وجهات نظر

بين حلب وستالينغراد


الاعلام تايم - البعث

 

هي حلقة في سلسلة الاستهداف التدميري الممنهج لسورية شعباً وتاريخاً وحضارة، هي حلب التي دخلها مرتزقة الناتو وآل سعود وأردوغان عنوة لأنهم يدركون أنها إذا سقطت سيحققون الجزء الأكبر من المخطط الجهنمي لتقسيم المقسّم وتجزئة المجزأ إلى كانتونات متصارعة فيما بينها بذريعة ما يسمى “الربيع العربي”.

 

ولذلك لم يهنأ أهالي حلب منذ أربع سنوات بيوم هادئ، سرقت معاملهم وحرموا حتى من مياه الشرب، ودمّر الإرهاب أحياءهم ومدارسهم وأسواقهم العتيقة ودور عبادتهم وهجّر مئات الآلاف منهم، واستشهد الآلاف غيرهم، لكنهم صمدوا ورفضوا مغادرة أرض الآباء والأجداد، وفي سبيل ذلك تحمّلوا ما تنوء به الجبال، لتصبح حلب بحق أسطورة الصمود في هذا العصر.

 

ما يحدث في حلب اليوم لا يمكن فصله عن مجمل ما يجري في سورية وعلى طاولات الحوار في جنيف، ويأتي في سياق المخطط الغربي المرسوم بدقة فائقة، وآخر بنوده كان استماتة الإدارة الأمريكية ، في حماية فلول الإرهابيين ومن ثمّ غض الطرف عن الخروقات اليومية من قبل التنظيمات التكفيرية للاتفاق، والتي ارتفعت وتيرتها وارتقت إلى حد جرائم بحق الإنسانية، ومن ثم سحب “وفدهم “المفاوض في جنيف المتمثّل بمعارضة الرياض، وبعد كل ذلك يخرج إلينا “كيري”، الذي لم ينطق يوماً بكلمة حق، بتصريحات يحمّل فيها الدولة السورية المسؤولية عن مجمل الاعتداءات، في مشهد يعكس حقيقة تاريخ أمريكا الحافل بالنفاق والعدوان المباشر أو عن طريق الوكلاء من شذاذ الآفاق.

 

من اليوم وصاعداً لا يمكن الرهان على أن من قتل ودمّر وشرّد ونفخ في نار الأزمة أن يكون طرفاً في إيجاد مخرجات لتسوية الأزمة، ولو حاول الظهور بزي المخلّص، فهو يخفي خلف الياقات والجُمل المنمّقة رجل “الكاوبوي” الذي لا يعرف إلا لغة القوة الكاسحة، وفي سبيل الوصول إلى أهدافه لا يهمه كم تزهق من أرواح، وإن كان ذلك بالتعاون مع التنظيمات التكفيرية، وخير ما يدلل على ذلك ما كشفه وزير الخارجية الروسي قبل يومين بأن واشنطن طالبت موسكو بضم مواقع تحت سيطرة “جبهة النصرة” إلى مناطق نظام التهدئة في حلب.

 

وعليه فإن معركة حلب آتية لا محالة مهما تخلل ذلك من وقف للأعمال القتالية، وعلى ضوء نتائجها ستحدد معالم الخارطة الجيوسياسية الجديدة للعالم ولعل ما جاء في برقية الرئيس الأسد، أمس، للرئيس بوتين “بأن مدينة حلب اليوم كما جميع المدن السورية تعانق ستالينغراد البطلة.. وأن مدننا وقرانا وشعبنا وجيشنا الأبي لن يقبلوا بأقل من دحر هذا العدوان وتحقيق الانتصار”، هو أبلغ مقاربة لما ستؤول إليه الأمور.

 

وكما كانت معركة ستالينغراد إحدى أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية ستكون معركة حلب بيد رجال الجيش العربي السوري وبالتعاون مع أهالي حلب بوابة العبور نحو تحقيق الانتصار النهائي على الإرهاب وداعميه.

 

عماد سالم

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=34569