تحقيقات وتقارير

يوم التحرير و المقاومة.. انقلاب المعادلة.. وسيادة الفكر المقاوم


الإعلام تايم  - لبانة علي

تمر الذكرى السادسة عشرة لتحرير الجنوب وطرد العدو "الإسرائيلي" من معظم الأراضي اللبنانية هناك،  ذكرى تعيد  الصمود الأسطوري الذي سجله محور المقاومة في الدفاع عن الأرض والعرض والكرامة والسيادة،  فقد استطاع حزب الله عام 2000، دحر العدو الإسرائيلي من أرض الجنوب، مُرسخاً معادلة الأمن والإستقرار على جانبي الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية المحتلة، بفضل ما يُعرف بمنظومة الردع أو ما يمكن تسميته بـ "توازن الرعب".

صحيحٌ أن المقاومة الإسلامية في لبنان، تجد نفسها اليوم، منتشرة على عدة جبهات في مواجهة أكثر من تحدٍ معاً، لكن أساس المعركة ما يزال نفسه، الصراع القائم بين الحق المُتمثل بالأطراف الساعية لحرية الشعوب والباطل المُتمثل بالإستكبار الأمريكي وأدواته الصهيونية، والتي منها "الكيان الإسرائيلي".

 

انتصار لبنان والمقاومة في معركة التحرير وفي الظرف الذي تمّ فيه كان انتصاراً صنعته الإرادة المقاومة في ظرف تخلّى فيه العالم عن لبنان، ولم يحرك ساكناً تجاه الرفض الإسرائيلي لتطبيق القرار /425/، وبالتالي إنّ مَن حرّر الجنوب هو المقاوم الذي بدا وحيداً وغريباً في وطنه تتنكر له شرائح سياسية واسعة ولا تؤيده من الشعب إلا الأقلية الملتزمة، لكنه عمل وأصرّ على السير في طريق من الألغام والأشواك، فثبّت وجوده وانتزع الاعتراف بهذا الوجود ثم ثبّت فعاليته في الميدان.

 

الانتصار اللبناني المقاوم  فرض على "إسرائيل" تحدّياً كبيراً من طبيعة التحديات الوجودية، ولذلك رأيناها تستدعي نخبها مباشرة إلى "هرتزيليا" لعقد مؤتمر وجودي انقلب ليكون مؤتمراً سنوياً دورياً للبحث عن سبل حماية "إسرائيل" وتثبيت وجودها بعد هزيمتها في لبنان والاستفادة من المتغيّرات الدولية إقليمياً وعالمياً.

 

ويؤكد عضو "هيئة العمل الأهلي والوطني" في القدس المحتلة راسم عبيدات في تصريح صحفي له" أن ما جرى في ذلك اليوم هو مدعاة فخر للأمة جمعاء؛ سيما وأنه وضع حداً لمسلسل الهزائم والانكسارات التي جلبتها المنظومة الرسمية المتخاذلة، والمتآمرة على مسيرة المقاومة منذ زمن بعيد".

 

وأضاف عبيدات، "لقد كان الـ25 من أيار بداية تحول في تاريخ العرب المعاصر، ومفصلاً هاماً ترك آثاره على ملامح الصراع في المنطقة، وأسس لتحولات كبيرة مغيِّرًا موازين القوى في المنطقة، ومفاهيم الأمن للدول، ووضع الكيان العنصري الصهيوني في مكان حرج يتهدد مستقبله بعد أن كان من المستحيل مجرد التفكير بمناقشة قوته الأسطورية، وبأن جيشه لا يقهر (..) هذا الانتصار أحدث هزة في التفكير  السياسي والاستراتيجي، ما جعل الكثير من المعاهد الاستراتيجية تعيد دراسة مفاهيم الأمن والقوة في العالم، فكيف لحركة مقاومة لا تمتلك قوة عسكرية متكافئة، أن تلحق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي المدجج بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا العالمية ... ؟!"

 

ومن جهته، رأى الخبير الاستراتيجي اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي" أن من أهم الأشياء التي حققتها المقاومة في جنوب لبنان هو تأكيد صوابية نهج المواجهة في استرداد الحقوق المسلوبة؛ وأنه لا طائل من وراء السعي لخطب ود "إسرائيل" عبر طرح المبادرة تلو الأخرى للتنازل عن فلسطين وثوابتها".

 

وقال الشرقاوي "لقد أثبت المقاومون الأبطال أن لا مجال أبداً لكسر إرادة الشعوب الحرة التي ترزح تحت الاحتلال مهما كانت الإمكانات التي يملكها، المقاومة وحدها من تجبر العدو على الانسحاب صاغراً من الأرض التي يغتصبها".

 

لقد رسخ أبطال حزب الله ثقافة المقاومة في المنطقة بكاملها، ونجحوا من خلال تحريرهم الجنوب اللبناني في تعزيز قوة المعسكر المناهض للمشروع "الصهيو-غربي" الذي عرف باسم الشرق الأوسط الجديد من خلال صمود المقاومة وانتصارها فيما بعد خلال حرب تموز 2006، وهو ما انعكس صداه حيث شهدنا انتصار المقاومة الفلسطينية على أرض قطاع غزة في الأعوام 2008، و2012 ، و2014 ، وهذا تحديداً ما يفسر اليوم اشتداد الهجمة على القوى الحية التي أخذت على عاتقها منع انهيار المنطقة أمام أمريكا وإسرائيل ومن يحالفهما".

 

وتبعث هذه القراءات والمواقف بجملة من الرسائل؛ أبرزها أن مسلسل التآمر الغربي والرسمي العربي على القضية المركزية للأمة لن يبلغ مراده؛ فالمقاومة بكل قواها يجمعها ذات المصير؛ لذا فإنها لن تفرط في هدفها المشترك، وهو التصدي للمشروع الاستعماري الذي لا يتهدد فلسطين وحدها؛ وإنما المنطقة بأكملها.

 

مُخطئ من ظن أن إنجاز 25 أيار 2000، كان بعيداً عن التحالف القوي والراسخ بين كلٍ من إيران وسورية وحزب الله، وهو الأمر الذي استمر منذ ذلك الحين حتى اليوم، وهذا ما يقودنا إلى القول أنّ مجتمعاً مقاوماً هذه طبيعته وسلوكه لا يستحق إلا الانتصار، ولذلك قال: السيد  حسن نصرالله "إنه زمن الانتصارات.. وإنّ موعدنا مع الانتصار النهائي بات قريباً وأكيداً"..

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=35327