تحقيقات وتقارير

بين 29 أيار 1945 و2016 .. ارهاب يتجدد بلبوس متلون


الإعلام تايم - ربى شلهوب 

كم هو شبيه اليوم بالأمس.. الأمس الذي عاشه السوريون، فمنذ القدم وهم يدافعون عن بلادهم محط أطماع الغرب ليس لكونها بلاد العرب أو السوريين وحدهم بل لاهميتها التاريخية والجغرافية التي تتوسط العالم وتعد المفصل لكل القارات، فمن الاحتلال العثماني إلى الانتداب الفرنسي إلى العدوان الصهيوني وصولاً إلى أيامنا هذه والعدوان الارهابي، والشعب يقاوم، فباتت المقاومة وسورية صفتان متلازمتان.

 

 

  29 أيار 1945  كان محطة مهمة ويوم تاريخي له وقعه  الخاص في نفوس السوريين ليكون بذلك يوم للكرامة والصمود في وجه الاحتلال.. ليبقى 29  ايار من كل عام ذكرى في عقول السوريين، فهو يذكرهم بشهدائهم الأبرار الذين ارتقوا دفاعاً عن وطنهم و بالانتصار على الاحتلال الفرنسيين الذي غزا سورية بذريعة الحفاظ على حقوق الإنسان تحت ما يسمى الانتداب، هذا الانتداب الذي يحاول العودة اليوم بلبوس "الثورة" ، التي ما حملت الا التكفير والحقد، ليعيد أيام مضت، ظناً منه بأن الأيام تستطيع أن تمحو من ذاكرة الشعب المقاوم يوم التاسع والعشرين، يسوقون لحاضر ماض.

 

 

ففي التاسع والعشرين من أيار كثف الفرنسيون من دورياتهم العسكرية في شوارع دمشق ومختلف المدن السورية وطوقت مصفحاتهم مبنى البرلمان وسدّت الطرق المؤدية إليه، كما أرسل القائد الأعلى للقوات الفرنسية في سورية آنذاك الجنرال أوليفا روجيه تهديداً مباشراً إلى رئيس المجلس النيابي بالانتقام من المواطنين السوريين الذين وقفوا بوجه المستعمر الفرنسي، واشترط عليه أن تقدم حامية البرلمان من رجال الشرطة والدرك التحية للعَلَم الفرنسي عندما ينزل مساء على ساريته فوق مبنى الأركان الفرنسية المقابل للبرلمان.

 

 

وما إن قوبل التهديد بالرفض وامتنعت الحامية عن أداء التحية للعَلَم الفرنسي حتى بدأ العدوان، فباشرت الأسلحة الفرنسية بصب حقدها على مبنى البرلمان، ووقف حماته يدافعون عن مواقعهم ببنادقهم المتواضعة في مواجهة المصفحات والمدافع والرشاشات وكان عددهم 30 عنصراً في مقابل المئات، وبعد أن نفدت ذخيرتهم وشبت الحرائق في المبنى وتهدمت أجزاء منه اقتحمه جنود الاحتلال الفرنسي المدججون بالسلاح وأجهزوا على من بقي من عناصر الحامية ولم ينجو  إلا اثنين نالت منهما الجراح، وظنهما المستعمرون في عداد الأموات وهما الشرطيان إبراهيم الشلاح ومحمد مدور اللذان حملا لقب الشهيد الحي وعاشا إلى زمن قريب يرويان تفاصيل تلك الجريمة الاستعمارية وبطولات شهداء ذلك اليوم.

 

ولم يقتصر عدوان التاسع والعشرين من أيار على مجزرة البرلمان بل طال مدينة دمشق بأسرها وباقي المدن والبلدات السورية وفق خطة مبيتة ، وقد صدرت إحصائيات آنذاك قالت إن عدد الشهداء من المدنيين بدمشق في ذلك اليوم بلغ 600شهيداً وأن الجرحى بلغوا 1700 جريحاً.

 

هذه الأعمال لم تسعف المستعمرين ولم تمكنهم من إخضاع الشعب المقاوم وقهر إرادته الوطنية بل زادته إصراراً على النضال والمقاومة في وجه احتلال دام على مدى ربع قرن ونيف بأشكال مختلفة، وبقي السوريون يواجهون المحتلين ويقضّون مضاجعهم ملحقين بهم الخسائر تلو الخسائر في الأفراد والمعدات، إلى أن تحقق له ما أراد بجلاء آخر جندي مستعمر عن أرض الوطن في 16 نيسان عام 1946.

 

بين أحداث الماضي وأحداث اليوم.. يبدو أن المستعمر لم يتعلم من دروس التاريخ، ليعود اليوم مواصلة سياسته الاستعمارية بكافة أشكالها، سياسة استعمارية واحدة في المضمون وان تغير الاسلوب والشكل، ذاتها فرنسا وحلفاؤها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية وتضامناً مع الكيان "الإسرائيلي" المحتل،  تمارس عدوانها على سورية مجدداً ، ولكن بلوبس أخر وغير مباشر مستخدمين بذلك الإرهاب، ومرتزقة تم جمعهم من جنبات الارض الاربعة، ليشكلوا من خلالهم مجموعات من شذاذا الافاق والمجرمين، ويحملونهم رايات الحرية والديمقراطية، وشعارات كانت البوابة لتدخلهم بشؤون الاخر، شعارات اقلها الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الشعوب، لكن أكاذيبهم لم تنطل كما السابق على الشعب المقاوم الذي أفشل مخططاتهم وهزم انتدابهم محرراً أرضه وكرامته، فسرعان ما سقطت تلك الرايات عند أو ل اختبار، ليطغى الطبع على التطبع، ويمارس كل مجرم من صبية الاستعمار القديم المتجدد، هوياته في القتل والذبح والتكفير.

 

 

يعود اليوم الاستعمار القديم ليجدد أيام أسلافه الخوالي، متناسيا بأن السوريين أيضا لم ينسوا أيام اسلافهم واجدادهم الخوالي في التضحية والمقاومة، وبان الاب قد أورث الابن بندقيته، وغرس فيه معنى الفداء وحب الوطن، ليكون  أكثر تصميماً على هزيمة الإرهاب الذي ترعاه فرنسا وأميركا وحلفاؤها وأدواتهما من مشيخات البترودولار وتركيا العثمانية.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=35438