وجهات نظر

باختصار : الغالب والمغلوب في سورية

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية

لا أعتقد أن فكرة لا غالب ولا مغلوب ستكون نتيجة الواقع الحالي للأزمة السورية .. لكن على ما يبدو ليس مسموحاً أن يكون هنالك غالب وآخر مغلوب .. حتى الآن تجري المعادلة على هذا الأساس، وينتبه الكل إلى هذه النقطة بالذات. ومع هذا يستميت من هم وراء الإرهاب لإرساء نتيجة غالب لإرهابهم بأية صورة ممكنة.
 

سادت في بداية الأزمة ان الرئيس الأسد مغلوباً خلال أسابيع وفي أقصى الحالات شهوراً قليلة، وكلما لم يتحقق هذا المبدأ، كان البحث يجري عن الأسباب، فإذا بها خارجية، لكنها أيضاً داخلية بالضرورة. لعلنا نتذكر جيداً كل المحاولات التي جرت مع موسكو لتأليبها على الأسد، لكنها لم تنفع .. مع أن المؤلبين لم يتذكروا أيضاً أن هنالك شراكة موسكوبية مع طهران التي تلتزم الرئيس السوري بما لا يقبل النقاش إطلاقاً.

 

أما في الداخل، فتنبه هؤلاء إلى روح الجيش العربي السوري وشعبية الرئيس الأسد، وقدرة النظام والدولة على الإمساك بكل أوراق هذا الداخل وفي طليعتها المؤسسات الرسمية وكل ما يهم الشعب السوري الداعم بقوة لرئيسه. تفاجأ هؤلاء، وكانت ظنونهم قد راحت إلى العراق وكيف تعامل العراقيون مع إسقاط رئيسهم صدام حسين، حتى أن المشاهدين لما جرى في ساحة الفردوس ببغداد حين أسقط تمثال صدام، كادوا يحسمون بأن الشعب العراقي استقبل بالورود والرياحين المحتل الاميركي وأنه سيتعامل معه بمحبة تستمر طويلاً .. فإذا بشعب العراق يضرب أخماساً بأسداس، فتبدأ فكرة المقاومة دون تردد .. تماماً كما حصل للجيش الاسرائيلي حين دخل جنوب لبنان لسحق المقاومة الفلسطينية فكان أن استقبله البعض بالورود، لكنه بعد أيام رمى الورد وحمل سلاحه وبدأ مقاومته. لم يحدث مثل هذا الأمر في سورية ولن يحدث مهما كانت التكاليف، هنالك ارتباط عضوي بين الرئيس الأسد وشعبه، أجيال ورثت زعامة الرئيس حافظ الأسد وحفظت له ما فعله من أجل سورية.

 

لن يغلب أحد سورية، لا الإرهاب ولا الأميركي ولا غيره، لكن هذا لا يعني أيضاً أنها قد تكون الغالب في ظروف التعقيدات العسكرية والسياسية فيها، رغم قرار بعض حلفائها بحسم معركة حلب مثلاً، وكلنا نعرف معنى حرب حلب وأبعادها وتراكم المتدخلين فيها، ووصولها إلى المفهوم الذي يتعامل معه كونها تدولت، ولا يمكن لأحد أن ينتصر فيها ضمن الظروف هذه وهي حالية في كل الاحوال، ولا ندري بعد مدة إذا ما تغيرت.

 

هذه النتائج كلها سيتحملها السوريون اعباء اضافية، سواء عسكرية أو اقتصادية أو اجتماعية غيره، ستظل الليرة محل شبهات ولن تستقر على حال لأنها عنوان الأزمة وواجهتها. تجربة الليرة عرفها لبنان فكانت ايضا عنوان حربه الطويلة، تصوروا مثلا ان الدولار كان يساوي قبل الحرب ليرتين لبنانيتين وبضعة قروش، صار اليوم الفا وخمسمائة ليرة للدولار الواحد، كم هو الفرق كبير.
سيطرأ الكثير من المتغيرات على الحياة في سورية، وسيشربها الشعب السوي بالتقسيط، لكنه مجبر على التعامل معها لأن الدولة السورية ذاتها لن تستطيع مقاومتها كونها عنصراً إجبارياً في التغيير الذي سيطرأ وأكثرها ضغوطاً، ثم هي في متن الواقع السوري الداخلي الجديد.


فمن سيغلب في حرب هي سلسلة خروب بينها وقفات أشبه بإعادة نظر أو استراتيجيات محاربين.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=34955