وجهات نظر

"الثورجية" في حلب.. خير خلف لأسلافهم

طارق ابراهيم


الاعلام تايم_طارق ابراهيم

"سأخبر الله بكل شيء" كلمات أوحى بها الله لطفل حلبي(3 أعوام)، قبل أن يغادر الى السماء، لعل "أولو الابصار" يعتبرون.. ولكن هيهات هيهات.. ففي حلب فقط، تُعلّق الصلوات والقداديس التي لم تتوقف منذ آلاف السنين في مسجد أو كنيسة، إلا  أن سفاحي العصر "الثورجية" الذين أتوا من أصقاع الارض يطالبون بحريتهم في أراضي نشرت خيرها وسلامها للعالم أجمع، أرادوا أن تتوقف الحياة وليس فقط الصلوات.

ما يزيد عن مئة شهيد ومئات الجرحى، حصيلة أولية لهجوم مستمر لـ"الثورجية "على أحياء حلب الآمنة.. مختلف صنوف الأسلحة البدائية والحديثة تستخدم ضد الاطفال والنساء.. إضافة الى استهداف ممنهج للمشافي والمراكز الطبية والشوارع لمنع إسعاف أي جريح أو دفن أي شهيد..

فأتباع الدين الجديد ينتظرون "أوسمة البطولة" من بني عثمان وبني سعود، كما فعل بني صهيون مع أحد جنودهم الذي قتل طفلاً فلسطينياً جريحاً بدم بارد، فهل هناك من شك بأن أردوغان وسلمان وأدواتهم الوهابية الاخوانية في سورية ينفذون برتوكولات بني صهيون بدقة.

"قتل شعب آمن مسألة فيها نظر"، هذا ما يحدث في حلب، ففي نهاية شباط الماضي، دخلت المدينة  في هدوء نسبي غير مسبوق..عادت الحياة إليها، واكتظت شوارعها وأسواقها بالمدنيين والعائدين من مخيمات النزوح، لكن ذلك لم يدم طويلًا، وعاد الدم بغزارة إلى شوارعها، ففي 22 نيسان الماضي، دخلت المدينة منعطفًا جديدًا، بتصعيد غير مسبوق لـ"ثوار" سعوديين وأتراك وتونسيين وأوروبيين جاؤوا لإحراق ما يمكن إحراقه، أو لقتل ما بقي من حياة في المدينة، وتدمير الأبنية والمرافق العامة، وارتكاب مجازرٍ تكاد مراكز التوثيق تعجز عن توثيقها.

تعددت الاسماء والقتل واحد والهدف واحد.. "نور الدين زنكي" والسلطان مراد " وجيش السنة" وأحرار الشام ,"جيش المجاهدين" "استقم كما أمرت".. أخبرونا من يقف وراء تلك التسميات التي وجدت لتدمير المدينة وقتل سكانها الآمنيين، ويستخدمون جرر الغاز(قذائف محلية الصنع) وبيوت الله لتنفيذ مهامهم، ما هو الدافع من وراء ذلك.. أحد قادة الارهابيين يقول "نحن نتواجد في بستان القصر والكلاسة، وفي حي الصاخور، أو أي مكان فيه اشتباك ، وأهدافنا دائمًا محددة ودقيقة"..  وأضاف "لا ندعي أن لدينا دقة 100% ".. إذاً أخبرنا من تصيب قذائفكم.. دقتها مزقت أطفال المدينة ونساءها، فيما يرى آخرون في صفوف "الثورجية" أن "القصف العشوائي غير محدد الهدف، يتعارض مع مبادئ وأخلاق الثورة، والقيم التي نادت بها، والقصف إن لم يكن مصحوبًا بعمل عسكري فهو استهتار بحياة الآخرين، ولا معنى له".. وهنا اعتراف صريح بأن من يقتل ويدمر هم "ثورجية حلب"، وليس الجيش العربي السوري كما يدعي إعلام غربي وعربي لم يكن يوماً من الايام محايداً مع ما يجري في سورية من أحداث، وكيف يكون كذلك وهو من صنع الاحداث وروج لها على أن ما يحدث ليس حرباً على الشعب السوري، بل "مطالبات بالإصلاح"؟.


حلب التي تولى قائد الجيش الانكشاري العثماني رجب طيب أردوغان نهبها ثم إحراقها، لم ولن تنسى مجازر أسلافه من العثمانيين "الانكشارية الاولى" عام  1798 ، وعام 1814، عندما قتلت الكثير من أبنائها، بل وأكثر حيث أعطت الامان لأهلها للخروج الآمن من أحد مساجدها "الاطروش" ثم ما لبثت وقتلتهم جميعاً، وفق ما ورد في كتاب المؤرخ كامل الغزي، "نهر الذهب في تاريخ حلب".


كما لابد أن نستذكر أن تاريخ المدينة مليء بالمجازر ففي العام 1260، سقطت مدينة حلب في يد التتار، وهي أول مدينة شامية واجهت الغزو المغولي بعد سقوط بغداد، حيث أباح هولاكو المدينة لجنوده لمدة 7 أيام، فقتلوا الكثير من أهلها وسبوا العديد من النساء والأطفال، كما نهبوا القصور والممتلكات، وبعد أن انتهوا قاموا بحرقها،  هنا لابد من الاشارة الى تساؤل يطل برأسه في مقاربة بين الحالتين، هل بقي من شك في أن من يدعون "الثورة"، هم خير خلف لأسلافهم المغول والانكشاريين فيما يفعلونه بأبناء حلب وغيرها من المدن السورية، فـ"صبراً سورية على البلوى فكم صهرت سبائك الذهب الغالي فما احترقا".
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=34411