وجهات نظر

ترويض الرياض...!!

نبيه البرجي


الاعلام تايم_الديار اللبنانية

في مجتمعاتنا نلجأ الى الصلاة لكي يرأف الله بنا( ولا نعتقد أن هذا يحدث فعلا). ماذا ترانا نفعل لكي ترأف أميركا بنا؟
مثلما هناك شيء من الله في كل واحد منا، هناك شيء من اميركا في كل واحد منا، ومن زجاجة البيبسي كولا وحتى الشبكة العنكبوتية، مروراً بسراويل الجينز وشفتي مارلين مونرو، وصولا الى الهوت دوغ والروك اندرول...
هي الدولة الاسطورية بكل تجلياتها وبكل أهوالها. من لحظة هيروشيما الى لحظة القمر، من ارنست همنغواي الى الليدي غاغا، ومن جوائز نوبل التي تتكدس في خزائنها الى تقارير وكالة الاستخبارات المركزية حول الاغتيالات في أصقاع الدنيا، ومن الصواريخ العابرة للقارات، والعابرة للازمنة، الى الضياع في ازقة مقاديشو...

هي دولة السيناريوات المجنونة. تفتح الباب أمام كيم جونغ اون لكي يصنع القنبلة النووية، فتبقى اليابان وكوريا الجنوبية في السلة الاميركية، ثم تفرض عقوبات على بيونغ يانغ وتمنع عنها عيدان الثقاب واقراص الاسبيرين.
اللائحة طويلة في دولة صنعها البشر لتكون لكل البشر( هكذا قال بنيامين فرنكلين)، فإذا بها، غالبا، ضد كل البشر. تدفع بشارل ديغول الى خارج الاليزيه، وكاد فرنكلين روزفلت الذي يكره الجنرال ان يقتطع جزءا من فرنسا لإنشاء دولة فالونيا، وتدفن انطوني ايدن حياً لأنه لم يدرك ان الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ولا القمر، ولا كل كواكب الدنيا، باتت الامبراطورية الاميركية...
قلنا إنها نسخة بشرية عن القضاء والقدر. لاحظوا صلاحيات وزارة الخزانة الاميركية، أليست اوسع بكثير من صلاحيات القضاء والقدر؟
عربياً، لا نفهم انفسنا لنفهم اميركا. أحيانا تنحني أمام رجل عمل حمالا في باريس ويدعى هوشي منه، أو أمام رجل هبط من الجبال ويدعى فيديل كاسترو. لماذا وحدهم العرب تنظر اليهم وتتعامل معهم على أنهم جواري البلاط؟
أي دولة في العالم قدمت خدمات استراتيجية، ومالية، وسياسية، ولوجيستية، وإعلامية، للولايات المتحدة مثل المملكة العربية السعودية التي كانت، من أجل عيون جون فوستر دالاس، تحارب الشيوعية في غواتيمالا، وتهرّب المصاحف الى أهل طشقند حتى لا يقعوا في غواية كارل ماركس وكتابه "رأس المال"...

ومن أجل عيون أميركا حطمت جمال عبد الناصر، وأطلقت مبادرة ديبلوماسية بريش النعام للصلح مع أرييل شارون الذي لا يرى في كل العرب سوى قطعان من الدجاج...
وبالرغم من ذلك، كان ريتشارد بيرل، وفي عهد جورج دبليوبوش، يستدعي الباحثين الى البنتاغون ليتحدثوا للجنرالات عن أهوال السلطة في المملكة، وكانت الصحف والشاشات تحفل بالتحقيقات والتقارير حول الملوك والامراء. الم يقل بوش إياه للرئيس رفيق الحريري، وفي البيت الابيض، أن "صاحبك"، أي الملك فهد، أنفق ملياري دولار في ماربيا خلال ذلك الصيف؟
حقا من يفهم أميركا التي هي من وظفت ايديولوجيا إسلامية معينة لاستقطاب الرجال السعوديين، والاموال السعودية، لطرد السوفيات من أفغانستان، وهل يتذكر الاميركيون ما قاله ريتشارد هيلمز، وكان مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية، في اسامة بن لادن؟

بكل بساطة كان في رأس قادة الـ "سي.آي.اي" تتويجه ملكا على شبه الجزيرة العربية...
الان، يقر مجلس الشيوخ الاميركي(وهنا، هنا اميركا) بالإجماع اقتراح قانون يتيح لضحايا تفجيرات 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة ملاحقة المملكة قضائيا(هنا ايضا ما هو ابعد من القضاء والقدر) لدورها المفترض في هذه التفجيرات.

هيلاري كلينتون أعلنت دعمها لمشروع القانون الذي قدمه السناتور الديمقراطي شاك شومر ونظيره الجمهوري جون كورنين. ماذا عن دونالد ترامب؟ حدث ولا حرج...
أي دور للمملكة في ما حدث، الا اذا كان نجوم تلة الكابيتول يعتبرون أن البنية الايديولوجية فيها هي المسؤولة عن إنتاج اولئك الرجال؟ أليست الولايات المتحدة هي من تحمي السعودية، بأساطيلها، من كل "سوء"، ومنذ اللقاء الشهير على متن البارجة كوينسي في قناة السويس بين الملك عبد العزيز ال سعود والرئيس فرنكلين روزفلت في شباط 1945..
ترويض الرياض. غريب أمر الاميركيين، وغريب أمر عادل الجبير حين يهدد ببيع سندات خزينة بمبلغ 750 مليار دولار. هل يستطيع؟ وهل يمكنه أن يحمي الاستثمارات السعودية هناك والتي تقدر بتريليوني دولار؟ يا رجل، باستطاعة اميركا أن تحجب عنا الهواء. هذه حرب لا تكافؤ فيها. ماذا يفترض بالمملكة أن تفعل أكثر مما فعلته؟
حلمنا أن تثور السعودية على واشنطن التي كل رؤسائها وعدونا بدولة فلسطينية، ولو داخل خيمة. حتى بالقفازات الحريرية لا يستطيعون الضغط على بنيامين نتنياهو. معنا العصا، ونحطم رؤوسكم ومهما طأطأت رؤوسكم!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=35160