وجهات نظر

ما بين الصهيونية والوهابية.. وصية مؤسس

طارق ابراهيم


الاعلام تايم_طارق ابراهيم

"أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الفيصل آل سعود، أقرّ وأعترف ألف مرة، لسير برسي كوكس، مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم، كما تراه بريطانيا، التي لا أخرج عن رأيها، حتى تصيح الساعة"... هذا الكلام ليس افتراء على مؤسس مملكة بني سعود في صحراء الربع الخالي، إنما يعود لوثيقة تاريخية (في مؤتمر العقير عام 1922)، هدد بها السعودي البريطاني جون فيلبي أو كما يدعى "الشيخ عبدالله" ابن عبد العزيز سعود وولي عهده فيصل 1954 بنشرها إذا لم يتم إعادته من منفاه في بيروت الى نجد.إذاً.. "التطبيع" إن صح التعبير.. ليس وليد اللحظة، ولم يكن أبداً على سبيل "عدو عدوي هو صديقي" في إشارة الى "العدو المشترك" إيران، وما يحدث الآن من غزل سعودي للكيان الاسرائيلي، هو التزام من أبناء وأحفاد المؤسس عبد العزيز بتنفيذ وصيته التي عطفت على "الصهاينة المساكين"، وهذا الامر الوحيد الذي التزموا به، لان عهدنا عنهم أن لا ذمة لهم ولا مواثيق.

ممثلو "خزنة الاسلام" و"حماة المقدسات الاسلامية" يصافحون من سماهم تشريع يدّعون تمثيله بقتلة الانبياء وأعداء الانسانية، ذلك هو "الحدث المستحيل"، الذي جعل أقلام الكتاب والمحللين في صحف العالم تلهث وراء معلومة هنا وهناك ليغنوا تقاريرهم، لكنهم وصلوا متأخرين فالجديد برأيهم هو قديم قديم، ويعود الى بدايات القرن الماضي كما أشرنا في مقدمة المقال، كما أن أولئك الكتاب تجاهلوا اجتماع الحلف اللعين للكيانين واجتماعهما على مائدة واحدة فيها ما لذ وطاب من أشلاء أطفال سورية والعراق واليمن و.. و.. الخ.

الجديد في الغزل السعودي الاسرائيلي أنه لم يعد عذرياً بل صار إباحياً علنياً، عبر معلقات، و"كامبديفيديات"، قريباً ستكون على جدار الكعبة، وفي الجنادرية (معرض سعودي لإنجازات بني سعود). الصهاينة بدورهم بادروهم بنفس العشق فهذا نائب وزير خارجية الكيان الاسرائيلي المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يقول "نحن سعداء جداً أن نرى اليوم أن التغييرات العقلية العربية وأن الدول العربية لا تعتبر إسرائيل عدوا لها بعد الآن"، بينما وعلى هامش منتدى دافوس الاقتصادي بسويسرا، اعترف نتنياهو بعلاقته الحميمة مع الكيان السعودي قائلاً "السعودية كما هم كثر في العالم العربي، ترى في إسرائيل حليفاً وليس تهديداً".

الغزل السعودي كان أكثر حميمية.. بدأه السعوديون بشراء مبنى فخم من ثلاثة طوابق على مقربة من القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة الواقعة في "14 شارع ديفيد فلاسر" ودعوة شخصيات هامة في كيان الاحتلال، منهم رئيس الكيان ورئيس حكومته وأعضاء بارزين في "الكنيست الاسرائيلي" الى مأدبة رسمية.. وما غفل عنه الغافلون.. ما زل به لسان امبراطور المال الخليجي الوليد بن طلال أحد أمراء بني سعود والذي تولى إدارة شؤون المائدة التي قدمت فيها أشهى الأطباق المطبوخة بالدم العربي.."أنا حقا فخور لكوني أول سفير لخادم الحرمين الشريفين في هذا البلد الجميل.. "إسرائيل" هي جزيرة من الاستقرار في واحدة من أكثر  المناطق المضطربة من العالم"، أمّا رئيس الاستخبارات السابق تركي الفيصل فقال في مناظرة له مع ممثل عن الكيان الصهيوني في معهد واشنطن "بالعقول العربية والمال اليهودي يمكن المضي قدما بصورة جيدة.. واستطرد:.. "التعاون بين الدول العربية و"إسرائيل" لمواجهة، ما وصفها، بالتحديات ستكون مدعمة بصورة أقوى في ظرف يكون فيه سلام بين الطرفين".

ولعل ما قاله الجنرال السعودي السابق، والمقرب من دوائر صنع القرار في مملكة بني سعود أنور عشقي هو البرهان والحجة الدامغة  التي كشفت عن مدى التقارب السعودي – الاسرائيلي، عندما وصف نتنياهو في تصريح لقناة (124 news ) الاسرائيلية بعبارة أزالت القناع عن الوجه الحقيقي لأبناء وأحفاد عبد العزيز.."نحن بحاجه الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، لأنه رجل قوي ، وهو رجل منطقي كما هو واقعي أيضا" .

لن نقول لك إذا نطق السفيه فلا تجبه.. بل سنوضح لكل غافل أن ما يفعله الفيصل وعشقي وبن طلال وسواهم من أولاد عبد العزيز هو واجب الابن المطيع والبار لأولاد عمومته. 

وإذا انتقلنا الى الجانب العملي.. هنا السعوديون يخالفون عقيدتهم التي تصفهم بأنهم "يقولون ما لا يفعلون".. لنجد أن وثائق مسربة من عقر الكيان الصهيوني تكشف عن مذكرات تفاهم بين الجانبين، وتعاون عسكري، وقوة بحرية مشتركة في جزيرة تيران، واستضافة عدد من الضباط السعوديين(109 ضباط) في دورات تدريبية بإشراف ضباط إسرائيليين، بقاعدة بولونيوم البحرية في ميناء حيفا بفلسطين المحتلة العام الماضي.
الموقع الاميركي " "Veterans Today ذهب الى أبعد من هذا عندما ذكر تفاصيل التفاهم الاسرائيلي السعودي الذي جرى في حيفا على البحر الاحمر في 2014 بفلسطين المحتلة، وهو اتفاقية تعاون عسكري بين الرياض وتل "ابيب"، يشرف على تنفيذها من الجانب الإسرائيليّ الجنرال دافيد سلامي، أما الجانب السعوديّ فيترأسه الجنرال صالح الزهراني .

وفي وقت سابق من العام 1981، كشفت صحيفة هآرتس الاسرائيلية، أن الرياض أنقذت سفينة صواريخ إسرائيلية، كانت تقصف لبنان ودخلت عن طريق الخطأ إلى مضيق تيران، أما في العام  1991  وعبر مذكرة سرية إسرائيلية  قدّمت إلى الرئيس الأميركي جورج بوش، جاء ما يلي: إن السعودية تعتبر الحجر الأساس في سياستنا القومية والدولية، فقد كنا نعتقد دائماً بأن سياسة حماية "إسرائيل" وإبقائها قوية يمكن ترسيخهما بوجود النظام السعودي .

فيما كشفت وثيقة  في أيار 2007سربها موقع "ويكيليكس" في اذار الماضي ، التعاون الاستخباري بين السعودية والموساد، والذي تضمن عقد صفقات لبيع السعوديين معدات أمنية، معلومات استخبارية، وخدمات استشارية، يتولاها مجموعة من ضباط الموساد.
بعد كل هذا، هل بقي مجال للشك بأن كل ما فعله ويفعله السعوديون هو تنفيذاً لوصية جدهم بأن يبقوا على العهد في خدمة "اسرائيل" وحماية أمنها.. وللإعلام نقول لا داعي للتطبيل والتزمير كلما حدثت مصافحة أو مقابلة أو مناظرة بين شخصيات تمثل رسمياً الكيانين الصهيوني والسعودي.. ولم يعد التمويه والانكار ذا فائدة طالما أن االصهيونية والوهابية وقعتا في المحظور وكشفتا عن الاصل الذي أنتجهما لذات الغاية، ألا وهي تدمير الاسلام والمسلمين.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=34889