وجهات نظر

خطيئة واشنطن وموسكو

تيري ميسان


الإعلام تايم- الوطن

اتفق الرئيسان الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين على دعم الأكراد السوريين ضد داعش، ظناً منهما أنهم سيتمكنون من تشكيل قوة عسكرية قادرة على إرباك ألاعيب قليل الحيلة، دكتاتور أنقرة.

 

في الواقع، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحدة الدعم الذي تقدمه وزارة الدفاع الأميركية لوحدات حماية الشعب، وزيارة كل من قائد قوات التحالف لمكافحة داعش الجنرال بريك ماكغورت وقائد القيادة المركزية الجنرال جوزيف فوتل إلى سورية.

 

وكان بنتيجة ذلك قيام الاستخبارات التركية (ام. آي. تي) بزيادة دعمها لداعش كي تتمكن من صد الهجوم، ما يوحي بأن البيت الأبيض، ومعه الكرملين، كانا مخطئين بتقدير "حجم" خصمهما.

 

بعيداً عن تقدير مدى خطورة تطور "وحدات حماية الشعب"، تمكن أردوغان من دمجها ضمن استراتيجيته، ويخطئ الأميركيون والروس في اعتبار أن أكراد سورية يشكلون جماعة متلاحمة.

 

واقعياً، "وحدات حماية الشعب" هي الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يتمتع برئيسين مشتركين: آسيا عبد اللـه، وصالح مسلم.

 

الأولى، وفية لمبادئ عبد اللـه أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، وتعتزم إنشاء دولة كردية مستقلة على الأراضي التركية.

 

أما الثاني، فقد فاوض، أثناء اجتماع سري عقد بتاريخ 32 تشرين الأول 2014 بقصر الإليزيه، على اتفاق مع الرئيسين، الفرنسي أولاند، والتركي أردوغان.

 

يعتزم أردوغان، في ظل ظروف كهذه، أن يحول الفخ الذي نصبه له الأميركيون والروس، لمصلحته، وبناءً على أوامره، يقود الجيش والشرطة التركية الآن عمليات ضد الأكراد المؤيدين لحزب العمال الكردستاني، وقد أتت قوات القمع هذه على العديد من البلدات فدمرتها بالكامل، ونشرت الرعب بين سكان بلدات أخرى، وأجبرتهم على الفرار بأرواحهم.

 

تسببت حملة الترهيب خلال الأسابيع الأخيرة بتهجير الآلاف من سكان القرى الكردية الواقعة على الحدود مع سورية، وقيام "القصر الأبيض" بتقديم هذه المنازل الخاوية للاجئين سوريين، يُعتقد بأنهم من المؤيدين للجهاديين، وهكذا بدأت عمليات التغيير السكاني على طول الشريط الحدودي مع سورية.

 

ولكي نفهم ما يقوم به أردوغان حالياً، ينبغي أن نعود بذاكرتنا إلى السلطان عبد الحميد في نهاية القرن التاسع عشر، الذي كان يرغب، هو الآخر، بتحقيق التجانس السكاني التركي، فشجع الأكراد على طرد المسيحيين، وحتى ذبحهم.

 

استمر هذا البرنامج، وأخذ بعداً أضخم مع جمعية "تركيا الفتاة" حين أقدم أعضاؤها على ذبح مليون ونصف مليون من اليونانيين البونتيك، والأرمن.

 

يُفترض في نهاية هذا البرنامج أن يُطرد الأكراد، ويحل مكانهم أتراك، وفي حال عدم توافر ما يكفي، يستعان بالعرب.

 

هذا هو البرنامج الذي تعهدت فرنسا، عام 2011، المضي به إلى جانب تركيا، للحد من المذابح.

 

ووفقاً لمعاهدة سرية وقعها وزيرا خارجية البلدين في ذلك الوقت، آلان جوبيه، وأحمد داود أوغلو، تتعهد كل من باريس وأنقرة بإنشاء دولة جديدة في سورية، ليصار إلى طرد كل الأكراد التابعين لحزب العمال الكردستاني إليها.

 

هذا هو بالضبط الاتفاق الذي تعهد فرانسوا أولاند بتنفيذه، فنظم ذلك اللقاء في الإليزيه بين أردوغان ومسلم.

 

هو نفس الاتفاق، ربما عن غير قصد، الذي تنفذه الآن واشنطن وموسكو على الأرض.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=35515