار الفرنسي أن يتجنّب الانزلاق فيها من دون محددات الوَهْم والتعويل على فتات الموائد الدولية، وإن اقتصر على اللعب في الهوامش تلك على قاعدة ملء الفراغ السياسي المحكوم غالباً بإرادة المشغّل الأميركي، بل الخاضع كلياً لكل ما تقتضيه وما تتطلبه في الهامش ومن داخل النَص.‏

 

لا أحد بمقدوره أن ينظر إلى السياسة الفرنسية من دون ربط أي خطوة بما سبقها أو بما يوازيها، ولو اختلفت المقاربة، ولا تخرج مبادرتها الأخيرة حول إعادة استئناف المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية خارج ذلك السياق، وهي تطرح المزيد من الشكوك في خلفية التحرك الفرنسي وأغراضه السياسية وغير السياسية، كما تثير عشرات من الأسئلة في التوقيت والمضمون، وتطرح على الملأ جملة من المؤشرات الحاسمة على أن فرنسا لا تكتفي باللعب في الوقت بدل الضائع، بل أيضاً في المحظورات المدرجة في سياق التوظيف الأميركي للدور الفرنسي القادم وتوكيله بالمهمة المستحيلة.‏

 

الفرنسي الباحث عن التعويض جراء الانكفاء في المهمات الطارئة على مستوى المشهد الدولي، واستبعاده من لائحة التفاهم الروسي الأميركي، يبدو مستعجلاً أكثر من أي وقت مضى بعد وصول شعبية هولاند إلى مستويات غير مسبوقة من التدني في تاريخ الرؤساء الفرنسيين، فإعادة تحريك المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والرهان على تعديل المبادرة العربية بتفويض خليجي، ينزع منها ما تبقى من فتات، ليس أمراً اعتيادياً أو هو دافع ذاتي محض، بقدر ما هو إنتاج تسوية على مقاس الأهداف الإسرائيلية، ومحاولة مفضوحة للاصطياد في مياه ما أنتجته السياسة الغربية من دعم الإرهاب، وما زرعته من فوضى وخراب يعمّ المنطقة، لتنتج وفق معاييرها ما يرضي الإسرائيلي، وتنجز صفقة تكون على مقاس المشروع الغربي في استثمار نتائج الإرهاب، والحدّ من تداعياته داخلياً.‏
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=35673