تحقيقات وتقارير

الليرة السورية .....ماذا حدث؟


الاعلام تايم_رنا موالدي

(الاقتصاد عصب الحياة) هكذا يقول خبراء الاقتصاد ، حيث ينعكس دائماً على الوضع المعيشي ، وقد تأثر بشدة خلال الحرب على سورية ، فالحرب التي تشهدها سورية منذ نحو خمس سنوات أعادت عجلة الاقتصاد عقوداً إلى الوراء، وذلك بعدما كان يُصنف اقتصادها في السابق على أنه اقتصاد رائد واعد.
 

فقد تعرضت سورية خلال سنوات الحرب لعقوبات وحصار اقتصادي كبير، وشهد الدولار ارتفاعات مستمرة، قابلها هبوط واضح في قيمة الليرة السورية، وارتفاع جنوني في أسعار بعض السلع والمواد، حيث فقدت الليرة السورية أكثر من 88% من قيمتها خلال الأزمة، لينعكس ذلك على الواقع الاقتصادي والمعاشي للمواطنين السوريين، الذين أصبحوا أمام الواقع الحالي يبدون عاجزين عن تأمين مستلزماتهم اليومية.
ومع جميع التطورات الأمنية والاقتصادية، هبطت  الليرة لمستويات أضعفت القوة الشرائية، ودفعت بمستويات التضخم إلى نسب عالية ، رافعة معها الأسعار لمستويات غير مقبولة لا تتناسب مع متوسط الرواتب والأجور.

 

الاقتصاد السوري.. ماذا حدث؟
إن استمرار الأزمة، وزيادة الطلب على العملات الأجنبية، وظهور آثار الحصار المفروض على سورية، خفض قيمة الاحتياط النقدي، وأدى إلى توقف نسبي كبير في عجلة الإنتاج الوطني، نتيجة توقف الكثير من المعامل والمصانع الإنتاجية، وتدمير البنية التحتية للاقتصاد الوطني، والخراب والدمار، الذي لحق بكل من محطات وشبكات الكهرباء، والطرقات والجسور، وشبكات المياه، نتيجة استهدافها من قبل المجموعات الإرهابية ،ما أدى إلى انخفاض الإنتاج من السلع والمواد الأساسية، الأمر الذي دفع بالحكومة نحو الاستيراد من الخارج، لتغطية حاجة السوق المحلية من السلع والمواد، وخاصة الوقود والمحروقات، الأمر الذي شكل بداية نزيف الاحتياطي النقدي للمصرف المركزي.
 

التحقيق في واقع الليرة السورية وانعكاس حالها على  غلاء الأسعار يدخلنا في متاهات كثيرة ومتشعبة،  إلا أن ما يمكن أن نثبته على الواقع أن القضية أصبحت حديث المجتمع، وانعكست آثارها على المجتمع السوري، وأصبحت السبب الرئيسي لكثير من القضايا الأسرية ففي استطلاع أجراه "الإعلام تايم" ، أكدت أم محمد 38 عام أن الغلاء تحول إلى غول يلتهم دخل الأسر، ولم يعد يفرق بين سلعة ضرورية وأخرى ترفيهية، لذا ليس غريباً أن يشعر رب الأسرة في بعض الأحيان بالعجز لأنه فشل في توفير احتياجات زوجته وأولاده من مستلزمات المأكل والمشرب والملبس، والنتيجة ظهور سلبيات لا حصر لها منها التهديد الصريح للاستقرار الأسري.
 

أما سامية ولديها 3 أبناء تقول" حالتي الاقتصادية والاجتماعية مأساوية، موضحة أن زوجها  مفقود، و تعيل أبناءها ولا تجد ما يكفيهم من احتياجات، مشيرة أنها اضطرت إلى بيع أثاث المنزل لتوفير بعض المطالبات الأساسية، لأن الطفل يقارن نفسه بزملائه ويشعر بالدونية مما يصيبه بأمراض نفسية لا تتحملها الأم.
 

وقد ترافقت موجة ارتفاع الأسعار ليس فقط مع ارتفاع صرف الدولار مقابل الليرة السورية، حيث قال وسيم طالب جامعي"إن الغلاء ترافق أيضاً مع نشوء مجموعات كبيرة من المستفيدين والمنتفعين من مشكلة الغلاء انتهزوا الفرصة ليتاجروا بالمواد والسلع يقدموا على شراء كميات كبيرة ثم يعيدون طرحها على دفعات فيزيدون في الأسعار" .
 

ما العمل؟
 

بالرغم من صعوبة  الواقع الاقتصادي الحالي، وتعقد المشهد السياسي ، لابد من البحث عن الطرق والوسائل الكفيلة بإيقاف التدهور الحاصل في قيمة الليرة السورية أولاً، والبحث ثانياً عن استراتيجيات مناسبة لدعم قوتها وضمن الإمكانات الاقتصادية المتاحة، حيث اتبع المصرف المركزي سياسة التدخل في سوق الصرف، بهدف الحفاظ على الاستقرار ولو النسبي في قيمة الليرة السورية، وذلك عبر جلسات بيع القطع الأجنبي للمصارف ومؤسسات الصرافة المرخصة، ليصار إلى تحويلها للسوق المحلية لتغطية إجازات الاستيراد المنفذة وغير المنفذة والمقدرة ما بين 15 – 17 مليون دولار يومياً، بحسب وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية  يغطي المصرف المركزي، منها نسبة 10 – 12% فقط، ليبقى الباقي عجزاً يتم اللجوء إلى السوق السوداء ، كما نرى أن بعضاً من القطاعات الإنتاجية الرئيسية قد بدأت مسيرة التعافي، وفُتحت عدد من القنوات البديلة على مستوى التجارة العامة والخاصة تصديراً واستيراداً، ووسع المجتمع الأهلي من دوره في الحياة الاقتصادية، كما نجحت مؤسساته في بناء شبكة تكافل اجتماعي على امتداد المدن والبلدات. 
 

لنساهم في الدفاع عن اقتصادنا
 

يجمع محللون اقتصاديون، أن التخلي عن المنتج المستورد الاجنبي إلا للضرورات القصوى والحالات الطارئة والاعتماد على المنتج المحلي الذي يعتمد الطاقات و الموارد المحلية، إضافةً إلى تشكيل مرجعاً لكل مستهلكينا نبين فيه نوع المنتج الاجنبي المستورد وسعرة وما يقابله من منتج محلي الصنع وسعره وسنرى الفرق في السعر كبيراً وهذا مايجعل اقتصادنا أقل اعتماداً على المنتج الأجنبي, وبالتالي يدفع بالمستورد أو حتى بتجار الأزمات للتخلي عن أرباحهم الخيالية. 
وكذلك عدم الاكتراث إلى تغيرات سعر الدولار طالما أننا نعيش على الأرض السورية ونتعامل ونصرف ونقبض بالعملة المحلية، لأن إثارة الشائعات حول سعر الصرف هي فقط لدفع الأسعار إلى الأعلى حتى لتلك المواد والسلع التي لاعلاقة لها من بعيد أو من قريب بالدولار.

 

بالمقابل فإن الاقتصاديين يسعون لإعطاء تصور وتفسير تطورات واقع الليرة السورية  وعلاقتها بالأسعار، حيث أكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتورعبد القادر عزوز لموقع "الاعلام تايم"، أن الاقتصاد لايبنى إلا ضمن حالة تفاعلية و مسألة سعر صرف الليرة السورية ومن خلال نظرة موضوعية رأى أن سورية استطاعت و حتى الآن ضبط سعر الصرف قياساً بحجم الاستهداف و الظروف المتمثلة بالحرب على سورية وحالة عدم الاستقرار السياسي و نقص المعروض السلعي الموجود وأدوات الدولة في ذلك كانت من خلال عملية تمويل المستوردات اللازمة و تأمين معروض سلعي نسبي خاصة من جهة الاحتياجات الأساسية، قياساً مع جلسات التدخل الإيجابي للمصرف المركزي و التأثير على سعر الصرف لجهة العرض و الطلب، مشيراً إلى ضرورة عدم التخلي عن الدعم والاستفادة من فضاءات اقتصادية خارجية عبر الخطوط الائتمانية وتطويرها والتغلب على الصعوبات الروتينية والبيروقراطية التي وقفت في وجهها، لافتاً أن ارتفاع  الأسعار مرتبط بشكل أو بآخر باحتكار تجار الأزمة لبعض المواد، مع غياب ثقافة التسعير وعدم توعية المنتجين حول علاقة أو عدم علاقة المنتج بالمكون الدولاري، خاتماً أن الأهم هو مدى فعالية القرارات والإجراءات في خدمة هذا القطاع الاقتصادي المهم والحيوي.
 

ومع كل تلك الإجراءات الاقتصادية والمالية التي تشكل  حلولاً إسعافية، لوقف التدهور الحاصل في قيمة الليرة السورية، فإن المسألة تبقى مرتبطة بمدى تحقق الأمن والاستقرار، والتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، ورفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من قبل المجتمع الدولي، مما يضمن توفير المناخ الاقتصادي والاستثماري اللازم لعملية إعادة الإعمار وتعافي الاقتصاد الوطني.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=34525