وجهات نظر

باختصار : سلام "إسرائيل": المزيد من الحروب!

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية


دعوة "اسرائيل" إلى السلام كمن يقول لها استعدي أكثر للحرب، فليس في عرف دولة الصهاينة أن هنالك سلاماً مع العرب، بل إن" سلامها" مع مصر لم يأت من خلال إيمانها بالسلام بل بإخراج أكبر دولة عربية من الصراع الأكبر في المنطقة.

 

عندما نفهم لماذا أقيمت "اسرائيل" وماذا أضاف عليها قادتها من مؤسسيها وحتى آخر اسم فيهم، سنجد أولا تحقيق شعارها من النيل إلى الفرات إن لم يكن بالاحتلال المباشر فبالاستيلاء السياسي، وثانياً تحطيم الدول العربية وتحويلها إلى أشلاء، وثالثاً تكسير الجيوش العربية وخاصة تلك التي ترفع لواء تحرير فلسطين، ورابعاً تفتيت العالم العربي بتحويله إلى نتف دول تكون هي الأقوى دائماً والصوت المسموع المهاب. حلم "اسرائيل" بالوصول إلى هذه الأهداف يعني أنها تراهن على الزمن وتملك الصبر في ذلك، ولا بأس أن تضرب عسكرياً عندما تدعو الحاجة.

 

من المستحيل إذن دعوة دولة تملك كل هذه العنصرية والدموية والإجرامية والتفتيتية وغيره لتنشئ سلاماً، وحتى كما هو مطلوب أن يكون مع الفلسطينيين أولا، فقد مضى الوقت الذي تقترب فيه "اسرائيل" من هذا المناخ المطلوب منها، فهي حققت أكثر مما تحلم به نتيجة جبن ورخاوة السلطة الفلسطينية، بل موقف رئيسها محمود عباس الرافض لأي سلاح ولأية مقاومة بل حتى للانتفاضات الشعبية ومن ثم لحملة السكاكين، بل لحملة الأحجار، وربما لكل من لديه مجرد آمال بتحرير فلسطين. إضافة الى حلم الصهانية التاريخي اختراق الضفة الغربية بأكثر من ستمائة مستوطنة، وهذا يعني الكثير "اسرائيلياً".

 

يؤسفنا ألا يتذكر الداعون "إسرائيل" إلى السلام جيداً ما فعله شارون حين رد على الدعوة العربية للسلام التي انطلقت من مؤتمر القمة في بيروت عام 2003 باجتياحه مخيم جنين وتدميره وتحويله إلى قاع صفصفا. كلما امتدت يد السلام إلى الكيان الغاصب فسرها قادته بأنها ضعف يستأهل الرد عليه عسكرياً، أما أن يؤسس حزب الله اللبناني مفهوماً جديداً للردع العسكري يفوق حتى مفهوم التوازن، نجد "اسرائيل" تعيش تخبطات كيفية الخروج من هذا المأزق الجديد عليها، مما دعاها للاستنجاد بدول من المنطقة من أجل مشاركتها البحث عن تصورات هذا الخروج، فكان ما يشبه الحلف غير المعلن الذي يحمل في طياته تلك الغاية الوحيدة.

 

لأول مرة تشعر "إسرائيل" أنها أمام تهديد مصيري، لكن منطق القوة الزائدة يجعلها تكابر .. ولأن الحظ العاثر لدول المنطقة وخاصة سورية ما تعيشه من أزمة مصيرية، يعيش الكيان الاحتلالي بالمقابل ربيعاً حقيقياً يحلم من خلاله أن يصل إلى أهدافه أعلاه طالما أن الوقت حان لذلك. فكيف نطلق كلمة سلام مع كيان هذه هي أهدافه وتلك هي خططه القائمة على محو أمة بكاملها.

 

إذن دعوة "إسرائيل" للسلام معناه المزيد من حصولها على السلاح الأحدث في العالم، والاستعداد لحروب جديدة، فتكون بذلك كأنها كلمة السر لكيان ولد لهذه الغاية، ويعيش عليها .. بل كأننا نقول له لكي تحقق سلامك عليك أن تحقق غاياتك عسكرياً فهي ستوصلك إلى السلام، وبالتالي نحن إلى جانبك ومعك فخذ المبادرات واطمئن إلى أن خطواتك مصانة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=35203