وجهات نظر

باختصار : تدمر تنشر الفرح

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن


رغم المشاهد الحزينة والمؤلمة في بعض المناطق السورية، ظل عشق الحياة قائما، فالفرح المغروس في النفوس عاد إلى قواعده الثابتة وأشرق في تدمر، التي عادت إليها زهوتها واحتفالاتها، ومن ثم كهرباؤها، بعد أن تم تنظيفها من الإرهاب، لقد كان الجمع الشعبي في تلك المدينة التاريخية معنى لفرصة التعبير عن أنس العربي السوري بإنجازات جيشه الذي مازال على خطوط النار وفي قلب المعارك وعلى خرائط الخطط لتأمين استمرار الحياة لعشاقها.

 

تلك هي سورية وعلى طبيعتها المعروفة، كل في معركة الصمود، الفنانون يصنعون الفرحة، ويرسمون الأمل، ويطرحون رؤية القلب لمحبي سورية، والعلماء مازالوا يوظفون عقولهم في معركة المصير دون أن ينسوا ما بعده، والطلاب يذهبون إلى مدارسهم على حلم الأيام السعيدة القادمة بكل اختصاصاتها، والعمال يزرعون أيديهم تعباً من أجل أن يأكل السوري ويلبس ويعيش مشروع آماله .. ولا ينقص الفلاح السوري سوى بعض الهدوء كي ينعش أرضه لتأكل سورية من خيرها العميم.

 

رقص السوريون وهتفوا في تدمر، اشتاقوا إلى مدينتهم الأجمل المرسومة على خارطة العالم ، وهل تستوي النظرة إلى التاريخ بدون ملامسة تدمر، بل هل يمكن فهم تاريخ المقاومة إذا لم نعرف من تكن زنوبيا وماذا فعلت وكتبت وقالت، كل حجر في تدمر ترن فيه أصوات الأبطال الذين حرروها ، صدى أساطير أبطال الجيش مازالت عالقة في ثرى المدينة وفي جنباتها وشوارعها .. كانت معركة يحق للجيش العربي السوري أن لاينساها، ويجب أن تدرس في كل الأكاديميات العالمية العسكرية باعتبارها فتح الفتوح في الحروب.

 

لبست تدمر أثوابها المطرزة بمهارة الصانع الفنان السوري، فيما كان العلم يلامس هواء المدينة منتعشاً تحت سمائها وهو الباقي دائماً، وهل أحلى من تدمر سوى تدمر التي دفعت دماً كي تتخلص من دنس علق بها مدة ثم انزاح عن صدرها، بعدما اختنقت المدينة بوجوده، كنا نعرف أن صبحها قادم لامحالة، كيلا تتعب زنوبيا طويلاً ولكيلا تموت مرتين .. وفاء لهذه البطلة التي قالت كلمات التحدي في وجه امبراطورية عاتية، كانت حرية مدينتها تحية لروحها.

 

كان لافتاً عودة الروح إلى مدينة التاريخ، وعودة الناس إلى الاحتفال بها، وعودة الموسيقى الشجية لتنهض الكلمات العاشقة. فتدمر تعرف أي المواعيد لها، وهي في سر أيامها سر وجود دائم. إنها ابنة الحلم على مر الأيام، غاب جسد زنوبيا، لكنها ظلت روحاً، وهو ما جسده الجيش العربي السوري يوم أعاد صورة المكان إلى كنهه.

 

جميل مشهد المحتفلين وسط أطلال الماضي، والأجمل إحساسهم بأنهم عادوا إلى حيث أن يجب أن يعودوا وهم على علم بأن جيشهم الوطني مازال ساهراً على المدينة وعلى سورية كلها، وسيظل يمارس عدم النعاس من أجل صحوة دائمة لتحرير ما تبقى.

 

كل سورية كانت في تدمر، بل كل العرب الشرفاء، فيما كان التركي على عجبه وبعض العربي على حسرته، ومثلما خسروا الرهان على تدمر، سيخسرونه في كل مكان من أرض سورية الأبية.. ثمة شهور صعبة قادمة كما يقول قائد المقاومة حسن نصرالله ، لكن الصبر إلى جانب التضحية كفيل بتحقيق النصر النهائي.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=34622